دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— تعود شهرة سيارجاو العالمية باعتبارها "عاصمة ركوب الأمواج في الفلبين" إلى عام 1980، عندما زار مصور ركوب الأمواج، توني أروزا، وراكب الأمواج، ستيف جونز، الجزيرة خلال بحثهما عن "الموجة المثالية".
وعثر الثنائي على مبتغاهما بالفعل، ونقلا خبر وفرة الأمواج في المنطقة، وجذبا عشاق ركوب الأمواج إلى جنرال لونا، البلدة الساحلية التي تعمل كبوابة للعديد من مناطق الجذب في سيارجاو.
ولا تزال الجزيرة تجذب الزوار إلى جنوب شرق الفلبين، مع نمو الأعداد بشكل كبير كل عام.
وقال ويمار بونونو، وهو راكب أمواج محترف ومؤسس مشارك لـ"Pacifico Surf Bayay"، و"Bigwish Surf School"، و"Pacifico Surf School"، و"Swell Snackbar"، وجمعية The Sun Crew"" الخيرية: "من الرائع رؤية أنّ سيارجاو تكتسب التقدير، ولكن من المهم الحفاظ على الجمال الطبيعي للجزيرة ومجتمعها المتماسك".
ويُعد بونونو، البالغ من العمر 28 عامًا، جزءًا من حركة متنامية من السكان الملتزمين بحماية جوهر سيارجاو، مع دعوة المسافرين من ذوي التفكير المماثل لأن يكونوا جزءًا من جمالها عبر الإقامات المستدامة، والسياحة التطوعية، والتجارب الثقافية الغامرة.
تعرّف على بعض الأفراد المتفانين الذين يعملون على الحفاظ على سحر الجزيرة.
رؤية مجتمعية للمنتجعات
في عام 2013، قام إيان سيرمونيا ومايك ميدينا، وهما صديقان منذ أيام المدرسة الثانوية في مانيلا، بافتتاح منتجع لركوب الأمواج يجمع بين حبهما للضيافة وركوب الأمواج.
وأوضح سيرمونيا لـCNN: "بعد البحث في جميع أنحاء الفلبين للعثور على المكان المناسب لـHarana، وقعنا في حب سيارجاو".
وعند إطلاق منتجع “Harana” لركوب الأمواج في عام 2015، أصبح سيرمونيا وميدينا أول فلبينيين من مانيلا يفتتحان منتجعًا لركوب الأمواج هناك.
واستشار سيرمونيا وميدينا هيئة "STOKE Certified" المختصة في إصدار شهادات الاستدامة المتخصصة في سياحة ركوب الأمواج والتزلج.
وقال سيرمونيا البالغ من العمر 44 عامًا: "بالإضافة إلى حماية البيئة، نصحتنا (الهيئة) بتعزيز الثقافة المحلية والتأكد من أن السكان المحليين يشعرون بأنهم جزء من نمو سيارجاو".
ويوظف المنتجع السكان المحليين مثلاً، ويدفع أجورًا عادلة، ويقدم خصومات للضيوف الذين يتطوعون في الجزيرة، كما أنّه يتعاون مع الجمعيات الخيرية المحلية والمنظمات غير الربحية.
تمكين الجيل القادم
نشأ بونونو في سيارجاو، وقضى وقته بين الرمال البيضاء لشاطئ "بيغ ويش" في باسيفيكو، وهي قرية هادئة تبعد حوالي ساعة من جنرال لونا.
وكان بونونو البالغ من العمر 9 سنوات يشعر بالفضول تجاه ركوب الأمواج، ولكنه افتقر إلى المعدات المناسبة، فارتجل باستخدام الخشب حتى تمكن من استعارة لوح ركوب الأمواج من الأصدقاء.
وكان يفضل ركوب الأمواج بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، وتركها في سن العاشرة بعد خوض تجارب سيئة.
وشرح: "لقد مررت بوقت عصيب في المدرسة"، مضيفًا أنه تعلم القراءة عندما كان في السادسة عشرة من عمره.
وأضاف: "لكن في الواقع، هذا ما ألهمني لبدء The Sun Crew."
وتأسست "The Sun Crew" في عام 2017، وهي مؤسسة خيرية محلية تعلم الأطفال ركوب الأمواج، بشرط أن يذهبوا إلى المدرسة ويشاركوا في عمليات تنظيف الشاطئ خلال عطلات نهاية الأسبوع.
وأطلق بونونو وصديقته الأسترالية الوافدة، هانا بوير، المبادرة بعد ملاحظة أنّ الأطفال يتغيبون عن المدرسة لمشاهدة السياح وهم يمارسون رياضة ركوب الأمواج.
ومن مبادرة صغيرة لدعم أكثر من ألف طفل من القرى المجاورة، توسعّت الأنشطة لتشمل مدرسة صيفية، وبرامج محو الأمية، ودروس الرياضيات، ومبادرات جمع البلاستيك.
حماية سبل العيش المحلية
وصلت كارا روزاس، وهي من مانيلا في الأصل، إلى سيارجاو في عام 2019 لقضاء فترة تطوعية لثلاث أشهر في "Bayatakan Farm Experience"، وهي مبادرة زراعية وثقافية عملية.
أثناء التطوع، التقت روزاس بصاحبة المزرعة، أنالين دولبينا، التي أقامت شراكة مع مطعم محلي للوجبات الخفيفة في بورغوس، وهي من البلدات الواقعة في أقصى شمال الجزيرة.
وأوضحت روزاس، البالغة من العمر 27 عامًا، التي ساعدت في إضفاء الطابع الرسمي على المشاريع وتحويلها إلى منظمة تسمى "Lokal Lab": "مطعم الوجبات الخفيفة هو مشروع اجتماعي، ومساحة مجتمعية يمكن للناس التجمع فيه حول وجبة خفيفة بعيدًا عن منطقة السياحة الرئيسية".
وأضافت أنّه أثناء إدارة مطعم الوجبات الخفيفة، كانت هناك رغبة في التأكّد من أنّ 80% على الأقل مما يقدمونه يأتي من الجزيرة بالفعل.
وقالت: "وعندها اكتشفنا وجود مشكلة تتعلق بالأمن الغذائي، بمعنى أنّ 97% من منتجات الجزيرة مستوردة رُغم وجود الكثير من المزارع هنا".
لمعالجة هذه المشكلة، تعاونت المجموعة مع دولبينا لإطلاق سوق الطعام البطيء في جنرال لونا حيث يمكن للمشترين، مثل المطاعم والفنادق، التواصل مع المنتجين المحليين.
وتأمل "Lokal Lab" دعم سبل العيش التقليدية مثل صناعة النسيج والزراعة من خلال توفير نظام بيئي اقتصادي للمنتجات المحلية، وفقًا لروزاس.
في مهمة لجعل سيارجاو جزيرة مكتفية ذاتيًا، تقوم "Lokal Lab" أيضًا بتدريب المزارعين على التقنيات التجديدية، ودعم الحرفيين المحليين.
الحفاظ على الطبيعة ومعالجة النفايات البلاستيكية
تُعد سيارجاو موطنًا لأكبر غابة لأشجار المانغروف في الفلبين، فهي تمتد على مساحة تزيد عن 4800 هكتار، وتوفر المأوى للأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.
ورُغم تصنيف الجزيرة والمياه المحيطة بها كمنطقة محمية منذ عام 1996، لا يزال تطبيق القانون يشكل تحديًا.
وقالت ليدي كارميل ليتانج لـCNN: "عندما أذهب إلى الجزيرة الرئيسية، ألاحظ بعض التغييرات، وخاصةً المشاكل المتعلقة بإدارة النفايات والتلوث البلاستيكي".
وأضافت: "كلما زاد عدد السياح الذين يصلون إلى الجزيرة، كلما زاد عدد النفايات البلاستيكية".
وانضمت الشابة البالغة من العمر 25 عامًا إلى "Siargao Environmental Awareness" في 2022.
وتهدف المنظمة إلى التشجيع على العمل الجماعي والمسؤولية البيئية.
وُلِدت ليتانج ونشأت قبالة الساحل الغربي لسيرجاو، وهي تقود برنامج "Halian SEAwikan" للحفاظ على أعشاش السلاحف، وتشارك في تنظيف الشاطئ مع أطفال الجزيرة المحليين.
وذكرت ليتانج أنّ الحكومة والعديد من المنظمات الأخرى تعمل على إيجاد حلول لإدارة النفايات، ولكن يجب على المسافرين أيضًا أن يكونوا على دراية بخياراتهم.
وقالت: "هناك بعض السياح غير المسؤولين الذين لا نستطيع السيطرة عليهم"، وأضافت: "لكننا نأمل فقط أن يكون المسافرون الذين يأتون إلى هنا مسؤولين وواعين بالبيئة، وأن يسافروا لدعم المجتمعات المحلية".