دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتعرض النساء الحوامل وأطفالهن في طور النمو لخطر أكبر لمعاناتهن من نتائج خطيرة إذا أصبن بـ"كوفيد-19"، وتساهم مراجعة دولية كبيرة نُشرت حديثًا، بتسليط الضوء على مدى إمكانية أن تكون هذه المخاطر كارثية.
وتعتمد الدراسة المنشورة في مجلة "BMJ Global Health" على بيانات استقتها من 12 دراسة أجريت في العديد من الدول، ضمنًا الولايات المتحدة. وشملت الدراسات مجتمعة أكثر من 13000 امرأة حامل، قرابة 2000 امرأة منهن لديهنّ إصابة مؤكدة أو محتملة بـ"كوفيد-19". وتمت مقارنة النتائج الصحية لهؤلاء النساء وأطفالهن مع حوالي 11000 إمرأة حامل أتت نتائج اختبار فيروس كورونا لهنّ سلبية أو كان لديهن أجسام مضادة لهذا الفيروس عند الولادة.
ومن خلال الدراسات، تبيّن أنّ حوالي 3٪ من النساء الحوامل المصابات بـ"كوفيد-19" احتجن إلى عناية مركزة، وحوالي 4٪ احتجن إلى نوع من الرعاية الحرجة. وفاق ذلك بكثير عدد النساء الحوامل اللواتي احتجن إلى هذا النوع من الرعاية جرّاء إصابتهنّ بعدوى أخرى.
وبالمقارنة مع النساء الحوامل اللواتي لم يصبن بـ"كوفيد-19"، أدخلت الحوامل المصابات بكوفيد إلى وحدة العناية المركزة بمعدل 4 مرات تقريبًا، وكنّ أكثر عرضة بمعدل 15 مرة لحاجتهن إلى تنفس إصطناعي، و7 مرات أكثر عرضة للوفاة. وسجّل لديهن خطرًا أعلى للإصابة بمقدمات الارتعاج، والجلطات الدموية، والمشاكل الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم. وكان الأطفال الذين وُلدوا لأمهات مصابات بـ"كوفيد-19" أكثر عرضة للولادة المبكرة، وانخفاض بالوزن.
وأشارت دراسات سابقة إلى أن "كوفيد-19" قد يزيد من خطر الإملاص (ولادة الجنين ميتًا)، لكن هذه المراجعة الكبيرة لم تتمكن من التأكيد على هذا الأمر.
المخاطر ثابتة من دولة لأخرى
ورغم ذلك، فإن النتائج ترسم صورة واضحة، تظهر أن مخاطر الحمل تزيد جرّاء الإصابة بـ"كوفيد-19".
وقالت إميلي سميث، المؤلفة الرئيسية للدراسة، وأستاذة مساعدة للصحة العالمية في جامعة جورج واشنطن، إنّه "من الواضح جدًا، والثابت، كما تعلمون، إذا كنا نتحدث عن السويد حيث لدينا نتائج حمل رائعة، أو عن دول أخرى نعرفها، أننا نواجه مشاكل أكبر لجهة الأمراض والوفيات بين الأمهات، وأن الإصابة بفيروس كورونا خلال الحمل تزيد من نسبة الخطر".
وتشوب الدراسة بعض المحاذير التي قد تحدّ من مدى سريان النتائج على الحوامل في حقبة متحور أوميكرون لفيروس كورونا.
وأجريت الدراسات في وقت مبكر نسبيًا من الجائحة، حين كان غالبية الناس غير محصّنين وغير مصابين. وهذا يعني أن النساء الحوامل في الدراسة كنّ على الأرجح أكثر عرضة لخطر أكبر ليس فقط لأنهن حوامل، لكن أيضًا بسبب هشاشتهن من الناحية المناعية للفيروس، إذ لم يكنّ يتمتّعن بأي مناعة مسبقة تساعدهنّ على مكافحة العدوى.
ومنذ ذلك الحين، حصل العديد من النساء الحوامل على التطعيم، أو أصبن بفيروس "كوفيد-19"، أو الاثنين معًا. وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، فإنه اعتبارًا من الأسبوع الأول من شهر يناير/ كانون الثاني، تلقى حوالي 72٪ من الحوامل في الولايات المتحدة سلسلتهن الأولية من لقاحات "كوفيد-19"، ويُقدر أنّ حوالي 95٪ من الأمريكيين أصيبوا بـ"كوفيد-19" مرة واحدة على الأقل، أو تم تطعيمهم ضده. وهذا يعني أنه يحتمل أن يتمتعن ببعض الذاكرة المناعية ضد الفيروس التي قد تحميهم من النتائج الشديدة.
ومع ذلك، يبدو أن هذه الذاكرة المناعية تتلاشى بمرور الوقت. وتظهر بيانات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أن 19٪ فقط من النساء الحوامل قد حصلن على جرعة معززة محدثة، ما يعني أن العديد منهنّ قد لا يتمتّعن بالقدر ذاته من الحماية ضد الفيروس كما يعتقدن.
وأشارت مؤلفة الدراسة الرئيسية إميلي سميث، وهي أستاذة مساعدة للصحة العالمية في جامعة جورج واشنطن، إلى أنّ نتائج الدراسة تعكس خطر الإصابة بـ"كوفيد-19" والحمل لدى الأشخاص غير المحصنين.
ولسوء الحظ، وفقًا لما ذكره سميث، لا تزال العديد من البلدان تفتقر إلى إرشادات واضحة تنصح بالتطعيم أثناء الحمل. وهناك بعض أجزاء من العالم، مثل الصين، حيث العديد من السكان لم يصابوا بعد بفيروس كورونا.
التطعيم أمر ضروري
وبالنسبة للأشخاص الذين يحاولون تقييم مخاطر وفوائد لقاح "كوفيد-19" أثناء الحمل، لفتت سميث إلى أنّ هذه الدراسة تساعد على قلب الموازين بقوة لصالح تلقي اللقاح.
وأضافت أنّ "الأمر يستحق أن تحمي نفسك خلال الحمل".
وقالت إنّ هذه الدراسة لم تبحث بفوائد التطعيم أثناء الحمل، لكن ثمة دراسات أخرى أظهرت تراجعًا كبيرًا بمخاطر الإملاص (ولادة جنين ميت)، والولادة المبكرة، والمرض الشديد، أو وفاة الأم.
وأشاد الدكتور جوستن لابين، مدير قسم طب الأم والجنين في عيادة كليفلاند كلينيك، غير المشارك بالبحث بالدراسة، إذ أكدّ أن نتائجها تعزز الأبحاث السابقة، التي وجدت أن "كوفيد-19" يزيد بشكل ملحوظ خطر التداعيات الكارثية على الأم والطفل.
ولفت إلى أنّ النتائج تسلّط الضوء على أهمية الحد من "كوفيد-19" وعلاج النساء الحوامل.
وقال لابين لـCNN إنه لا ينبغي حجب العلاجات المحددة أو الموصى بها على وجه التحديد، بسبب الحمل أو الرضاعة الطبيعية.