استطلاع: مشاكل الصحة العقلية تدفع طلاب الجامعات إلى التخلّي عن متابعة دراستهم

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة
استطلاع: لم يعاني مزيد من طلاب الجامعات نفسياً ويفكرون بعدم متابعة تحصيلهم العلمي؟
Credit: ULISES RUIZ/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إيزابيل، طالبة جامعية تبلغ من العمر 20 عامًا، معتادة على العمل المضني. فبعد تخرجها من المدرسة الثانوية قبل عام، عملت بـ3 وظائف معظم عام 2021. لكن عندما بدأت دراستها الجامعية في الخريف، شعرت أنّها "تغرق".

لم تجد نفسها في الفصل الأول، وكانت تبكي كثيرًا أكثر مما اعتادت عليه.

لكنها بلغت الذروة خلال امتحان اللغة الإسبانية. سمعت إيزابيل، التي يُنظر إليها على أنها لاتينية وسوداء اللون على حد سواء، مقطع فيديو كان يشاهده طلاب آخرون حول العنصرية في مجتمعاتها. تضخّمت مشاعرها السلبية، وخرجت من دون أن تنهي الاختبار. عادت مسرعة إلى غرفتها، غاضبة ومستاءة، وكسرت بطاقة الطالب الخاصة بها عند محاولتها فتح الباب.

وقالت إنها شعرت بنوبة هلع. وروت إيزابيل أنها توسّلت إلى والديها كي يسمحا لها بالبقاء في الحرم الجامعي، لكنهما أصرا على أن تقطع مسافة ثلاث ساعات بالسيارة إلى المنزل، وسرعان ما أخذت سحبًا طبيًا.

وقد أظهر استطلاع جديد أنّ عددًا كبيرًا من طلاب الجامعات يعانون من مشاكل الصحة العقلية، وأن نسبة متزايدة منهم تفكر بعدم إكمال الدراسة.

2 من كل 5 طلاب جامعيين، نحو 50% منهم من الطالبات، يتعرضون لضغوط عاطفية أثناء التحاقهم بالكلية، وفقًا لمسح نشرته مؤسسة غالوب ولومينا الخميس، وهي منظمة خاصة مستقلة تركز على إتاحة فرص تعليمية في مرحلة ما بعد الثانوية. وأُجرِي الاستطلاع في خريف عام 2022، وسأل 12 ألف بالغ حاصلين على شهادة الثانوية العامة لكنّهم لم يكملوا درجة الزمالة أو الإجازة.

وكشف الاستطلاع أن أكثر من 40٪ من الطلاب المسجلين حاليًا في برنامج الشهادة الجامعية قد فكروا بترك الدراسة في الأشهر الستة الماضية، مسجلين ارتفاعًا من نسبة 34٪ في السنة الأولى من جائحة "كوفيد-19". وأعاد معظمهم السبب إلى التوتر العاطفي والصحة العقلية الشخصية، أكثر من الاعتبارات المالية وصعوبة الحصص الدراسية.

وتعتبر سنوات البالغين الشباب المقترنة بالتغييرات المهمة التي تترافق غالبًا مع الالتحاق بالجامعة والضغط الإضافي المصاحب لها، وقتًا دقيقًا للصحة العقلية عمومًا، بحسب الخبراء.

وقالت سارة ك. ليبسون أستاذة مساعدة في جامعة بوسطن، وباحثة رئيسية في منظمة Healthy Minds Network البحثية، التي تركز على الصحة العقلية لدى المراهقين والشباب، إنّ "حوالي 75٪ من مشاكل الصحة العقلية مدى الحياة تظهر بحلول منتصف العشرينيات، ما يعني أن سنوات الكلية هي وقت حرج جدًا من الناحية الوبائية".

ثم أنه بالنسبة للعديد من المراهقين والشباب، يترافق الانتقال إلى الكلية بالتمتع باستقلالية جديدة. قد يعانون من علامات وأعراض أولية لمشاكل الصحة العقلية سابقًا، لكنّهم يختبرون حاليًا هذا المستوى الجديد من الاستقلالية التي تتضمّن استقلالًا جديدًا لجهة اتخاذ القرار من حيث صلته بالصحة العقلية".

يُقدر أنّ 1 من كل 5 بالغين في الولايات المتحدة مصابون بمرض عقلي، ويتأثر الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا بشكل متفاوت بذلك. وتتزايد نسبة طلاب الجامعات الذين أبلغوا عن شعورهم بالقلق والاكتئاب منذ سنوات، وقد ازداد هذا الواقع سوءًا خلال جائحة "كوفيد-19".

وأظهر تحليل للبيانات الفيدرالية أجرته مؤسسة Kaiser Family Foundation أن نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا قد أبلغوا عن أعراض قلق واكتئاب عام 2023، مقارنة مع حوالي ثلث البالغين عمومًا.

وقف "دوامة العار"

ورأى الخبراء أن الصحة العقلية في الكلية مهمة للغاية.

وأشارت ليبسون إلى أنّ "التنبؤ بكل نتيجة طويلة الأمد تقريبًا نهتم بها، ضمنًا أرباحهم الاقتصادية المستقبلية، وإنتاجية مكان العمل، وصحتهم العقلية في المستقبل، وصحتهم البدنية أيضًا".

وتبيّن أنّ الحاجة إلى الدعم ملحة. فقد أجاب نحو 1 من كل 7 طلاب جامعيين أنّ لديهم أفكارًا انتحارية، وهذا رقم أعلى من العام السابق، وفقًا لمسح خريف 2021، الذي أجرته شبكة Healthy Minds Network.

عرفت إيزابيل أنها كانت تعاني، لكنّ الأمر استغرق بعض الوقت كي تدرك مدى تحدّيات صحتها العقلية.

وقالت: "الأمر الأول الذي عانيت منه هو الشعور بالإرهاق".

بالنسبة إلى إيزابيل، كما هي حال العديد من طلاب الجامعات، فإن التفكير أو اتخاذ قرار بالتخلي عن متابعة التحصيل الجامعي بسبب تحديات الصحة العقلية، يترافق مع مشاعر سلبية، مثل القلق والخوف والحزن.

وقالت جولي ولفسون، مديرة التوعية والبحث في برنامج College ReEntry لدى Fountain House، وهي منظمة غير ربحية تعمل على دعم الأشخاص المصابين بأمراض عقلية، إنه "بالنسبة لكثير من الطلاب، هذا لا يتماهى مع ما تخايلوا أنّ حياتهم ستكون عليه. هذا ليس الجدول الزمني الذي وضعوه لأنفسهم".

وتابعت: "هم يرون أصدقاءهم يواصلون تقدّمهم، ويتخرّجون، ويحصلون على أول وظيفة لهم. فيما يشعرون بأنهم عالقون وكأنهم يشاهدون خطة حياتهم تتلاشى".

وهذا الواقع قد يشكل نوعًا من "دوامة عار" بحسب ليبسون.

لكن خبراء الصحة العقلية يشدّدون على أهمية إعطاء الأولوية للاحتياجات الشخصية في الحالة الراهنة.

قال ماركوس هوتالينغ، عالم النفس في Union College، ورئيس رابطة مديري مراكز الإرشاد في الجامعات والكليات: "لا عيب بأخذ إجازة لبعض الوقت".

وتابع "توقف عن فصل دراسي، أو لسنة كاملة حتى، وحسّن نفسك من خلال العلاج أو الدواء، ثم عد أقوى، طالبًا أفضل، وأكثر تركيزًا، والأهم من ذلك، أكثر صحة".

كما أن الخبراء يشجعون مؤسسات التعليم العالي للمساعدة على تخفيف هذا الضغط من خلال وضع سياسات تبسط عملية العودة.

وأضاف: "آمل في المستقبل، أن توضع سياسات وأنظمة أكثر ترحيباً بالطلاب الذين يحاولون الاعتناء بأنفسهم".

بناء الدعم

إن إدارة الصحة العقلية تختلف من شخص لآخر، ويقول الخبراء إنّ الاستراحة من المدرسة ليست الحل الأفضل للجميع.

وقال رايان باتيل، رئيس قسم الصحة العقلية بجمعية الصحة بالكلية الأمريكية وكبار الأطباء النفسيين بولاية أوهايو، إنّ تتبّع التقدم من خلال التقييمات الذاتية للأعراض ومقاييس الأداء، مثل حضور الفصل ومواكبة المهام، قد يساعد.

وقال الخبراء إنه لفترة من الوقت كان يصعب توضيح المشكلة، وتحويلها إلى قضية من أجل زيادة الاهتمام بصحة طلاب الجامعات العقلية. الآن، يُشار باستمرار إلى الصحة العقلية للطلاب باعتبارها القضية الأكثر إلحاحًا بين رؤساء الكليات، وفقًا لمسح أجراه المجلس الأمريكي للتعليم.

مع زيادة الحاجة إلى الخدمات، تعاني مراكز الاستشارات الجامعية كي تتمكن من تلبية الطلب، مع النقص بعدد اختصاصيي الصحة العقلية داخل الحرم الجامعي.

وقال هوتالينغ إنه "لدى الكليات مهمة تعليمية، وأسعى كي يتوسع هذا المفهوم ليشمل التعليم حول الصحة والسلامة".

وتابع بأنه يجب تدريب أعضاء هيئة التدريس بالكلية على التعرف على المخاوف أو التهديدات الفورية حفاظًا على سلامة الطالب. لكن يجب أن يفهموا أيضًا أنه يمكن للطلاب مواجهة مجموعة من تحديات الصحة العقلية وتحديد الوجهة المناسبة لتوجيههم إليها.