دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تتميّز العاصمة الإماراتية أبوظبي بالعديد من المباني التي تُشكل جزءًا من التراث المحلي، لكنّها غالبًا ما تضيع وتختفي وسط صخب المدينة المحيط بها. ويُلقي المصوّر الإماراتي حسين الموسوي ضوءًا جديدًا على هذه المباني التي يتمّ تجاهلها، محوّلًا إياها إلى لوحات فنية.
ولا يقتصر الاهتمام بالمباني على الاختصاصيين بالعمارة فقط، بحسب ما يعتقده الموسوي، ولكنّ التحدي يكمن أيضَا بتواجد العديد من العناصر التي يصعب النظر إليها ككيان قائم بذاته، من قبل الناس.
وقال الموسوي في مقابلة مع موقع CNN بالعربية: "أكثر هذه المباني تقع ضمن إطار مزدحم بصريًا بعض الشيء، إذ لا يتسنّى لك الإلتفات إلى تفاصيلها عند قيادة السيارة مثلاً، إلا إذا كان المبنى فريدًا من ناحية الطراز، أو الحجم، أو إن كان يقع وسط إطار غير مزدحم نسبيًا".
وعبر مشروع "Facades of the UAE"، أو "واجهات الإمارات"، يعمل الموسوي على "أخذ الواجهات من إطارها العام حتى تستحضر التصوّر الذي وضعته مخيلة المعماري الذي صمّم المبنى".
"تعبير شخصي"
ويسعى الموسوي في مشروعه، الذي انطلق أواخر عام 2017، إلى توثيق مختلف النماذج المعمارية، وتطوّرها في شتّى أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة، وبينها أبوظبي.
وعبر إظهار الواجهات فقط بالإطار، يحوّل الموسوي مبان عادية موجودة منذ أعوام، أو حتّى عقود، إلى لوحات مُفصّلة ذات أنماط فريدة.
وفي عام 1984، أصدر مؤسس دولة الإمارات الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قرارًا يضمن أن تعكس المباني العامة والخاصة في أبوظبي الطابع العربي، والإسلامي، وتاريخ حضارة المنطقة، وفقًا لما ذكره الموسوي.
وقال الموسوي: "أعتقد أن هذا التوجه كان سائدًا منذ قيام الاتحاد.. حتّى إن لم أكن على دراية بهذه المعلومة، فإني أرى هذا (التوجه) متجليًا وبوضوح في جميع أنحاء المدينة".
ويعتقد المصور أن ذلك القرار لم يضع قيودًا على المعماريين، إذ استطاع بعضهم المزج بين طابع المنطقة، والحداثة.
وعند العمل على المشروع، كان المصوّر يبحث عما هو فريد من وجهة نظره كمصمم، إلا أنه أدرك مع مرور الأيام أهمية النظر للمباني التي تتمتّع بأهمية تاريخية، واجتماعية.
وأوضح المصور: "أدركت أن ليست كل المباني فريدة من الناحية الجمالية، إلا أن تصويرها مهم لما فيه من توثيق لحقبةٍ معمارية شكّلت جزءًا من هوية المدن".
ويُعتبر الإماراتي كل واجهة "تعبيرًا شخصيًا"، مشيرًا إلى أن "بعضها مٌعبّر، وبعضها الآخر يتميز بالكتمان، وبعضها يفتقر إلى شخصية حقيقية، إلا أن هذا التنوع، أو عدمه، هو ما يخلق الشخصية العامة للمدن".
ولا تشكّل بعض الواجهات سوى قناعًا لا علاقة عضوية له مع أجزاء المبنى الداخلية.
وتُشكّل بعض المباني، مثل مبنى"عبيد المزروعي" في أبوظبي، أفضل مثال يمنح قاطني كل وحدة سكنية فرصة لتشكيل هويتهم الخاصة ضمن الواجهة.
وإلى جانب مبنى "عبيد المزروعي"، وثّق الموسوي مبان أخرى بارزة ضمن التراث المعماري المحلي، مثل "برج ليوا"، و"عمارة العميرة"، و"برج بطي العتيبة"، و"أبراج البحر".
وتغيّرت مظاهر المباني على مستوى العالم، وأصبحت تتوجّه نحو "الطراز العالمي"، وليست وأبوظبي استثناءً.
وكان اللون الرملي المنسجم مع البيئة المحلية يطغى على المباني، بالإضافة إلى وجود مبانٍ ملونة، سواءً في تفاصيل الشرفات، أو لون المبنى ككل، مثل "عمارة العميرة".
ويوثق الموسوي المباني من دون القيام بتخمينات عن كيفية تغيّر واجهات المباني في المستقبل، ولكنه على ثقة من أن ما يوثقه سيكون قيّمًا بعد أعوام.