دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شكلّت القاهرة مدينة عالمية ومليئة بالحياة في أربعينيات القرن العشرين، مع احتضان العاصمة المصرية آنذاك العديد من الأشخاص من جميع أنحاء العالم، واعتبارها ساحة للتغيرات السياسية.
وكان المصور الفوتوغرافي الأرمني الأصل، ليفون بويادجيان، الذي كان معروفًا باسم "فان ليو"، شاهدًا على هذه الفترة، وهو أمر تعكسه مهنته الحافلة.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، قالت علا سيف، وهي مديرة أرشيف الصور الفوتوغرافية والسينما بمكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، حيث تبرع المصور بأعماله: "يُُعتبر أرشيف فان ليو شاهدًا على عدة عصور لأن نطاقه الزمني يمتد من الأربعينيات إلى الثمانينيات".
استوديو بسيط في منزل العائلة
هربت عائلة بويادجيان من أرمينيا إلى مصر، عندما كان يبلغ الرابعة من عمره فقط، حيث اختلط في مدارس القاهرة مع أطفال الجاليات الأجنبية، والأطفال المصريين، وتعلم اللغة العربية.
وفي مرحلة الدراسة الجامعية، تعرّف بويادجيان إلى صديق صيني مقيم في القاهرة علّمه التصوير.
وأفادت سيف: " فكّر والده أن يوجّهه لهذا المجال التي احترفه الكثير من الأرمن آنذاك، أي التصوير الفوتوغرافي".
وبداية عمل بويادجيان في استوديو شهير بالقاهرة خلال فترة الأربعينيات يُدعى "استوديو فينوس" ، حيث اكتشف عشقه للتصوير، وقرّر والده مساعدته بافتتاح استوديو تصوير خاص به.
ولكن بما أن الأوضاع المادية للعائلة كانت محدودة، خصص الأب جزءًا من شقتهم العائلية وحولّه إلى استديو في عام 1942، بشرط أن يكون شقيق بويادجيان الأكبر، أنجلو، شريكًا له في هذا النشاط التجاري.
وانفصل الشقيقان بعد خلاف وقع بينهما، وقام بويادجيان بشراء استوديو آخر مجاور من مصور في عام 1947، وشكل ذلك فترة انتقالية قام فيها "ببلورة اسمه المهني"، على حد تعبير سيف.
أجواء تنافسية ووجوه مألوفة
ومارس بويادجيان مهنته في أجواء فنية تنافسية في محيط وسط القاهرة، وكان مربع وسط البلد شهيرًا باستوديوهاته الفنية، ما جعله الموقع المثالي لإبراز اسمه.
وأوضحت سيف أن "طريقه للنجاح لم يكن سهلًا"، لافتة إلى أنه "كثيرًا ما كان يري وجوهًا جديرة بالتصوير، وكان يقوم بتصويرها بلا مقابل مادي".
ووثق المصور الأرمني صور "بورتريه" للسيدات، والرجال، والأطفال، والأفراح في القاهرة، وانعكاسات المتغيرات السياسية والاجتماعية.
كما وثق أيضًا أجواء الحياة الترفيهية في القاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كانت تُقام حفلات للجنود الإنجليز، والأستراليين، والنيوزيلنديين.
وتشمل الوجوه المألوفة التي يمكن رؤيتها في أعمال المصور الفنان رشدي أباظة، والكاتب طه حسين، كما التقط صورًا لفنانين في بداية مهنتهم الفنية، مثل عمر الشريف، وفاتن حمامة.