دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يقول الشيف سونغ آنه الكوري الأمريكي والحكم في برنامج الطهي الواقعي الشهير "Culinary Class Wars"، الذي حصل للتو على الضوء الأخضر للموسم الثاني، "كما فعلت في الجيش الأمريكي عندما تطوعت للذهاب إلى الحرب مدفوعا برغبة القيام بأمر مختلف، قررت المجيء إلى كوريا لتجربة أمر مختلف".
يبلغ سونغ من العمر 42 عامًا، وهو رئيس الطهاة ومالك مطعم Mosu Seoul، المطعم الوحيد الحائز على ثلاثة نجوم ميشلان في كوريا الجنوبية.
في الأسابيع الأخيرة، اكتسب مجموعة جديدة من المعجبين بصفته الحكم الدقيق والصريح في المسلسل الجديد على Netflix. هذا الشغف والدافع الثابت لشق طريقه الخاص ساعده على إعادة تشكيل المطاعم الفاخرة في مسقط رأسه.
ولد سونغ في سيؤول، عاصمة كوريا الجنوبية، وهاجر مع عائلته إلى سان دييغو، كاليفورنيا عندما كان في الثالثة عشرة من عمره.
وروى لـCNN: "كنا نسعى كعائلة إلى تحقيق الحلم الأمريكي. وباعتبارنا عائلة مهاجرة، لم نكن نعرف اللغة الإنجليزية".
وتابع: "ذهبت إلى المدرسة، ثم التحقت بالجامعة، لكنّي قررت الانضمام للجيش الأمريكي لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي اعتقدت أنني أستطيع من خلالها السفر".
وعلى مدار أربع سنوات من الخدمة، تدرّب في قواعد بمختلف أنحاء البلاد، قبل أن يتم إرساله إلى بلده الأصلي، كوريا الجنوبية، ثم إلى الشرق الأوسط بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول.
وقال:"عندما تطوّعت للذهاب إلى العراق أثناء الحرب، سألني الناس، لماذا أقدمت على هذه الخطوة المجنون؟".
وأضاف: "لقد تطوعت للذهاب إلى العراق لأنني اعتقدت أن لدي هذه الفرصة الوحيدة للذهاب إلى الحرب وخوض هذه التجربة".
في أواخر عام 2002، أرسل إلى بغداد في مهمة استمرت مدة عام كاختصاصي في وحدة المدفعية، "لتطهير القنابل والأسلحة" من القوات العراقية، ضمنًا المخبأ حيث عثر فيه على صدام حسين في عام 2003.
يصف سونغ وقته في الجيش بأنه "مفتّح للعين".
لقاء صدفة
بعد خدمته، أراد سونغ تغيير مساره حرفيًا. كان مهووسًا بالسيارات، وأحب سباق السيارات تحت جنح الظلام عندما كان مراهقًا، وكان حلمه أن يصبح ميكانيكيًا لدى بورش.
ولكن قبل أسبوعين من بدء تدريبه، غير لقاء صدفة مع مجموعة من الطهاة خارج الفرع الأمريكي المغلق راهنًا، لمدرسة الطبخ الشهيرة "لو كوردون بلو" في كاليفورنيا، مسار حياته مجددا.
وتذكر: "كانوا جميعًا يرتدون قمصانًا بيضاء وسراويل منقوشة. لم يكن لدي أي فكرة عن المدرسة".
بعد التحدث مع الطهاة ومستشار مدرسي مؤثر إلى حد ما، أصبح سونغ "مُدمنًا" على الطبخ وقرر تأجيل أحلامه في مجال الميكانيك.
وقال ضاحكًا: "لم أنظر إلى الوراء أبدًا، ولم أندم أبدًا. والآن أقود سيارة بورش، لذا لا بأس".
ويعتقد أنه "كان من العفوي جدًا بالنسبة لي اختيار هذه المهنة".
بعد تخرّجه من مدرسة الطهي، عمل في بعض أفضل مطابخ الساحل الغربي، من مطعم French Laundry الحائز على نجمة ميشلان إلى Benu وUrasawa.
وأطلع CNN أنه قابل بعضًا من أعظم الطهاة في الولايات المتحدة الذين وجهوه "وأعتقد أنهم صقلوا الخشونة التي اكتسبتها بالجيش"، وينسب إليهم الفضل في تعليمه أهمية المهارة في مهنتهم.
في عام 2015، افتتح سونغ مطعمه الخاص، Mosu San Francisco، الذي يجمع بين النكهات الأمريكية إلى تلك الخاصة بتراثه الكوري.
كانت مخاطرة أتت ثمارها، إذ حصل على أول نجمة ميشلان له خلال عام.
وأخبر: "لم يرضني ذلك كثيرًا. كنت سعيدًا جدًا لفريق المطعم، ولنفسي. لكنني كنت أعلم أن هناك المزيد للقيام به".
وأوضح إنه أراد "العودة إلى بلدي والاستفادة مما أعرفه وما أفهمه.. استخدام المكونات الأصلية والثقافة الكورية والتراث".
لذا، بعد عقدين من الزمان قضاهما في الولايات المتحدة وحصوله على نجمة ميشلان، حان الوقت لإحضار موسو إلى وطنه.
الوجه الجديد لطعام سيؤول
في عام 2017، افتتح الشيف سونغ مطعم موسو سيول في قلب أحد أسرع أحياء تناول الطعام الفاخر نموًا في العالم. أما خطته فكانت بسيطة: الابتكار.
لم يكن مطعم موسو يشبه بشيء ما عرفته سيؤول من قبل. أخذ سونغ ما ابتكره في سان فرانسيسكو مع فن الطهي المدمج وحول القائمة للاحتفال بالمكونات الكورية.
لكن هذا لم يكن طعامًا كوريًا عاديًا.
يفتخر الشيف الكوري الأمريكي بتقديم الأطباق على نحو مختلف، فهو لا يتقيد بأسلوب معين من الطهي أو المطبخ. يدمج إلهامه الطهوي من تراثه وتربيته عبر الثقافات، كل ذلك بتفاصيل دقيقة.
والنتيجة؟ أطباق مدروسة ومرحة، مثل تاكو أذن البحر المميز بنكهات خفية تستحضر منزله وذكرياته في كاليفورنيا، في مطعم موسو.
يقول: "في مطعم موسو، أطبخ ما أعتقد أنه الأفضل، بلا حدود، ولا نوع".
في عام 2022، حصل مطعم Mosu Seoul على ثلاث نجوم ميشلان، ومعها الاعتراف بكونه الوجه الحديث للمشهد الذواقة المتغير في العاصمة الكورية الجنوبية.
ولادة نجم "نتفليكس"
يتجلّى الاهتمام الدقيق الذي يبديه سونغ بالتفاصيل في برنامج الطهي الواقعي الشهير "Culinary Class Wars" على Netflix، حيث يتنافس 20 من أفضل الطهاة مع 80 طاهيًا غير معروفين للحصول على لقب أفضل طاهي في كوريا الجنوبية.
يشارك الشيف سونغ إلى جانب صاحب المطعم المخضرم بايك جونغ وون في دور الحكام المحترمين والمخيفين في بعض الأحيان، في العرض، ويطالبون فقط بالأفضل من قائمة الطهاة الرائعة.
يعترف الفني الرئيسي المعروف بمعاييره العالية، فهو يجعل حتى أفضل الطهاة يتعرقون عند تذوقه لأطباقهم، بأنه "غير مرتاح" قليلاً مع شهرته الجديدة. لكن سونغ يقول إنه ظل صادقًا مع نفسه أمام الكاميرا.
وقال: "عندما أعبر عن رأيي، أتحدث بدقة، ومنطق، وحذر، لأنهم يعتمدون على ما أقوله".
وتابع: "لم أكن أمثل، كنت نفسي. لقد احترمت كثيرًا المتسابقين لشجاعتهم. أعلم مدى صعوبة صنع طعام جيد. أردت أن أدعمهم، لكن ليس كل الناس سيفوزون. لذا حددت معاييري".
لقد سلط العرض الضوء على القوة المتزايدة والتنوع في المطاعم الراقية في كوريا الجنوبية التي تم تجاهلها إلى حد كبير في الدوائر مطابخ الطهي العالمية إلى وقت قريب.
الخطوة التالية
في مطلع عام 2024، أغلق مطعم Mosu Seoul أبواب موقعه الأصلي في إيتايوان بعد سبع سنوات، وانتقل إلى موقع جديد في المنطقة ذاتها.
من المقرر افتتاح مطعم Mosu الجديد في مطلع عام 2025.
مع خضوع الموقع الجديد لتجهيزات "Mosu"، كان الفريق مشغولاً بتطوير القائمة واستضافة الأحداث في جميع أنحاء آسيا.
يقول الشيف سونغ إن المساحة الجديدة "ستحتفظ بالحمض النووي" لمطعم Mosu Seoul الأصلي. لكنه يخطط "لرفعه إلى مستوى أعلى"، عبر إضافة أطباق جديدة ومظهر جديد للديكور، ما يضمن استمرار مطعم Mosu Seoul في التطور والنمو، تمامًا مثل مشهد تناول الطعام الفاخر في كوريا الجنوبية.