دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- خفضت الحكومة المصرية، حجم الاستدانة عبر تقليص العطاءات المقبولة من أذون الخزانة خلال الربع الثاني من عام 2024، في الوقت الذي حققت فيه الموازنة العامة أكبر فائض أولي في تاريخها بلغ 822 مليار جنيه (17.1 مليار دولار)، ما يمثل 5.87% من الناتج المحلي خلال الفترة من يوليو/تموز إلى مايو/أيار من السنة المالية المنتهية، بعد حصولها على 510 مليار جنيه (10.6 مليار دولار) من صفقة رأس الحكمة.
وأرجع خبراء سبب هذا الاتجاه إلى تراجع أسعار الفائدة على أذون الخزانة، في حين ارتفع العائد على العمليات الرئيسية للبنك المركزي لسحب السيولة من البنوك.
وتعتمد الحكومة المصرية، على تغطية عجز الموازنة العامة للدولة وتدبير احتياجاتها من الإنفاق العاجلة للوزارات والهيئات التابعة لها من خلال إصدار الأوراق المالية (سندات وأذون خزانة)، ويتولى البنك المركزي طرح عطاءات الأوراق المالية الحكومية في السوق الأولي نيابة عن وزارة المالية.
ووفق البيانات المنشورة على موقع المركزي المصري، انخفض حجم العطاءات المقبولة من أذون الخزانة خلال الربع الثاني بشكل لافت، كما تراجعت أسعار الفائدة على أذون الخزانة بنسبة 6% خلال نفس الفترة لتصل إلى متوسط 26% بأقل من سعر "الكوريدور" لدى البنك المركزي.
فسّر نائب رئيس بلوم مصر سابقًا، والخبير المصرفي طارق متولي، انخفاض حجم العطاءات المقبولة من أذون الخزانة إلى عاملين؛ الأول تراجع أسعار الفائدة على الأذون من متوسط 32% إلى 26% بنسبة انخفاض وصلت 6% ليصل سعر الفائدة أقل من سعر "الكوريدور"، ثانيًا تزايد اتجاه البنك المركزي إلى سحب سيولة من البنوك بقيمة تفوق التريليون جنيه، من خلال عطاءات السوق المفتوحة وبعائد ثابت مرتفع، حسبما أوضح الخبير.
يجري البنك المركزي المصري العملية الرئيسية بصورة أسبوعية لامتصاص فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي. وتتم العملية عن طريق تقديم البنوك عطاءات بسعر عائد ثابت معلن من قبل لجنة السياسة النقدية. وفي أبريل/نيسان الماضي، عدّل البنك المركزي أسلوب قبول العطاءات الخاصة بالعملية الرئيسية من أسلوب التخصيص إلى أسلوب قبول جميع العطاءات المقدمة.
وأوضح متولي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن سعر العائد على العملية الرئيسية يصل إلى 27.25% لمدة أسبوع، في حين يصل العائد الصافي من عطاء أذون الخزانة أقل 21% لمدة 3 شهور، ولذا توجه معظم البنوك حجم السيولة لديها إلى العملية الرئيسية للاستفادة من أسعار الفائدة بما يحقق لها زيادة في الأرباح.
ويتوقع تقرير لشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، عودة عوائد أذون الخزانة للارتفاع بنسبة ما بين 100 إلى 200 نقطة أساس في حال تزايد الضغوط التضخمية، كما توقع نمو اجمالي ودائع القطاع المصرفي بنحو 27% على أساس سنوي إلى 13.7 تريليون جنيه (285.8 مليار دولار) في عام 2024.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي مدحت نافع، أن خفض حجم العطاءات المقبولة من أذون الخزانة بسبب تراجع الطلب عليها، مما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في تسعير العائد على أذون الخزانة، مُعتبرًا أنه إشارة إلى رغبة المستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومية بزيادة سعر العائد عليها لاستمرار الإقبال على الشراء.
وأضاف نافع، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الموازنة العامة للدولة تلقت تمويلات ضخمة خلال الفترة الماضية من عدة مصادر، على رأسها صفقة رأس الحكمة، التي تعتبر أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر، مما انعكس على نمو الفائض الأولي للموازنة لمستوى قياسي، وخفض عجز الموازنة وسداد الالتزامات الدولية، إلى جانب مصادر أخرى من الضرائب والخدمات وغيرها، مشددًا على ضرورة استغلال هذا الفائض.
حسب التقرير الشهري لوزارة المالية، حققت الموازنة العامة للدولة أعلى إيرادات في تاريخها خلال الفترة من يوليو/تموز إلى مايو/أيار من السنة المالية المنتهية 2023/2024، بلغ 2.2 تريليون جنيه (46.3 مليار دولار)، مما انعكس على تحقيق فائض أولي بلغ 822 مليار جنيه (17.1 مليار دولار)، وتراجع العجز الكلي إلى 499.7 مليار جنيه (10.4 مليار دولار) بنسبة 3.57% من الناتج المحلي الإجمالي.