دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في ظل دوامة الاستعدادات لموسم العطلات والاحتفالات التي تليه، قد يكون من السهل الانشغال بإنجاز قائمة المهام الخاصة بك.
ومع ذلك، واحدة من أفضل الهدايا التي يمكنك تقديمها لعائلتك وأصدقائك هي أن تتذكر أن تتباطأ وتشارك حضورك اليقظ.
وعلاوةً على تقديم الهدايا المادية، من خلال الحضور بطريقة توفر اهتمامك الواعي، ستعزز علاقات أفضل من خلال جعل أحبائك يشعرون أنّك تراهم، وتسمعهم، وتقدرهم.
ولحسن الحظ، أفاد عالم النفس السريري في بيلينجهام بواشنطن، الدكتور ناثان براون، الذي تخصص في وظائف المخ وقضايا التركيز منذ نحو 40 عامًا، أنّ قدرتك على الانتباه بمثابة عضلة، وهي عضلة نمتلكها جميعًا.
وقال: "رُغم أنّ ثقافتنا لا تمنحنا الكثير من الفرص لبناء تلك العضلات، إلا أنه من خلال الممارسة، يمكنك تقويتها".
وفيما يلي الاستراتيجيات القائمة على الأبحاث التي يمكنك ممارستها لتحسين "عضلات" انتباهك، حتى تتمكن من تقدير كل لحظة من موسم الأعياد على مستوى أعمق.
كيف هو مستوى انتباهك الآن؟
للحصول على فهم أساسي لقدرتك الحالية على التواجد في اللحظة الحالية، يمكنك استخدام مقياس الوعي بالانتباه الذهني (Mindful Attention Awareness Scale).
يُستخدم المقياس على نطاقٍ واسع من قبل المتخصصين في الصحة العقلية، وطوّره عالم النفس السريري، ريتشارد رايان، وعالم النفس الكمي، كيرك براون.
التقييم عبارة عن استبيان بسيط مكون من 15 سؤالا.
وتقوم فيه بتقييم كل سؤال من 1 إلى 6، ويقيس ذلك مدى اهتمامك ووعيك المتعلق ومستوى حضورك في الأحداث والتجارب.
وتعكس الدرجة الأعلى مستوى اهتمام أفضل، بينما تظهر الدرجة المنخفضة وجود مجال للتحسين.
تمارين لبناء عضلات الانتباه
عند ممارسة أي نوع من التمارين لتقوية الانتباه، قال براون إنّ الأداة الرئيسية هي إعادة التوجيه.
وأضاف: "عندما تحاول التركيز، فسوف تشتت انتباهك، وهذا أمر طبيعي. يمكن لعقلك أن يتجول 50 مرة، ولكن طالما قمت بإعادة توجيهه 51 مرة، فسوف تخرج من التجربة بعضلات أقوى قليلاً".
جرب الطرق الأربع التالية لجذب انتباهك.
انصت إلى عقلك
أظهرت الأبحاث أنّ ممارسات التأمل الذهني تعود بفوائد عديدة، بما في ذلك تحسين الانتباه. حتّى لو كنت لا تعرف كيفية التأمل أو لا تعتقد أن لديك الوقت الكافي، فلا يزال من الممكن أن يُفيدك ذلك من خلال ممارسته خلال دفعات قصيرة ومستمرة.
ووجدت دراسة أُجريت في فبراير/ شباط من عام 2020، على مشاركين لم يتأملوا من قبل، أنّ 10 دقائق فقط من ممارسة تأمل الانتباه المركز يوميًا، وعلى مدار ثمانية أسابيع، أدّت إلى تحسن ملحوظ في الأداء الانتباهي وتغيرات مقابلة في مخطط كهربية الدماغ، الذي يقيس النشاط الكهربائي للدماغ.
انصت إلى أنفاسك
التنفس يحدث دائمًا في الوقت الفعلي، لذا فهو بمثابة المرساة المثالية للحظة الحالية.
ويستخدم مدربو اللياقة تقنيات التنفس طوال الوقت لمساعدة العملاء على استعادة اتصالهم باللحظة الحالية. وهناك مجموعة متنوعة من تمارين التنفس العميق الفعالة التي يمكنك استخدامها.
انصت إلى جسمك
تتيح لك أشكال الـ"يوغا" والـ"تاي تشي" المعنية بالعقل والجسم ممارسة تركيز انتباهك على الحركة المقصودة والأحاسيس ذات الصلة في جسمك.
أسلوب آخر يمكن الوصول إليه بسهولة هو استرخاء العضلات التدريجي، حيث تركز انتباهك على منطقة واحدة من جسمك في كل مرة، ما يؤدي إلى انقباض عضلاتك وإرخائها.
اضبط حواسك
يبدو أنّ اللحظات العادية من الحياة اليومية توفر العديد من الفرص لتدريب حضورك.
وسواء كنت واقفًا أثناء الاستحمام، أو تطوي الملابس المغسولة، أو تجلس في سيارة وسط ازدحام مروري، حاول التناغم مع ما يمكنك ملاحظته بحواسك حول ظروفك الحالية.
حدد ماذا ترى، وتشعر، وتسمع، وتشم، وتتذوق في تلك اللحظات.
كيفية مشاركة حضورك خلال العطلات
قال براون إنّ حفلات الأعياد والتجمعات العائلية تزيد من التحدي المتمثل في ممارسة الحضور في اللحظة الراهنة، لأن الطبيعة غير المنظمة لهذه المواقف يمكن أن تسبب القلق.
وقد تشعر بالقلق بشأن تحول المحادثات، مع أقارب لم ترهم إلا نادرًا، إلى اتجاه سياسي أو سلبي.
ونصح براون بالدخول إلى هذه التجارب باستراتيجية بسيطة: اسأل الآخرين أسئلة حول أنفسهم.
وقال: "تعامل مع المحادثات كعالم أنثروبولوجيا.. حاول أن ترى ما يمكنك تعلمه بالفعل عن الأشخاص الذين يثيرون اهتمامك. بهذه الطريقة، أنت تقوم بإنشاء هيكل يجعلك تشعر بالهدوء، لأنك ستشعر بثقة أكبر في تحديد اتجاه المحادثة".
ولتعزيز الروابط الأعمق، اقترح براون استخدام أسلوب المقابلات التحفيزية الذي يركز على طرح أسئلة "لماذا" و"كيف" على الشخص، والتي تستكشف الدافع وراء أفعاله واهتماماته.
على سبيل المثال، يمكنك أن تسأل شخصًا ما عن سبب اختياره لمهنة، أو مكان إقامة، أو هواية معينة.
وقال: "هذا النمط من الاستجواب يسمح لك بالتعمق تحت السطح قليلاً".
كما أوصى بإبقاء هاتفك بعيدًا عن الأنظار عند التعامل مع الآخرين لتجنب تقسيم انتباهك وإرسال رسالة لمن حولك بأنك لست حاضرًا بشكل كامل.
امنح نفسك هدية الحضور
من الطبيعي أن يتجول عقلك من وقت لآخر، عامل نفسك بلطف أثناء ذلك الجهد لإعادة توجيه واستعادة اتصالك بالحاضر، وبالتالي استعادة إحساسك بالهدوء.
أظهرت الأبحاث أنّ ممارسة الحضور في اللحظة الراهنة ليس فقط هدية لمن حولك، فهو يعزز صحتك النفسية أيضًا.
وفي الظروف التي تجد فيها صعوبة في التركيز، أو إدارة قلقك، تنحي جانبًا بشكلٍ استباقي وخذ قسطًا من الراحة للحظات.
وخلال العطلات، امنح نفسك الفرصة لتذوق جميع تجارب الموسم.
خذ دقيقة من وقتك للاستماع إلى موسيقى العطلات مع الانتباه لكل كلمة وكل آلة موسيقية وكل نغمة موسيقية.