"كأنهن في غرف النوم"..مصور يوثق جانبًا حميمًا داخل سجن للنساء بالسبعينيات في أمريكا

ستايل
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتميز كل إطار في الصور الـ32 التي تزين كتابًا جديدًا بعنوان "Women Prisoner Polaroids" (صور فورية لنساء سجينات) للمصور جاك لوديرز-بوث، بطابع حميمي. 

وترتدي النزيلات ملابسهن الخاصة في زنزانات مزينة بأغراض شخصية، حيث يمكن رؤية إحدى السجينات وهي تتصفح السيرة الذاتية للمغني ميك جاغر، بينما صُورت أخريات وهنّ يحتضنّ صديقاتهن . 

وتتمتع الصور بأجواء دافئة لا تتوفر في السجون عادةً.

في أمريكا.. تجسد صور قديمة لسجينات جانبًا حميمًا للأنوثة والهوية
صُمِّم معهد فرامنغهام الإصلاحي في ولاية ماساتشوستس بأمريكا ليبدو كمنزل. Credit: Jack Lueders-Booth

وقال لوديرز-بوث لشبكة CNN في مقابلةٍ عبر الفيديو، عند حديثه عن الأهداف المبكرة للسجن في ولاية ماساتشوستس الأمريكية: "أصرت ميريام فان ووترز، المشرفة الأولى بمعهد فرامنغهام الإصلاحي في ماساتشوستس (في عام 1932)، على عدم استخدام هذه الفترة المؤسفة في حياتهنّ لتشكيل هويتهنّ".

وأضاف: "لتعزيز ذلك، حاولت جعله (السجن) يبدو وكأنّه منزل. ولهذا السبب (عندما كنت هناك) ارتدت النزيلات ملابس منزلية، ولم يرتد حراس السجن زيًا رسميًا أيضًا. وكان الكثير منهم في عمر مشابه للسجينات، وكان العديد منهم يدرسون العدالة الجنائية في جامعة نورث إيسترن بأمريكا.

في أمريكا.. تجسد صور قديمة لسجينات جانبًا حميمًا للأنوثة والهوية
كان هدف المعهد تقليل الآثار النفسية الناجمة عن السَّجن. Credit: Jack Lueders-Booth

تم إنشاء السجن في عام 1878 كمرفق إصلاحي يحبس النساء بسبب جريمة إنجاب الأطفال خارج إطار الزواج، وبحلول السبعينيات من القرن العشرين، احتُجزت نزيلاته بتهمة السرقة من المتاجر، والعمل الجنسي، أو لمشاركتهن في جرائم أخرى.

وكانت المنشأة في ذلك الوقت موقعًا للعديد من تجارب إعادة التأهيل، وهو جهد يهدف إلى تقليل الخسائر النفسية الناجمة عن السَّجن.

الثقة ببعضهن البعض

في أمريكا.. تجسد صور قديمة لسجينات جانبًا حميمًا للأنوثة والهوية
قام المصور جاك لوديرز-بوث بتدريس التصوير الفوتوغرافي للسجينات بين عامي 1977 و1984. Credit: Jack Lueders-Booth

في البداية، توجّه لوديرز-بوث إلى السجن في عام 1977 لقضاء عام واحد فقط في إدارة دورة للتصوير الفوتوغرافي كجزء من أطروحة الماجستير الخاصة به في كلية الدراسات العليا للتعليم بجامعة هارفارد.

وقال المصور: "كانت لدي أفكار محددة حول ما أردت القيام به، أي تعليم التصوير الفوتوغرافي للأشخاص في منشآت السجون، كوسيلةٍ لرفع الروح المعنوية وتعليمهن مهارةً ما".

في أمريكا.. تجسد صور قديمة لسجينات جانبًا حميمًا للأنوثة والهوية
إلى جانب عرض الصور، يتضمّن كتاب لوديرز-بوث أيضًا التاريخ الشفهي للسجينات. Credit: Jack Lueders-Booth

وتلقى الدعوة إلى معهد فرامنغهام الإصلاحي في ماساتشوستس بمحض الصدفة، حيث ترأس أستاذ آخر بجامعة هارفارد مشروعًا للفنون في السجن، وصادف أنّه كان يبحث عن شخصٍ لإطلاق دورة تدريبية في التصوير الفوتوغرافي.

ورافقته ابنته لورا، التي بلغت من العمر 18 عامًا، للمساعدة في منحه "مستوى من المصداقية"، على حدّ تعبيره.

في أمريكا.. تجسد صور قديمة لسجينات جانبًا حميمًا للأنوثة والهوية
يحتوي الكتاب على 32 صورة. Credit: Jack Lueders-Booth

ومُنِح لوديرز-بوث ممرًا من الزنزانات القديمة لإدارة برنامجه، وقام الثنائي بتحويله إلى مجموعة من الاستوديوهات والغرف المظلمة.

 تضمنت ورشات العمل 10 نساء تقريبًا في كلّ مرة، حيث بدأت المجموعات بإنشاء صور "photograms"، وهي عبارة عن مطبوعات فوتوغرافية تُوضع على أوراق الصور الفوتوغرافية، قبل تعريضها للضوء.

ومن ثم تعلمت المجموعة كيفية التقاط صور "البورتريه".

وقال المصور الفوتوغرافي: "أصبحنا نثق ببعضنا البعض في غضون أشهر. لقد وثقن بأنني كنت هناك لمساعدتهنّ"، موضحا أنّ الصور الفورية (بولارويد) التي التقطها، إلى جانب سلسلة أخرى من الصور بالأبيض والأسود، لم تكن مقصودة. 

في عام 1980، وبعد حصوله على زمالتين متتاليتين مع شركة الكاميرات الفورية، تمكن  لوديرز-بوث من الحصول على كمية لا نهائية من أشرطة الأفلام.

في أمريكا.. تجسد صور قديمة لسجينات جانبًا حميمًا للأنوثة والهوية
يرى المصور أنّ النساء في السجن كنّ ضحيةً للظروف. Credit: Jack Lueders-Booth

بعد ذلك، بدأ المصور الفوتوغرافي في صنع ما وصفه بـ"أهم مشروع قمت به في حياتي ربّما. لقد كان أمرًا مجزيًا ورائعًا"،  حيث بقي في فرامنغهام لسبع سنوات، ولم يختم ورش العمل الخاصة به إلا في منتصف الثمانينيات.

وبحلول ذلك الوقت، أصبح المصور الفوتوغرافي عضوًا مرحبًا به بين الموظفين والسجينات على حدٍ سواء.

وقال لوديرز-بوث: "على مرّ الأعوام، كانت الصور التي التقطتها تُعلّق على جدران السجن كجزء من مجموعات الصور الخاصة بهن، وهو أمر مجزٍ للغاية. شعرت أنني أساهم بشيء ما، وكان ذلك مهمًا".

وتابع قائلاً: "ظلّت النساء والطبيعة الاستثنائية لحياتهنّ تجذبني للعودة إلى السجن مرة أخرى"، مؤكدًا أن "الأمر أصبح بمثابة توعية حول هذا السجن، وظلم النظام أيضًا.. لذا بدأت أقدّر الإنسانية فيه، وكان هذا أكبر شيء حقًا، وحقيقة أنّ هؤلاء النساء كنّ ضحيةً للظروف إلى حدٍ كبير".