(CNN) -- مع قيام إدارة بايدن بإيقاف الضغط في مفاوضات وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب في غزة، فإن الهجمات الإسرائيلية الجديدة على حزب الله في لبنان هذا الأسبوع تضيف طبقة أخرى من التعقيد، مما يجعل احتمالات التوصل إلى اتفاق قريب الأجل أكثر صعوبة ــ إن لم تكن مستحيلة ــ على الأقل أثناء سقوط الصواريخ والقنابل.
وفي الأيام الأخيرة، توقف كبار المسؤولين الأمريكيين إلى حد كبير عن الدفع باتجاه مفاوضات وقف إطلاق النار، حسبما قالت مصادر لشبكة CNN، بعد أن رأت الإدارة عدم وجود إرادة سياسية حاليا لدى أي من الجانبين – حماس أو إسرائيل – لإنهاء الصراع.
وحتى مع رفض الرئيس جو بايدن وكبار المساعدين التخلي عن الجهد بالكامل، يُلخص مسؤول بارز في الحزب الديمقراطي مقرب من البيت الأبيض مشاعر بعض المسؤولين المشاركين في تلك المفاوضات بهذه الطريقة: "لا يمكننا أن نريد هذا أكثر مما يريدونه".
واستشهد هذا الشخص أيضاً بعبارة شهيرة لوزير الخارجية السابق جيمس بيكر، الذي قال في عام 1990 في رسالة شهيرة موجهة إلى الحكومة الإسرائيلية حول اتفاق سلام في الشرق الأوسط: "عندما تكونون جادين بشأن هذا الأمر، اتصلوا بنا".
إن إنهاء الصراع في غزة هو الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية لبايدن مع اقترابه من نهاية فترة رئاسته التي تستمر لولاية واحدة، لكن محادثات وقف إطلاق النار المتوقفة تهدد بإغراق أولويات الرئيس الأخرى في الشرق الأوسط.
ومع مرور الوقت، لم يوجه بايدن سوى دعوة روتينية لوقف إطلاق النار خلال خطابه الأخير في الأمم المتحدة، الثلاثاء، ويعتزم مناقشة الأمر مع نظرائه الأجانب هذا الأسبوع في نيويورك.
ولا يزال المسؤولون الأمريكيون في المراحل الأولى لتقييم الوضع المتقلب في لبنان ومحاولة فهم ما إذا كانت إسرائيل لديها هدف نهائي محدد بشكل جيد عندما يتعلق الأمر بجارتها الشمالية.
وفي أعقاب هجمات إسرائيل السرية التي فجرت الآلاف من أجهزة البيجر واللاسلكي في جميع أنحاء لبنان واستهدفت عناصر حزب الله، كانت الإدارة تعمل على تحديد مدى تدهور قدرات الحزب نتيجة لذلك.
وبغياب استراتيجية واضحة من جانب إسرائيل، فإنهم باقون على أمل أن الهجوم الإسرائيلي قد يجبر حزب الله على الجلوس إلى طاولة التفاوض مع تجنب أي حسابات خاطئة قد تؤدي إلى حرب إقليمية.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أن من الصعب الفصل بين الصراعين في غزة ولبنان، على الرغم من إصرار إسرائيل على أنها تعتبرهما قضيتين منفصلتين.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين: "إنه نوع من التوزيع الخاطئ أن نقترح أن أي من هاتين القطعتين يمكن فصلها تماماً عن الكتلة الكبرى"، مشيرا إلى أن لكل منهما منطق ومجموعة من الديناميكيات في حد ذاتها، ولكنها تعزز بعضها البعض بطرق عديدة.
وقال المسؤول: "ما نحاول القيام به هو، حتى مع استمرارنا في محاولة معالجة الصراع الأساسي الذي خلق الكثير من المعاناة خلال العام الماضي، فإننا نركز بالقدر نفسه على ضمان عدم توسع هذا الصراع، وعدم تفاقمه وعدم اجتياحه المنطقة بأكملها".
يعتقد البعض داخل إدارة بايدن أن التغيير في النهج يمكن أن يساعد في تسريع نهاية الصراع، بما في ذلك تجاوز الاتفاق المكون من ثلاث مراحل الذي تتم مناقشته حاليًا والانتقال إلى جهد جديد من شأنه أن يحدد دفعة واحدة الشروط التي سيحتاج الطرفان إلى الاتفاق عليها لوقف القتال.
لا "خطة ب" حتى الآن
ولكن لا توجد مؤشرات على أن الولايات المتحدة تستعد بنشاط للدفع باتجاه أي خطة بديلة في الوقت الحالي.
في الواقع، لا توجد حاليًا خطط معروفة لبعض كبار نواب الأمن القومي لبايدن، الذين قاموا برحلات لا حصر لها إلى الشرق الأوسط خلال العام الماضي لمحاولة تسهيل وقف إطلاق النار واتفاقية الرهائن - بما في ذلك مدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز، وزير الخارجية أنتوني بلينكن أو منسق الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغورك، لزيارة إسرائيل بهدف طرح خطة بديلة.
وعندما كان بلينكن في المنطقة آخر مرة في وقت سابق من الشهر الجاري، لم تكن إسرائيل ضمن محطات رحلته. وقد مر أكثر من شهر على آخر حديث بين بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو لا يخطط للقاء الزعيم الإسرائيلي عندما يأتي إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع لإلقاء خطابه الخاص في الأمم المتحدة.
ويشعر بعض المسؤولين الأمريكيين بالقلق من أن أسبوع الخطابات في نيويورك قد يزيد من تأجيج التوترات، لكنهم يعملون أيضًا بنشاط على الإعداد لاجتماعات على الهامش يمكن أن تؤدي إلى طرح أفكار لإنهاء الصراع.
ولم يتضمن خطاب بايدن في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، أي اقتراح جديد لكسر الجمود، لكنه ادعى أن الحل الدبلوماسي لا يزال ممكنا. ويواصل المسؤولون الأمريكيون وصف المحادثات بأنها في الأساس "ميتة"، مع عدم وجود إرادة سياسية من أي من الجانبين للوصول إلى اتفاق. ولم يتم بعد إضفاء الطابع الرسمي على "اقتراح بناء الجسور" الذي صاغته الولايات المتحدة لتقديمه إلى بايدن أو أي من الطرفين في المحادثات.
وقال مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن، جيك سوليفان الثلاثاء لقناة MSNBC: "لقد كانت هناك صعوبات وانتكاسات. لقد واجهنا تحديات في تحقيق تقدم مع رئيس الوزراء، وواجهنا تحديات في تحقيق تقدم مع زعيم حماس، السنوار، لكننا مصممون على الاستمرار في ذلك".
وأضاف سوليفان: "نحن نقضي الليالي مستيقظين نحاول إيجاد طريقة لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وقد تحدثنا مباشرة عن قلقنا عندما رأينا رئيس الوزراء لا يتخذ خطوات نعتقد أنها ضرورية للوصول إلى تلك الصفقة".
وأردف مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض قائلا: "في الوقت الحالي، أود أن أقول إن التحدي الأكبر هو في الواقع أن حماس والسنوار لا يريدان التوصل إلى اتفاق. لكن إذا فعلوا ذلك، إذا كانوا مستعدين للجلوس إلى الطاولة، فسيكون لزامًا علينا أن نجعل رئيس الوزراء يجلس إلى الطاولة ونغلق هذا الأمر".
ومع اعتراف المسؤولين الأمريكيين بشكل متزايد بما يبدو أنه الاحتمال المتزايد بأن وقف إطلاق النار لن يتحقق قبل انتهاء ولاية بايدن في يناير، فإنهم يقبلون أيضًا أن هذا يعني أن الرئيس لن يرى اتفاق تطبيع تاريخي بين السعودية وإسرائيل قبل أن يغادر منصبه.
وخلافا لما حدث في خطابه أمام الأمم المتحدة العام الماضي، لم يشر بايدن في خطابه إلى إمكانية اعتراف السعودية بإسرائيل، وهو ما يمكن أن يغير المنطقة.
ومن المرجح أن يترك ذلك للرئيس القادم فإما يُقرر الاستمرار في متابعة مثل هذا المسار أو التوجه في اتجاه مختلف. وكثيراً ما ذكرت نائب الرئيس كامالا هاريس أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاقية الرهائن لكنها لم تقدم تفاصيل حول أي نهج جديد في التوصل إلى اتفاق.
وقالت هاريس الأسبوع الماضي: "في النهاية، الشيء الذي سيفتح آفاق كل شيء آخر في تلك المنطقة هو إنجاز هذه الصفقة"، وأردفت: "لن أفصح عن محادثات خاصة، لكنني سأخبركم أنني أجريت محادثات مباشرة مع رئيس الوزراء ومع رئيس إسرائيل، ومع القادة المصريين، ومع حلفائنا، وأعتقد أننا أوضحنا ذلك بشكل واضح للغاية: نحتاج لإنجاز هذه الصفقة".
ومع ذلك، إذا كانت نافذة وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن قبل نهاية رئاسة بايدن تغلق ببطء، يصر المسؤولون الأمريكيون على أن هناك دائمًا احتمال حدوث تحول غير متوقع في الأحداث في الشرق الأوسط يمكن أن يغير السرد بسرعة.