دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم فظاعة الحروب، لطالما كان هناك علاقة وطيدة بين الزيّ العسكري وصناعة الأزياء والثقافة الشعبية، بدءًا من الاستخدام السائد لطبعات التمويه وكتفيات السترات، إلى التبني الشائع للألوان مثل الأخضر العسكري والكاكي.
وقد عُرضت هذه الأنماط أخيرًا أيضًا في المؤتمر الوطني الديمقراطي ومهرجان لولابالوزا (مع حملة هاريس-والز وجولة "أميرة الغرب الأوسط" لشابيل روان على التوالي).
ماثيو نيكول الذي أطلق على كتابه البحثي الجديد عنوان "الزي العسكري"، غير مهتم تحديدًا بالجيش. وقال لـCNN: في الواقع، أنا جامع صور طعام ومحرّر صور".
غير أن عنوان كتابه الجديد الصادر أخيرًا عن دار نشر SPBH Editions، بالتوازي مع عرض الصور في مهرجان التصوير الفوتوغرافي الفرنسي Les Rencontres d’Arles، يعرض "تطور الملابس العسكرية إلى أزياء أيقونية"، أي مسارها من النماذج الأولية للزي الرسمي.
وكان صدر له كتاب تصويري سابق حول الطعام عام 2022، تحت عنوان: "طعام أفضل لرجالنا المقاتلين".
والكتابان نتاج ممارسة نيكول البحثية الشاملة التي قادته قبل بضع سنوات، إلى مركز أنظمة جنود ناتيك التابع للجيش الأمريكي(NSSC)، وهو مجمع عسكري لا يزال نشطًا في منطقة بوسطن ولا يتعامل مع الأسلحة، إنما مع الوظائف (تحل المنسوجات في المقام الأول)، ومجموعة كبيرة من الصور التي تم رفع السرية عنها.
وبين نحو 15000 صورة وجدها في الأرشيف الإلكتروني، يعيد كتاب "الزي العسكري" سياق تحرير 350 صورة، تظهر جنودًا ليسوا عارضي أزياء، من فروع عسكرية مختلفة، يقفون بزيهم الرسمي.
وفي حين كانت نقطة البداية بالنسبة لنيكول التصوير الفوتوغرافي، كما لاحظ ناقد الموضة أنجيلو فلاكافينتو في المقال المنشور في الكتاب والمعنون "الوظيفة هي الشكل"، كان هناك خط مسار حاضر، ورأى أنّ "الصور في هذا الكتاب لا تتمتع بجودة أساسية للموضة فحسب، بل إنها في الواقع تنضح بإحساس صارخ باللحظة".
وقد تم إنتاج هذه السلسلة لأسباب غير معروفة (رفض الجيش الأميركي الإجابة على أسئلة نيكول العديدة حول أصول الصور وأهدافها)، وهي تتمتع بحساسية مجموعة أزياء، في حين تعكس الملابس نفسها المطبوعات، والهياكل، والصور الظلية للاتجاهات المعاصرة، أو العكس (لاحظ نيكول أن الصور تم التقاطها بين أواخر السبعينيات وأوائل التسعينيات، بالتزامن مع انتهاء حرب فيتنام وبداية حرب الخليج الأولى).
وقال: "لم يكن المقصود من هذه الصور نشرها. إن الجيش الأميركي عبارة عن مجتمع داخل المجتمع، يعمل لصالحه آلاف الأشخاص، و(في حين) لا تعد هذه الصور دعاية، فقد تم إنتاجها لإغواء الناس وبيع نماذجها الأولية لأجزاء مختلفة من الجيش".
إن الارتباط بين الصور هنا، واتجاهات الموضة الأوسع نطاقًا واضح أيضًا. تبدو إحدى الصور لرجل يرتدي سترة صوفية حمراء مقترنة ببعض السراويل المبطنة التي تتمتّع بصلة خاصة في عام 2024، في حين أن نفس نمط اللحاف البصلي يتحدث عن موضة السترات المبطنة.
ولفت نيكول إلى أنّ "هذه الصور تتماهى كثيرًا مع ما نراه اليوم، إذ تبدو بعض الصور شبيهة تقريبًا بحملات كارْهات. لدي ابنة تبلغ من العمر 15 عامًا ترتدي سراويل فضفاضة وأنماط مموهة، و(المدير الإبداعي في لويس فويتون) فاريل ويليامز، ورجال لويس فويتون لديهم أنماط مموهة أيضًا. من المثير للاهتمام أن كل من الأزياء الراقية وأزياء الشارع قد استوحيت منها. فالبحث العسكري له دومًا تطبيقات مدنية".
على الغلافين الأمامي والخلفي، يظهر رجل وامرأة بشكل منفصل في سترات واقية بيضاء، الأمر الذي يذكرنا بعروض هلموت لانغ التي نالت استحسانًا واسع النطاق في عام 1998، والتي تضمنت تصاميم مماثلة (ارتدى تيموثي شالاميت نسخة جلدية سوداء أرشيفية للترويج لوونكا في لاس فيغاس عام 2023). وأكد فلاكافينتو: "إن قطعة الأزياء تبهر لأنها ترضي العين أولاً، ولكن أيضًا لأنها مشحونة بقيم رمزية، سواء كانت المكانة أو الحداثة".
فائض مخزون الجيش
بالطبع، تم الاستيلاء على الأسلوب العسكري من قبل ثقافات فرعية مختلفة لعقود من الزمن.
عادةً ما كانت متاجر الجيش ذات المخزون الفائض والرخيصة تؤثر على أسلوب الثقافة المضادة في ستينيات القرن الماضي، ثم شكلت لاحقًا زي فرق الموسيقى المستقلة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مثل The Strokes.
حتى ظهور ويليامز الأول في ربيع وصيف 2024، لصالح لويس فويتون، حيث قدم الممثل متعدد المواهب طفرة تمويه جديدة، كان بمثابة استدعاء للنسيج لنادي Billionaire Boys Club، العلامة التجارية التي أسسها بالاشتراك مع المصمم الياباني Nigo في عام 2003.
علاوة على ذلك، فإن القطع الرئيسية للعلامات التجارية الإيطالية C.P. Company وStone Island تبحر مباشرة في هذه العلاقة، مما يعكس ابتكارات الجيش الأمريكي.
أضاف نيكول، وهو ينقل قراءته الأولية لخصائص الصور، التي تتوافق مع جماليات التسعينيات التي اقترحها يورغن تيلر، وآخرين، "إلى جانب حقيقة أنها جميلة ومنتجة بشكل جيد، فإن ما أذهلني في هذه الصور يتمثل باستخدامها الانتاج ذاته الذي نراه اليوم".
وخلص إلى أنه "عندما عرضت الصور على أصدقائي العاملين في مجال الموضة، أظهروا لي مواقع التجارة الإلكترونية لشركة Acne Studios وMartin Margiela: الملابس تبدو متشابهة، والعارضات بَدَوْن متشابهات، لكن هذه الصور عمرها 40 عامًا".