دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عندما يأتي الأمر للمطبخ الإيطالي، من المعروف أنّ التشكيك فيه مسألة خارج النّقاش.
ولذلك، أحدثت مقابلة أُجريت مؤخرًا مع أستاذ تاريخ الطّعام المثير للجدل، ألبرتو غراندي، ضجّة كبيرة.
وقال غراندي، الذي شكّك في أصالة المنتجات الأساسيّة المصنوعة في إيطاليا مثل الكاربونارا، وجبن البارميزان، وحتّى البيتزا لأعوام، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إنّ هوس الإيطاليين بمطبخهم ينبع من انعدام الأمان.
وأوضح غراندي: "المطبخ الإيطالي في الحقيقة أمريكي أكثر منه إيطالي"، وهو أمر يصعب على الإيطاليين، الذين غالبًا ما يسخرون من ثقافة وجبات الطعام السريعة في أمريكا، تقبّله.
وأثار التّساؤل عن أصالة ثراء المطبخ الإيطالي استياء الحكومة الإيطاليّة، لسببٍ وجيه.
وفي اليوم الذي هزّ فيه مقال غراندي مطابخ أعظم الطّهاة الإيطاليين، قام وزيرا الثّقافة والزّراعة في إيطاليا يترشيح المطبخ الإيطالي لنيل مكانة ضمن مواقع منظمة اليونسكو للتراث العالمي، وهو أمر سيُحدّد في ديسمبر/كانون الأول من عام 2025.
"فسيفساء التقاليد"
وخلال مؤتمرٍ صحفي في 23 مارس/آذار، أعلن وزير الثّقافة، جينارو سانغيوليانو، ووزير الزّراعة، فرانشيسكو لولوبريجيدا عن تسجيل التّرشح لقائمة اليونسكو بناءً على "مجموعة من الممارسات الاجتماعيّة، والطّقوس، والبوادر القائمة على النّكهات المحليّة العديدة التي تُميّزها من دون وجود تسلسل هرمي مُحدّد".
كما تقدّمت الوزارات أيضًا بطلب الاعتراف بالمطبخ الإيطالي ضمن القائمة التمثيليّة لليونسكو للتّراث الثّقافي غير المادي للبشريّة في عام 2023.
وقدّمت المجموعة ملفًا كتبه بيير لويجي بيتريلو، وهو أستاذ في جامعة "روما لويس".
وكتب بيتريلو عن "فسيفساء التّقاليد" التي "تعكس التّنوع الثّقافي الحيوي للبلاد"، بحسب تعبيره.
وتتمثل المشكلة الوحيدة بأنّ نظريات غراندي المُنتشرة الآن حول الطّعام الإيطالي، تُضعِّف من التّرشيح.
"الوصفات والأذواق تتغيّر"
وأوضح غراندي لـCNN السّبب وراء شغفه بهذه القضيّة، موضّحًا أنّ الملف يستند إلى وصفات الطعام، وليس إلى الجذور، وأن جوهر هذا التّعيين يتمحور حول أهميّة المطبخ في الثّقافة، وليس المطبخ الفعلي، أو ما إذا كان طبق الكاربونارا يحتوي على الفِطر أم لا.
ويشعر غراندي بالانزعاج من القول المأثور الذي ينصّ على أنّ الإيطاليين هاجروا من بلدهم وعلّموا الأشخاص كيفيّة الطّهي وتناول الطّعام، مشيرًا إلى أنّهم "هاجروا لأنهم لم يمتلكوا ما يأكلونه هنا، وكانوا فقراء".
وأضاف غراندي أنّهم "غادروا لأنهم كانوا يتضورون جوعًا. وإنّ وصف الأمر بشكلٍ مختلف مُهين لأجدادنا".
كما اندهش غراندي إلى حدٍ ما من الضجّة التي أحدثتها مقابلته، والأبحاث اللاحقة التي أجرتها صحيفة "فاينانشيال تايمز".
واستطاعت الكاتبة، وهي إيطاليّة أيضًا، دعم الكثير ممّا ذكره غراندي عبر التّحدث إلى أقاربها بشأن تناولهم للبيتزا لأوّل مرّة، إضافةً لكيفيّة صنع الوجبات الأساسيّة في الأصل.
وأكّد غراندي: "الوصفات والأذواق تتغيّر"، مضيفًا: "وظيفتي هي أن أكون مؤرخًا، أنا لا أبيع المنتجات".
"حماية التّراث"
ووصف الاتّحاد الوطني للمزارعين المباشرين الإيطاليين لـCNN هجوم غراندي بأنه سريالي، وخصوصًا في أعقاب الترشّح لقوائم اليونسكو، مشيرًا إلى وصول قيمة سرقة وصفات الطعام الإيطاليّة التقليديّة المُنتجة في الخارج بمكونات دون المستوى المطلوب إلى 130 مليار دولار سنويًا.
ويُعد صنّاع زيت الزّيتون الإيطالي البكر الممتاز وجبن البارميزان من أكبر المخالفين.
وفي مؤتمرٍ صحفي لدفع قانون منع الأطعمة المُصنّعة في إيطاليا إلى الأمام، قال وزير الصحة، أورازيو سكيلاتشي: "نريد حماية تراث أمتنا وقطاعنا الزراعي المُستند إلى حمية البحر الأبيض المتوسط".