(CNN)-- يمكن لروسيا أن تستمر في مجهودها الحربي في أوكرانيا "لمدة سنتين أو ثلاث سنوات أخرى"، ولكن سيتعين عليها التضحية "بالنوعية مقابل الكمية" لأنها تستبدل الأسلحة المدمرة أو التالفة بأنظمة قديمة مخزنة، وفقًا لتقرير نُشر هذا الأسبوع.
وقدر التقرير الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره المملكة المتحدة (IISS) أن روسيا فقدت عددًا من الدبابات في ساحات القتال في أوكرانيا أكبر مما خسرته عندما شنت غزوها واسع النطاق قبل ما يقرب من عامين، لكن من غير المرجح أن "تتسبب هذه الخسائر بإنهاء القتال في أي وقت قريب."
وقال المركز البحثي: "رغم خسارة مئات المركبات المدرعة وقطع المدفعية شهريًا في المتوسط، تمكنت روسيا من الحفاظ على استقرار أعداد مخزونها النشط" من خلال إعادة تنشيط الأنظمة القديمة، وتعزيز قدرتها الصناعية والشراء من الخارج.
ويقدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن روسيا قادرة على "مواصلة هجومها على أوكرانيا لسنتين أو ثلاث سنوات أخرى، وربما لفترة أطول".
ويأتي التقرير في الوقت الذي يقترب فيه الغزو الروسي لأوكرانيا من ذكراه السنوية الثانية، حيث تشن قوات موسكو سلسلة من الهجمات على طول الخطوط الأمامية التي يبلغ طولها حوالي 1000 كيلومتر في محاولة لكسر ما وصفه قائد الجيش الأوكراني السابق الجنرال فاليري زالوجني العام الماضي بـ "المأزق".
ومن ناحية أخرى، تتحول أوكرانيا إلى موقف أكثر دفاعي بعد أن فشل هجومها المضاد الذي تباهت به كثيراً في الصيف الماضي في جني المكاسب المرجوة، وبينما تكافح مع القيود المفروضة على قوتها البشرية، بدأت إمدادات الذخيرة من الغرب في النضوب.
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الثلاثاء مشروع قانون مساعدات خارجية بقيمة 95.3 مليار دولار، بما في ذلك 60 مليار دولار لدعم أوكرانيا، مما أدى إلى مواجهة مع مجلس النواب، حيث قال رئيس مجلس النواب مايك جونسون إنه لا يعتزم طرح مشروع القانون على المجلس.
وفي تقريره السنوي المنفصل عن التوازن العسكري، قال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن الإنفاق الدفاعي العالمي زاد بنسبة 9% ليصل إلى مستوى قياسي قدره 2.2 تريليون دولار في عام 2023، في الوقت الذي يتكيف فيه العالم مع ما أسماه "عصر عدم الاستقرار". وقال إن الغزو الروسي دفع الدول الأوروبية إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وتعزيز حلف شمال الأطلسي، لكنه قال إن الكثير من التمويل الإضافي "يسعى جاهدا لتصحيح أوجه القصور الناجمة عن سنوات من نقص الاستثمار".
وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي في طريقه للإخفاق "بفارق كبير" في تحقيق هدفه المتمثل في تسليم مليون قذيفة 155 ملم لأوكرانيا بحلول مارس/ آذار.
وقال المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، باستيان جيغيريتش، الثلاثاء: "تجد الحكومات الغربية نفسها مرة أخرى في موقف حيث يتعين عليها أن تقرر ما إذا كانت ستزود كييف بأسلحة كافية لتوجيه ضربة حاسمة، بدلاً من مجرد أسلحة كافية حتى لا تخسر".
خسائر "فادحة"
وفي حين تكبدت روسيا خسائر "فادحة" في المركبات المدرعة منذ فبراير 2022، قال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "هناك القليل من الدلائل على أنها ستتسبب في إنهاء القتال في أي وقت قريب".
وتتبع التقرير الأساطيل النشطة لكل من دبابات القتال الرئيسية في روسيا وأوكرانيا (MBTs)، وناقلات الجنود المدرعة (APCs)، ومركبات المشاة القتالية (IFVs) وغيرها من المعدات. وقد قارن الخسائر المشار إليها من صور ساحة المعركة مع مصادر معلومات أخرى، بما في ذلك البيانات المسربة من البنتاغون وأجهزة التتبع مفتوحة المصدر، لكنه قال إن تقدير الخسائر هو "علم غير دقيق".
وقال إن عدد دبابات القتال النشطة في أوكرانيا "لا يزال بالقرب من مستويات ما قبل الحرب"، في حين أن عدد ناقلات الجنود المدرعة ومركبات القتال البرية "زاد بفضل الدعم الغربي". ورغم ذلك، فقد حذر من أن محاولات أوكرانيا لنشر هذه المركبات الإضافية "تجاوز إمدادات المعدات"، مما يعني أن بعض الوحدات لم يكن لديها ما يكفي من المعدات لتكون قريبة من القوة الكاملة.
وفي الوقت نفسه، فقدت روسيا أكثر من 3000 مركبة قتالية مدرعة في العام الماضي وحده، حسبما ذكر التقرير، ولكن تم تعويض ذلك من خلال إعادة تنشيط حوالي 1200 دبابة قتالية وحوالي 2500 مركبة قتالية مدرعة وناقلة جنود مدرعة من المخازن. وفي حين كان هذا يعني مقايضة "الجودة مقابل الكمية"، فقد تمكنت روسيا أيضًا من تصنيع آليات جديدة. وخلص معدو التقرير إلى أن روسيا يمكن أن تحافظ على معدل الاستنزاف الحالي لمدة تصل إلى ثلاث سنوات وربما لفترة أطول.
كما أوضح التقرير بالتفصيل كيف أثبت الاقتصاد الروسي، رغم العقوبات الدولية، مرونته وزاد الإنفاق الدفاعي لعام 2024.
لقد رفعت روسيا ميزانيتها الدفاعية الرسمية لعام 2024 بأكثر من 60٪ على أساس سنوي. وقال جيغيريتش إن إجمالي الإنفاق العسكري يمثل الآن ثلث ميزانيتها الوطنية وسيصل إلى حوالي 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يشير إلى التركيز على مجهودها الحربي.
ونشر المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، وهو مركز أبحاث آخر، تقريره الخاص هذا الأسبوع حول الأهداف والقدرة العسكرية الروسية المتغيرة.
وقال: "لا تزال روسيا تحافظ على هدفها الاستراتيجي المتمثل في إخضاع أوكرانيا. وهي تعتقد الآن أنها تفوز”.
وقال التقرير إن روسيا ستسعى إلى تحقيق هدفها على ثلاث مراحل.
أولاً، ستهدف إلى مواصلة الضغط على طول الخطوط الأمامية الأوكرانية، واستنزاف ذخائرها وقوتها البشرية.
وأضاف: "بالتوازي مع هذا الجهد، فإن الخدمات الخاصة الروسية مكلفة بكسر عزم شركاء أوكرانيا الدوليين على مواصلة تقديم المساعدات العسكرية".
ثم، بمجرد استنفاد مخزون الذخيرة الأوكرانية، فسوف تشن روسيا عمليات هجومية جديدة لتحقيق مزايا كبيرة في ساحة المعركة، في محاولة لكسب النفوذ على كييف "لإجبارها على الاستسلام بشروط روسية".
وقال التقرير إن روسيا كانت تخطط لتحقيق هذا النصر بحلول عام 2026.
ومع ذلك، أكد معدو التقرير أنه يمكن تجنب هذه النتيجة "إذا استمر شركاء أوكرانيا في توفير ما يكفي من الذخيرة والدعم التدريبي" للقوات المسلحة الأوكرانية من أجل صد الهجمات الروسية في عام 2024.
وقال التقرير: "إذا كانت روسيا تفتقر إلى احتمال تحقيق مكاسب في عام 2025، نظرا لعدم قدرتها على تحسين نوعية القوة في العمليات الهجومية، فإن ذلك سيترتب عليه أنها ستكافح من أجل إجبار كييف على الاستسلام بحلول عام 2026".