دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إذا كنت تعاني من السمنة المفرطة، أو من اضطراب نفسي، أو تدخّن خلال مرحلة المراهقة، فقد تشيخ أسرع ممّن هم في سنّك عند البلوغ، وفقًا لما خلصت إليه دراسة جديدة نُشرت في مجلة "JAMA Pediatrics"، الإثنين.
وكشف هذا البحث أنّ المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عامًا، ويعانون من السمنة المفرطة، أو يدخنون السجائر يوميًا، أو يعانون من اضطرابات نفسية مثل القلق، أو الاكتئاب، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، يشيخون بيولوجيًا بمعدل 3 أشهر تقريبًا سنويًا، مقارنة مع مَن هم في جيلهم.
واستخدم البحث بيانات لـ910 أشخاص، شاركوا في دراسة دنيدن، وهي تحقيق طويل الأمد يتعقّب صحة وسلوك المشاركين المولودين بين أبريل/ نيسان 1972، ومارس/ آذار 1973 في دنيدن، نيوزيلندا، منذ بلوغهم 3 سنوات ولغاية الـ45 عامًا.
ووجدت الدراسة الجديدة أنّ من بلغ من المشاركين الـ 45 عامًا وكانوا يعانون خلال المراهقة من اثنين أو أكثر من المشاكل الصحية العامة الثلاث: التدخين، أو السمنة، أو الاضطرابات النفسية، كانوا أبطأ بمقدار 11.2 سنتيمتر بالثانية، وكان عمر دماغهم أكبر بعامين ونصف، أمّا آثار التقدم بالعمر البادية على الوجه فكانت أكبر بنحو أربع سنوات مقارنة مع أقرانهم الذين لم يعانوا من هذه المشاكل خلال المراهقة.
أمّا العناصر المستخدمة من قبل الباحثين لقياس الشيخوخة فتضمّنت: مؤشر كتلة الجسم، ومعدّل الخصر إلى الورك، وفحوصات الدم، وهرمونات تنظيم الشهية وتخزين الدهون، وضغط الدم، والكوليسترول، وتسوس الأسنان، وأمراض اللثة، ولياقة القلب والجهاز التنفسي، والتصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.
كما تناولت الدراسة مشكلة صحية رابعة، أتت نتائجها مختلفة جدًا، وهي الربو. والمشاركون الذين أصيبوا بالربو خلال فترة المراهقة، ومعظمهم تلقوا العلاج، لم يكونوا أكبر سناً من الناحية البيولوجية عند بلوغهم الـ45 عامًا، مقارنةً مع من لم يعانوا من ذلك. وبقيت هذه النتائج ثابتة حتى عندما نظر المؤلفون في العوامل المربكة المحتملة مثل المعوقات الاجتماعية والاقتصادية أو تجارب التعرض للعنف في الطفولة.
وقال كايل بورّاسا، الباحث في علم النفس السريري وزميل أبحاث متقدم بنظام العناية الصحية في "دورهام في آي"، والمؤلف الأول للدراسة إنّ "هذا الأمر يُعتبر بمثابة إضافة للأبحاث السابقة من خلال توسيعها كي تشمل الحالات الأربع، التي اكتشفنا أنّ ثلاث منها فقط مرتبطة بتسريع الشيخوخة". وتابع أنّ الدراسة "تظهر أن لكل من هذه الحالات أثر مستقل، لذا لكل منها ارتباط خاص بالشيخوخة مستقبلًا".
وأمل الباحثون من خلال تحديد الظروف الصحية المرتبطة بتسريع الشيخوخة خلال سن المراهقة، أن يتمكنوا من مساعدة الأطباء على إبطاء التقدم بالعمر، وتجنب تدهور الصحة مستقبلًا.
العوامل المحفّزة لتسريع الشيخوخة
وثمة أسباب عديدة توضح لماذا التدخين، والاضطرابات النفسية، والسمنة، تسرّع الشيخوخة، وفقًا للمؤلفين. ويمكن أن تؤثر جميعها على العوامل المرتبطة بتسارع الشيخوخة مثل الالتهاب المتزايد، والإجهاد التأكسدي، وعدم التوازن بين الجذور الحرة ومضادات الأكسدة في الجسم. والجذور الحرة هي جزيئيات غير مستقرة متأتية من مصادر بيئية مثل دخان السجائر أو مبيدات الحشرات، التي يمكن أن تلحق الضرر بخلايا الجسم.
وأشار بورّاسا إلى أنّه "يتواجد تاريخ طويل من الأبحاث حول مدى الضرر الذي يلحقه التدخين على المستوى الخلوي، والذي يمكن أن يؤدي أيضًا إلى أنواع من الظروف الصحية المرتبطة بالشيخوخة البيولوجية، مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، وسرطان الرئة، وأمراض أخرى".
أما الأشخاص الذي يعانون من مشاكل في الصحة العقلية فهم يمارسون التمارين الرياضية بشكل أقل، أو يتبعون نظامًا غذائيًا سيئًا، وهو أمر ارتبط بتقدم السن على نحو أسرع، بحسب ما أشارت إليه جاسمين ويرتز، الباحثة ما بعد الدكتوراه ضمن فريق "موفيت وكاسبي" في جامعة ديوك بولاية نورث كارولينا الأمريكية، لـCNN العام الماضي.
وقال الدكتور برنت فوريستر، رئيس قسم الطب النفسي للشيخوخة في مستشفى ماكلين بولاية ماساتشوستس الأمريكية في مقابلة سابقة مع CNN، إنّنا "نفكر بالاكتئاب على أنه مرض منشأه الدماغ نتيجة اضطرابات كيميائية وأمور مشابهة. لكن الاكتئاب ربما يكون مرضًا جهازيًا يؤثر على الجسم كله".
وقال فوريستر غير المشارك بالدراسة إنّه "كلّما مارستُ هذا العمل لفترة أطول، وكلما عاينتُ متقدمين في السن على وجه الخصوص، كلّما أيقنتُ أنّ المرض النفسي ليس اضطرابًا بالدماغ، بل في الجسم بالكامل".
مواجهة مخاطر الشيخوخة الأسرع
وقال بورّاسا إن معالجة المراهقين الذين يعانون من أي من هذه الحالات مبكرًا قد ينعكس إيجاباً على صحتهم العقلية والبدنية.
وأوضح بورّاسا: "نحن نعلم أنّ الشيخوخة المتسارعة مرتبطة بسوء الحالة الصحية من خلال مروحة واسعة من الظروف"، مضيفًا أن أثر ذلك قد يزيد من مخاطر التدهور المعرفي، والوفاة المبكرة، وتطور الأمراض المزمنة، وتلك التي تتطور بمعدل أسرع.
وخلص إلى أنّه "في حال تمكّنا من علاج هذه الحالات، وإبطاء الشيخوخة لدى الناس، سيكون لذلك فوائد صحية مدى العمر، وعلى نحو أساسي لكامل الجسم".