دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل يلقي موسم الشتاء البارد بثقله عليك خلال النهار، وأنّ قسط النوم الذي يكفيك خلال فترات أخرى من السنة لم يعدك؟
وبالاستناد إلى بحث بينّ أنّ ما لا يقل عن ثلث البالغين الأمريكيين أفادوا بأنهم ينامون أكثر في الشتاء، قال الدكتور راج داسغوبتا، الأستاذ المساعد بالطب السريري في مستشفى هنتنغتون بكاليفورنيا: "إذا كنت ترغب بالنوم أكثر في الشتاء، فأنت لست وحدك".
وأوضح داسغوبتا أنّ "احتياجات النوم تتراوح لدى معظم البالغين بين 7 و 9 ساعات في الليلة، وهذا ثابت بغض النظر عن مدى البرودة أو الظلام في الخارج".
ومع ذلك، من الشائع أن تشعر وكأنك تنام أكثر خلال فصل الشتاء بسبب حقيقة أنّنا نفقد ساعة من ضوء النهار عندما ندخل في التوقيت الشتوي، وهو ما يرتبط ببداية حلول الظلام مبكرًا، وفق داسغوبتا.
وكان يُعتقد أنّ التأثيرات الموسمية على نوم الإنسان لا تكاد تذكر حتى وقت قريب، عندما وجدت دراسة نُشرت في فبراير/ شباط عام 2023، خلاف ذلك. فقد خضع 188 مشاركًا لدراسات النوم بمستشفى سانت هيدويغ في برلين، حيث نام المشاركون حوالي ساعة أطول في الشتاء مقارنة بمدة نومهم في الصيف، وهو ما قال المؤلفون إنه لم يكن ذات دلالة إحصائية.
لكنّ المشاركين حصلوا على 30 دقيقة إضافية من إحدى مراحل النوم، وهي مرحلة حركة العين السريعة، خلال فصل الشتاء.
وتتميّز مرحلة حركة العين السريعة من النوم بمزيد من الأحلام، وبمعدّل ضربات القلب والتنفس بشكل أسرع من المراحل الأخرى.
وأوضح داسغوبتا أنها "مرحلة أساسية من النوم تساعد على تحسين الذاكرة، والتركيز، وتنظيم المزاج، ووظيفة المناعة".
وقد يكون للرغبة بالحصول على مزيد من النوم خلال فصل الشتاء علاقة بكيفية تقلّب الضوء على مدار العام، أو بالتغيرات السلوكية والصحة النفسية التي يمكن أن تصيب كل منا.
إليك ما يعتقد الخبراء أنّ عليك معرفته وما إذا كان يجب عليك إجراء أي تعديلات.
كيف يؤثر الضوء على النوم؟
أوضح داسغوبتا أن أجسادنا تتلقى إشارات من الشمس عندما يتعلق الأمر بإيقاع الساعة البيولوجية لدينا، وهذا يعني أنه عندما يكون الجو مشرقا في الخارج فإننا نميل إلى النشاط، وعند غروب الشمس، قد نميل إلى الشعور بالتعب".
ولفت إلى أن انخفاض ضوء الشمس يسبب زيادة في الميلاتونين، الهرمون الذي يفرزه الجسم وينظم دورات النوم والاستيقاظ.
وقالت الدكتورة كارليرا فايس، الأستاذة المساعدة بمركز أبحاث التمريض في جامعة بوفالو، إنه مع إنتاج الميلاتونين في وقت مبكر خلال فصل الشتاء، "سيكون من الطبيعي الافتراض أن الشخص السليم سيحتاج أيضًا إلى مزيد من النوم خلال فصل الشتاء".
ولا يؤثر الضوء على كمية النوم فحسب، بل على جودته أيضًا.
يقول الدكتور جوشوا تال، عالم النفس السريري المقيم في مدينة نيويورك والمتخصص في مشاكل النوم: "يتأثر نوم حركة العين السريعة بشكل كبير بالضوء والظلام، لذلك عندما يكون لدينا ضوء أقل خلال أشهر الشتاء، فإن الجسم سوف يعوض بشكل مفرط من طريق إعطاء المزيد من نوم حركة العين السريعة".
وأوضح الخبراء أن الحاجة إلى مزيد من النوم خلال فصل الشتاء مردّه أيضًا إلى ما يعرف باسم "اضطراب الرحلات الجوية الطويلة الاجتماعية"، ما يعني أن السهرات المتأخرة التي قضيتها طوال الصيف قد تكون السبب وراء مواجهتك صعوبة في النوم خلال الشتاء، أو الشعور بجسدك يعوّض المزيد من النوم.
وأوضح داسغوبتا أن الأسباب السلوكية الأخرى تشمل "الإجهاد أثناء العطلة، وتناول مجموعة واسعة من الأطعمة والحلويات، واستهلاك المشروبات الكحولية، وعدم ممارسة التمارين الرياضية".
التكيف مع المواسم
البشر لا يحتاجون إلى السُّبات، ولا يمكنهم فعل ذلك نظرا لوجود التزامات اجتماعية ومهنية. مع ذلك، أشارت فايس إلى أنه بإمكاننا إجراء تعديلات للأداء بطريقة أفضل، والحصول على راحة أفضل خلال فصل الشتاء".
وبسبب الطريقة التي قد تؤثر بها تغيرات الضوء في الشتاء على إيقاعات الساعة البيولوجية لدينا، فإن النوم أكثر قليلا قد يساعدك على أن تكون أكثر يقظةً ضمن جدول زمني يتطلب منك أن تكون في الخارج أثناء الظلام.
لذا، من أجل مساعدة أجسامنا على الانتقال من النوم إلى الاستيقاظ، من المهم التعرّض للضوء في الصباح خلال أشهر الشتاء. إلى جانب ذلك، من المهم الحفاظ على مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ، بحسب ما ذكرته فايس.
إذا كان جدولك الزمني لا يسمح لك بالتعرض للضوء الطبيعي قبل الذهاب إلى العمل، فيمكنك تجربة العلاج بالضوء، وهو العلاج الأساسي للاضطراب العاطفي الموسمي الذي يمكن أن يكون سببًا آخر للنوم أكثر خلال فصل الشتاء. ويتضمن العلاج تعريض نفسك لصندوق ضوئي بحد أدنى 10000 لوكس لمدة 30 دقيقة بالحد الأدنى. (لوكس هي وحدة قياس شدة مستوى الضوء.)