دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في بعض الأحيان، وفي أكثر الأماكن إشراقًا ودفئًا واسترخاءً، نبحث عن "الخطر المُظلم والبارد". وهذا يُفسّر إلى حدٍّ ما شعبية وادي "ساكليكنت".
يقع "ساكليكنت" بالقرب من "ساحل الفيروز" في جنوب غرب تركيا، وهو امتداد جميل من البحر الأبيض المتوسط حيث يقضي معظم المسافرين أوقاتهم قبل العودة إلى ديارهم.
ولكن، هذا لا يعني أن "ساكليكنت"، أكبر وادٍ بتركيا، خاليًا من المخاطر.
وتنصح اللافتات بأنّ "أول 500 متر من مسار المشي في الوادي مناسب للأطفال شرط أن يكونوا برفقة شخص بالغ.. وبعد ذلك، توجد مخاطر متعلّقة بالسلامة الشخصية".
وشملت التحذيرات البالغين أيضًا.
وتوجد "مخاطر عالية على سلامة الأرواح والممتلكات"، عند قطع أكثر من ميل في أعلى النهر من دون دليل ومعدات مناسبة.
وفي حين تمنع هذه اللافتات الكثير من الأشخاص من الاستكشاف، يرى آخرون بلا شك أنها تُمثّل تحدّياً كبيرًا.
عند مدخل الوادي الذي يبلغ طوله 18 كيلومترًا، تكون الأجواء احتفالية. وبعد شراء الزوّار تذاكرهم، يمرّون عبر شقّ صخري ضيق على طول ممر خشبي مُعلّق فوق المياه النابضة بالحياة.
وسرعان ما ينفتح هذا الممر على حوض طبيعي واسع، حيث تتدفق منه ينابيع من المياه المتجمّدة من جميع الجهات.
ويوجد هناك أكشاك للطعام والشراب، وطاولات للنزهة حيث يجلس الناس بأقدامهم العارية في النهر البارد وأيديهم حول كوب من الشاي التركي الساخن.
ويُنصح بتجنب زيارة "ساكليكنت"، المعروف أيضاً باسم "الوادي الخفي" أو "المدينة المفقودة"، بين أواخر فصل الربيع ومطلع فصل الخريف.
وفي أشهر الصيف، من الأفضل التحقق من توقعات الطقس، حيث يمكن أن تتسبب الأمطار الغزيرة بوقوع حوادث.
ويُذكر أنه توفي شخصين في شهر يوليو/ تموز من العام 2014، بعد وقوع فيضان صيفي نادر.
ومن منطقة التنزه، يمكن المشي بسهولة على طول قاع الوادي، حيث يتعرّج بين المنحدرات.
ويستخدم بعض الأشخاص برك المياه هناك كحمامات طينية. ويقوم آخرون برّش الطين على الجدران الصخرية، تاركين بصمات أيديهم وأعمالًا فنية بدائية.
ثم يصبح الأمر صعبًا ومذهلًا في آن.
ففي بعض الأماكن، تصل المياه الموحلة المعتمة إلى جميع أنحاء الوادي، ما يعني أن الطريقة الوحيدة لعبوره هو الخوض في المياه من دون معرفة مدى عمقها.
وتنغلق الجدران الرخامية والجيرية على بعضها، ما يُجبر الناس على التدافع أسفل الصخور العملاقة المشؤومة التي سقطت من أعلى وانحشرت في الفجوة بينها.
ويمكن أن يصبح المكان مظلماً أيضاً، حيث يكافح ضوء الشمس لاختراق الشقّ الضيّق.
وبعد بضعة كيلومترات من المشي سيرًا على الأقدام، يؤدي الطريق إلى ما يشبه الحجرة. ويجب تسلّق سلسلة من الحواف الصخرية الصعبة، وغالباً ما تكون المياه متدفقة فوقها.
وهذه النقطة التي حذّرت منها اللافتات، حيث يعود معظم الناس أدراجهم.
ويُنصح أولئك الذين يقررون المضي قدماً بالمضي قدماً بالاستعانة بأحد المرشدين الذين غالباً ما يكونون موجودين لاصطحاب مُحبّي الإثارة والمغامرة.
وقال قادر سوياباتماز، أحد مرشدي الوادي: "نحن نعرف الأماكن العميقة جداً تحت الماء ومواقع الأماكن الخطرة.. لقد شهدنا العديد من الحوادث، واضطررنا إلى نقل أشخاص أُصيبوا بكسور في أقدامهم".
وفي النهاية، سيؤدي بك الطريق إلى ما يبدو وكأنه كهف كبير محفور منذ ملايين السنين ومليء بالصخور العملاقة. وبمجرد عبوره، سيُفاجى الناس بوجود شلال صغير ساحر ومدخل كهف منخفض يُشير إلى وجود المزيد.
وقد تبدو الرحلة مخيفة أحيانًا، إلّا أنها مبهجة ومنعشة في الوقت ذاته.
وسيشعر الزائر بـ"النصر" عند العودة إلى مدخل الوادي، حيث تجد الحشود مُتجمعين هناك، ومعظمهم لن يعرف أبدًا الأسرار الحقيقية للوادي المخفي.