دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُعتبر صلصة السمك رمز المطبخ الفيتنامي، وهي مكوِّن وطني لا غِنى عنه، مثل زيت الزيتون، أو صلصة الصويا. لكن من العادل القول إن عملية إنتاجه ليست عطرة جدًا، وذلك بفضل الرائحة القوية المنبعثة من تخمير الأنشوجة في أوعية خشبية ضخمة لمدة عام.
رغم ذلك، هذا الأمر لا يمنع آلاف الزوار من التوجّه إلى المصنع المُنتج لصلصة السمك "فونج هونغ" في جزيرة "فو كوك"، التي تبعُد 45 دقيقة بالطائرة جنوب غرب مدينة هو تشي منه.
وعمل المصنع في هذا المجال منذ عام 1950، وهو يفتخر بسمعته كأحد المنتجين الرائدين في جزيرة يشعر العديد من الفيتناميين أنها تصنّع أفضل صلصة سمك في البلاد.
السحر وراء الصلصة
وتُشكّل المكوّنات الأساسية في صلصة السمك الأنشوجة السوداء، والأنشوجة البيضاء الأصغر حجمًا.
ويشكل المكوّنان معًا حوالي 95% من الأسماك المُستخدمة، وتشكّل الأسماك الأكبر، مثل السردين، والرنجة الباقي.
ويمتلك مصنع "فونغ هونغ" قوارب الصّيد الخاصّة به، ما يسمح له بالإشراف على عمليّة الإنتاج بأكملها.
وعند صيد الأسماك، يتم تجفيفها على الفور وهي ما برحت على متن القارب، ثم يتم تمليحها، وتخزينها، ما يعني أن عملية التخمير قد بدأت بالفعل باستخدام السمك الطازج.
البراميل
وكانت براميل صلصة السمك تُصنع يدويًا من أخشاب boi loi، وهي شجرة تقع عليها في منتزه "فو كوك" الوطني، لكنها أصبحت عرضة للخطر، لذا يتمّ استيراد الخشب من كمبوديا.
وقد شبّه البعض أهمية الخشب في هذه الصلصة لتعتيق النبيذ ببراميل مصنوعة من خشب البلّوط، وهو أمر يُضيف نكهة فريدة.
وتُصنع البراميل الضخمة من 54 شريحة خشبيّة مربوطة معًا يدويًا.
ويستغرق صنع برميل واحد رجلين ومدّة 3 أسابيع.
وبمجرد ملء البرميل، يتسلّق العمال خارجها، ويرتدون جزمات مطاطيّة بيضاء اللون، ويبدأون بالضغط على محتوياته من طريق الدوس على المزيج.
ويكررون ذلك يوميًا لمدّة عام كامل، ويتم تصريف السائل الذي يتسرّب من الأسماك ليُعاد إلى البرميل.
ويراقب العمّال المحتويات، ويتذوّقون الصلصة ليقرروا متى تكون الدفعة جاهزة.
وتأتي المرحلة النهائيّة عند إرسال عيّنة من الصلصة إلى المختبر للحصول على درجة كثافتها، ويُقاس ذلك بمستويات النيتروجين الذي يُعد منتجًا ثانويًا لعملية التخمير.
ومن دون الوصول إلى المستوى الصحيح، لا يمكن اعتمادها على ملصق الزجاجة.
وتميل صلصات السمك في "فو كوك"، إذ يوجد أكثر من 70 مُنتِجًا مختلفًأ في الجزيرة، للتّمتّع بدرجات أعلى من محتوى النيتروجين، ما يؤدي إلى نكهات معقّدة، ومختلفة.
الضغطة الأولى
وإذا كنت تبحث عن صلصة السمك الأغلى ثمنًا، يتم أخذها مباشرة من الضغطة الأولى لبرميل واحد، وتكون غير مخفّفة، أو مخلوطة.
وابحث عن عبارة nước mắm nhi على الملصق، فهو يعني أنها جاءت من أول سائل استُخرج من البرميل.
ويُشير البعض إليها بـ"صلصة السمك البكر الممتاز".
ويقود الشيف الإسباني، برونو أنون، برنامج الطهي في Regent Resort Phú Quốc، وهو من محبّي صلصة السمك.
ويقول أنون: "صلصة السمك هي الرّوح الوطنيّة، والجوهر القومي للشّعب الفيتنامي، وما يميّز مطبخ البلاد عن بقيّة العالم".
ولفت أنون إلى وجود طبقات متعددة لنكهة الصلصة، وقال: "سيكون من السهل جدًا القول إن مذاق صلصة السمك سمكي، أو مالح حتّى.. قد يتّجه عقلك إلى مذاق السمك الطازج، أو الجلوس عند الشاطئ".
وأضاف أنون: "لدى صلصة السمك في بعض الأحيان لمسة من الحلاوة، أو نكهة معدنيّة، أو لمحة من الكراميل".
وبالفعل، تستخدم المطاعم الفاخرة المشهورة مثل Toyo في مانيلا (يُعتبر الفلبينيون من عشاق صلصة السمك أيضًا، وهي تسمى "باتيس" محليًّا)، وAnan في مدينة هو تشي مينه صلصة السمك لتحقيق تأثير رائع على نكهة الأطباق الحلوة.
وهي تُضاف إلى الشوكولاتة، والآيس كريم، ما يمنحها نكهة تشبه الكراميل المملّح.