دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في حين يتوجه الكثير من الأجانب إلى إيطاليا للعيش وسط أجوائها الساحرة والتمتع بجمالها ومناظرها الطبيعية، كان لدى ثنائي من ميونخ حلمًا مختلفًا، قوامه تقديم طعام إيطالي رمزي للسكان المحليين.
وإعداد البيتزا في إيطاليا وإرضاء الأذواق الإيطالية ليست بالمهمة السهلة.
ويدير كل من توماس هارتكي وإيرين هوربراند، في الستينيات من عمرهما، مطعم "A Teira"، الوحيد المفتوح على مدار العام في قرية ريفية تدعى آيرولي بإقليم ليغوريا.
ويعيش فيها حوالي 450 شخصًا فقط، بينهم 150 أجنبيًا.
وما بدأ كإجازة منذ نحو 50 عامًا تحوّل إلى حياة جديدة مليئة بإنجازات مطبخية غير متوقعة.
ويقول هارتكي: "وقعنا في حب هذا المكان عام 1975، عندما زرناه لأول مرة"، وتابع: "عدنا مرارًا وتكرارًا، ثم انتقلنا إلى هنا بشكل نهائي قبل 23 عامًا، واستقرينا في منزل مستأجر".
ويشير هارتكي إلى أن سكان القرية متعاونون وودودون، والقرية ذاتها تتمتع بجو مريح، كما لم يترك الزوجان خلفهما أي شيء في ألمانيا.
وبالنسبة لهما، حياة الأحلام تعني عملًا شاقًا ومجزيًا.
ولبضع سنوات، قام الزوجان بإدارة الحانة الرئيسية في القرية، ثم توليا مسؤولية إدارة مطعم البيتزا عام 2016.
يشرح هارتكي أن مشروع الحانة تطلب جهدًا أكبر مع جدول زمني يمتد لمدة 18 ساعة يوميًا، مع ذلك، تشغيل مطعم البيتزا لم يكن أكثر سهولة.
كيفية بيع البيتزا للإيطاليين
وتمثل أكبر تحدٍّ على الإطلاق بالنسبة لهما في إعداد فطائر بيتزا جيدة - أو مقبولة في الحد الأدنى - على أمل ألا يجدها المحليون مثيرًة للاشمئزاز.
وقال هارتكي:"كنا نعلم أن تقديم البيتزا للإيطاليين لن يكون بالأمر السهل، إنه بمثابة طعام مقدس لهم، لكننا لم نخش المحاولة، وقد كوفئت شجاعتنا".
وتابع أن الزبائن تقدّر البيتزا الخاصة بهما، حتى أصبحوا زبائن دائمين، مؤكدًا أنهم ليسوا فقط من الأجانب بل حتى من السكان المحليين.
يقع مطعم "A Teira"، الذي يعني "الأرض" بلهجة المنطقة المحلية، على قطعة أرض خصبة كان يمجّدها الفلاحون.
يعد المطعم وجهة شهيرة لتناول وجبات العشاء وإقامة الحفلات خلال عطلة نهاية الأسبوع، خصوصًا في الشتاء، عندما تغلق معظم المطاعم والحانات القليلة في القرية أبوابها.
وقرية أيرول تعد بمثابة وجهة سرية ليست بعيدة عن شواطئ ليغوريا الحيوية، محاطة بغابات ووديان نقية.
وتضم القرية، التي تبدو وكأن الزمن توقف فيها، مساكن قديمة ملونة بألوان فاتحة تحتوي على أبواب خشبية وعواميد مغطاة بأوراق العنب الأخضر.
بفضل مهارات الألمانيان المدهشة في إعداد البيتزا، سرعان ما انتشرت شهرة مطعم "A Teira"، وهو الآن محجوز بالكامل خلال فصلي الربيع والصيف، أي الفترة التي تستقطب المصطافين من الساحل إلى القرية، بحثًا عن هواء أكثر برودة وأجواء هادئة.
يضم المطعم 10 طاولات فقط ويتّسع لـ50 زبونًا، ولا يوجد أي موظفين، إذ يعمل الزوجان توماس وإيرين بمفردهما.
وبينما يقوم توماس بخدمة الزبائن، تقوم زوجته إيرين بتحضير البيتزا.
ما يميز البيتزا التي تعدّها إيرين التنويع الإبداعي، مع مكونات أصلية خارجة على التقليد الإيطالي.
فبالإضافة إلى الأنواع الكلاسيكية، نجحت إيرين في اختبار مكونات غير إيطالية ومزج تقاليد الطعام.
تكريمًا لأصولها الجرمانية، تصنع إيرين البيتزا مع مخلل الملفوف، والنقانق، ولحم العجل، مع سلطة الطماطم، وبيتزا الكباب، والبيتزا مع جبن الماعز، والبيتزا مع السلمون - وهذا الأخير يعد الأكثر طلبًا من قبل الزبائن.
والجدير بالذكر أن إيرين لم تقم بإعداد البيتزا من قبل، حتى قررت هي وزوجها أن هذا ما سيفعلانه خلال إقامتهما في القرية.
كل مساء، بمفردها في المطبخ الصغير حيث لا يُسمح لزوجها بالدخول، تقوم إيرين بخبز 60 فطيرة بيتزا، من الساعة 6 حتى 10 مساءً.
وتقول: "أشتري المكونات المحلية، والجبن الطازج، والطماطم، والخضار، والأسماك، واللحوم المعالجة من السوق كل صباح من مدينة فينتيميليا، التي تبعد 13 كيلومترًا فقط ولديها عروضًا واسعة".
وتوضح أنها تفضل إعداد فطائر بيتزا مختلفة بناءً على المنتجات الموسمية، مشيرة إلى أنّ لكل بيتزا قصة خاصة بها.
على سبيل المثال، هناك بيتزا "إيرين" التي تضم جبن الموتزاريلا، والغرغونزولا، والجرجير، والفطر. وكما يوحي اسمها، فإنها تعد المفضلة لدى إيرين.
ويميل الإيطاليون إلى الشعور بالضيق الشديد إذا عبث شخص ما بالأطباق التقليدية، لاسيما الباستا والبيتزا، ولكن بطريقة ما ينجذب سكان القرية إلى البيتزا الخاصة بالزوجين الألمانيين.
وتقول إيرين: "كنا خائفين من أن الزبائن سيشعرون بالاشمئزاز من إضافات مثل لحم الخنزير والتونة، لكنهم أحبوها بالفعل".
مع ذلك تعترف إيرين أن البيتزا الأكثر "إثارة للجدل" على الإطلاق، والتي عادة ما تجعل الإيطاليين في حالة من الاشمئزاز، هي البيتزا مع الأناناس، المفضلة بالنسبة للزبائن الأجانب.
تشير إيرين إلى أنّ مكوناتها الرئيسية هي "الحب والعاطفة"، إضافة إلى الذوق الفني، كما أنها تستمتع بمزج المكونات من ألوان مختلفة، إذ ترى أننا نأكل بأعيننا أولاً ثم بأفواهنا".
وتؤكد أن الأمور سارت على ما يرام منذ البداية، وفي حفل الافتتاح، قامت بخبز عشرات البيتزا المختلفة التي قام الجميع بتجربتها.
وتتذكر إيرين: "كان الأمر بمثابة خوض اختبار نوعا ما، وقد شعرت بسعادة غامرة عندما أخبروني أنني صنعت بيتزا إيطالية حقيقية، ذات قوام رقيق ومقرمش".
وقد غزت التعديلات الإبداعية للبيتزا في هذا المطعم المصمم على الطراز الألماني السكان المحليين، فلا أحد يمتعض من مطعم A Teira، ربما لأنه مطعم البيتزا الوحيد في القرية.