دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا يرغب أي شخص عانى من التسمّم الغذائي وما يترتب عليه من أوجاع وأعراض مرافقة بتكرار هذه التجربة، لا سيما أن عملية التعافي قد تتراوح بين بضع ساعات وعدة أيام.
وأشارت ميتزي باوم، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "Stop Foodborne Illness" للصحة العامة التي تهدف إلى تحسين صناعة سلامة الأغذية، إلى أنّ وقت التعافي الذي يحتاجه الجسم كي يتطهّر من السموم يعتمد على كمية الجراثيم المنقولة بالغذاء، والمسببة للأمراض الموجودة في الطعام الذي تناوله الشخص. وتكون غالبية حالات التسمم الغذائي خفيفة وتتحسّن بعد بضعة أيام من الراحة في المنزل، رغم وجود بعض الحالات النادرة التي يحتاج فيها الشخص إلى رعاية طبية فورية.
ولا وجود لطريقة دقيقة تساعد على تحديد مدة استمرار التسمّم الغذائي، لكن ثمة وسائل لجعل عملية التعافي أكثر سلاسة.
كيف يبدأ التسمّم الغذائي؟
تبدأ حالة التسمّم عند تناول طعام أو مشروب ملوث. وأوضحت باوم أن هذا يمكن أن يحدث عندما تدخل الكائنات الحية الدقيقة بيئة تتمتّع بظروف مثالية للنمو والتكاثر.
وبحسب وزارة الزراعة الأمريكية، تنمو غالبية البكتيريا أو الفيروسات المسببة للأمراض بسرعة في الأطعمة التي تقع درجة حرارتها في منطقة الخطر، والتي تتراوح بين 4،44 درجات مئوية و60 درجة مئوية. وقد يتأتى ذلك من تناول الطعام الذي تُرك لفترة طويلة بدرجة حرارة الغرفة، إلى جانب الأطعمة غير المطبوخة جيدًا والنيئة. إذ يمكن للبكتيريا مثل بكتيريا الإشريكية القولونية، والمكورات العنقودية الذهبية، والسالمونيلا، التكاثر بأقل من 20 دقيقة، في الأطعمة المتبقية الموضوعة في منطقة الخطر.
ووفقًا لما ذكرته تقديرات المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، يعاني سنويًا قرابة 1 من كل 6 أشخاص يعيشون في الولايات المتحدة من الأمراض المنقولة عبر الغذاء، ضمنًا التسمم الغذائي. أما المسببات الأكثر شيوعًا فهي النوروفيروس، والسالمونيلا، والمطثية الحاطمة، والعطيفة، والمكورات العنقودية الذهبية.
متى يمكن أن يُصاب بالتسمّم الغذائي؟
غالبا ما يعتقد الناس أنّ التسمّم الغذائي يحدث على الفور، لكن هذا ليس الحال دومًا.
وبحسب نيما مجلسي، مدير علم السموم الطبية في مستشفى جامعة ستاتن آيلاند بأمريكا، يعتمد الوقت الذي يستغرقه الناس كي يشعروا بآثار التسمّم الغذائي على نوع البكتيريا، ويمكن أن تتمتع بعض البكتيريا بفترة حضانة تتراوح بين يوم واثنين.
وقال مجلسي إنه عندما يشعر الناس بالمرض بسرعة كبيرة بعد تناول الطعام، فيُحتمل أن يكون ذلك بسبب المكورات العنقودية الذهبية. تنتج البكتيريا سمومًا يمكن أن تصيبك بالمرض خلال مدة تتراوح بين 30 دقيقة وثماني ساعات بعد الاستهلاك. عادة ما يبدأ التسمم الغذائي بالمكورات العنقودية، بتقلصات في المعدة، وغثيان، وقيء.
كم من الوقت يستغرق التعافي من التسمم الغذائي؟
إذا كان التسمم الغذائي ناتجًا عن سموم ناتجة عن المكورات العنقودية، فيجب ألا يستمر المرض أكثر من يوم واحد. وقالت الدكتورة براتيما ديبا، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في المكاتب الطبية في منطقة مانهاتن الأمريكية، إن الناس يميلون إلى التعافي من التسمم الغذائي خلال يوم أو اثنين، لكن بعض الحالات قد تستمر لمدة تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع بعد التعرض.
وأضاف مجلسي: "بعض حالات التسمم الغذائي يمكن أن تستمر لمدة 14 يومًا، حيث يمكن أن تصاب بالإسهال المستمر. وعمومًا، كلما كانت أعراض المرض أشدّ، كلما كانت المدة أقصر".
هل ثمة طريقة للشفاء من التسمم الغذائي بسرعة؟
وقالت الدكتورة براتيما ديبا، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي بالعيادات الطبية في مانهاتن، إنه لا يوجد علاج واحد من شأنه تسريع عملية الشفاء. يستغرق الجسم وقتًا لطرد السموم المسببة للتسمم الغذائي، عادةً بين 24 و48 ساعة.
للحفاظ على راحتك وتجنب الجفاف، أوصى مجلسي بالارتواء باستمرار. إذا كنت تقوم بتعويض الجسم عن السوائل بمحلول إلكتروليت، فتأكد من أن المنتج يحتوي على نسبة منخفضة من السكر. وأشار مجلسي إلى أن "بعض محاليل الإلكتروليت تحتوي على كمية كبيرة من السكر، ويمكن أن تؤدي في الواقع إلى تفاقم الإسهال، لذا عليك أن تكون حذرًا بشأن ذلك".
وبالإضافة إلى الماء، توصي المعاهد الوطنية للصحة البالغين باستبدال السوائل المفقودة بالمرق والمشروبات الرياضية. وتنصح المعاهد الوطنية للصحة بإضافة عصير الفاكهة مع الماء لجعله مخففًا أكثر. من ناحية أخرى، يجب على الأطفال استخدام محلول معالجة الجفاف عبر الفم مثل "Pedialyte" لتخفيف أعراض التسمم الغذائي.
ستحتاج أيضًا إلى الابتعاد عن الأطعمة الصلبة لمدة 24 ساعة، خصوصًا إذا كنت تواجه مشكلة في الاحتفاظ بالطعام. وقال مجلسي إن القيام بذلك يمنح الجهاز الهضمي وقتًا للراحة والتعافي خلال هذه الفترة من الالتهاب. يمكن للبالغين تناول الأدوية المضادة للإسهال المتاحة من دون وصفة طبية مثل البزموت سبساليسيلات (الاسم التجاري Kaopectate وPepto-Bismol) أو اللوبراميد (الاسم التجاري Imodium) للتحكم في أعراض الإسهال.
وبعد مرور 24 ساعة، أوصى المجلسي بتناول قطع صغيرة من الطعام الخفيف الذي يحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات. يُعد نظام BRAT الغذائي، الذي يتكونّ من الموز، والأرز، وصلصة التفاح، والخبز المحمص، مفيدًا إذا كنت تعاني من الإسهال. عادةً ما يكون البسكويت المالح مقبولًا، ويمكن أن يساعد على تعويض الشوارد المفقودة.
إذا كنت تعاني من الغثيان والقيء، تنصح ديبا بعدم تناول الأطعمة الغنية بالتوابل، ومنتجات الألبان، والأطعمة المنتجة للغاز، والأطعمة الليفية، إذ قالت: "يعتقد الكثير من الناس أن تناول السلطات سيعزز من عمل جهاز المناعة لديهم، لكن في الواقع، يمكن للطعام الغني بالألياف أن يؤدي إلى تفاقم الأعراض ويسبب الانتفاخ وعدم الراحة في البطن".
متى تقصد الطبيب؟
هناك بعض السيناريوهات التي تستدعي الذهاب إلى المستشفى. يجب على كبار السن ومن يعانون من ضعف الجهاز المناعي مراجعة الطبيب على الفور لعلاج التسمم الغذائي. بالإضافة إلى ذلك، قال مجلسي إنه على الأشخاص زيارة غرفة الطوارئ إذا استمرت الأعراض لمدة أسبوع، أو إذا شعروا بالدوار، أو إذا عانوا من إسهال دموي. يمكن لمقدم الرعاية الصحية توفير السوائل الوريدية وإجراء تقييم كامل لمعرفة ما إذا كان ثمة خلل في توازن الكهارل أو مشاكل أخرى.
ولفتت ديبا إلى انه في حال "أصبحت الأعراض شديدة للغاية أو إذا كنت لا تستجيب للعلاج الداعم، فاطلب الرعاية الطبية على الفور".