دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا شك بأن هناك جمال متأصّل في المباني والمدن، لكنه غالبا ما يكون مخفيّا، وفي بعض الأحيان قد نفوّت هذا الجمال، إذا لم نتعمق فيه كما ينبغي.
ويظهر ترام الإسكندرية في إحدى الصور بلونه الأزرق المتعارف عليه وهو يشق طريقه عبر أمواج البحر الأبيض المتوسط، وفي صور أخرى يظهر على شكل حافلات مكدسة فوق بعضها البعض لتبدو أشبه بالمباني السكنية.
وفي هذه السلسلة، التي صممهما بواسطة الذكاء الاصطناعي، يستكشف الفنان والمصمم المصري حسن رجب، ذكرياته عن مسقط رأسه الإسكندرية والعاصمة القاهرة في مصر، محاولا إظهار رمزية الجمال عند البحث عما يجعل المدن تبدو كما هي بالنسبة لقاطنيها وزوارها.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، يشرح رجب أن سلسلته التي تحمل عنوان "سوف تلاحقك المدينة" ، تعبّر بطريقة رمزية عن التغيرات التي شهدتها مدينتي القاهرة والإسكندرية خلال القرن الماضي من حيث الهندسة المعمارية الحديثة والتخطيط الحضري.
كما أنها تجسّد نظرته كمغترب إلى الهوية ومعنى الوطن والمنزل، والعلاقة بين التقدم التكنولوجي والتاريخ والحاضر، حسبما ذكره، وكأن طفولته قادته للبحث والكشف عن الجاذبية الخفية التي فاتته ذات يوم في جوهر الإسكندرية والقاهرة.
وأوضح الفنان والمصمم المصري أنه أنتج هذه السلسلة باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي المولدة (gen-AI models)، وهي تقنيات تقوم بإنشاء الصور استجابةً لوصف الكلام الذي يُدخِله.
وتنقسم السلسلة إلى قسمين، أحدهما يحمل اسم "المدينة عبارة عن ترام" مؤلف من 10 صور تركّز غالبيتها على استخدام "الترام"، بينما يحمل القسم الآخر اسم "رسومات القاهرة"، ويتضمن أيضاً 10 رسومات اعتمد فيها على تقنية المزج بين الحافلات والمباني السكنية.
ويُعد "الترام" بالنسبة إلى رجب واحدًا من أهم العناصر التي تشكّل هوية مدينة الإسكندرية، واصفا إياه بـ"العنصر الأصيل في النسيج العمراني خاصة خلال فترة التسعينيات ومطلع القرن الحادي والعشرين"، أي خلال فترة طفولته.
ويقول: "يحمل الترام طبقات مختلفة من السكان، وغالبًا ما يكون مزدحمًا، ويمر ببطء عبر شوارع المدينة، ما يتيح فرصة لتأمل الناس خارجه الذين يبدو أنهم على طبيعتهم بطريقة درامية ورومانسية نوعا ما".
وتابع: "من داخل الترام، يمكنك الاطلاع عن قرب على حياة الناس ومدى اختلافهم".
أما بالنسبة لرسومات القاهرة، فقد لاحظ رجب أن العديد من ملامح المدينة قد تغيرت عقب ثورة يوليو/تموز وما تلاها من تغيرات بسبب الحروب أو الامتدادات العمرانية نتيجة الانفجار السكاني أو التحولات السياسية على مدار القرن الماضي. في هذه الحالة، كان "الأتوبيس" رمزًا عمرانيًا آخر يمكن استخدامه للإشارة إلى هذه التغييرات.
وبدأ الفنان والمصمم المصري العمل على هذه السلسلة منذ نحو 18 شهرًا، وهي بمثابة مشروع مستمر، حيث أن التطور التكنولوجي سريع للغاية، ما يتيح الفرصة لاستكشاف جوانب أخرى من العمل الفني.
وعرضت هذه السلسلة خلال فعاليات النسخة الثامنة من المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر 2024"، وكان رجب الوحيد الذي لم يكن مشاركًا كمصور فوتوغرافي، بل كفنان يعرض سلسلة من أعمال فنية رقمية أنتجها باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ قال: "أعتقد أنها كانت خطوة مهمة لتقبّل هذا النوع من الفن من قبل معارض عالمية، حتى وإن كانت مخصصة لغير الفنانين الرقميين".