هل تحمي أدوية GLP-1 المراهقين البدينين من الأفكار الانتحارية؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أظهرت مراجعة السجلات الطبية لآلاف المراهقين الذين عولجوا من السمنة المفرطة أنّ الأطفال الذين تلقوا أدوية GLP-1 مثل سيماغلوتيد أو ليراغلوتيد كانوا أقل عرضة للأفكار الانتحارية أو محاولات الانتحار مقارنة بمن عولجوا بالتدخلات السلوكية.
وأظهرت الدراسة التي شملت حوالي 7000 طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عامًا، ونشرت في مجلة JAMA Pediatrics هذا الأسبوع، أنّ الأدوية كانت مرتبطة بتراجع المخاطر بنسبة 33٪ خلال عام.
يُعرف السيماغلوتيد باسم أوزيمبيك، وهو معتمد لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، وويغوفي لعلاج السمنة المفرطة. كما حصل ليراغلوتيد المعروف باسمه التجاري فيكتوزا لعلاج مرض السكري على الموافقة، وساكسيندا لعلاج السمنة المفرطة.
إنها أحدث البيانات، ضمن مجموعة متضاربة أحيانًا من الأبحاث، المتصلة بأن الأدوية لا تساهم في خطر الانتحار. وكانت الجهات التنظيمية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا فتحت تحقيقات في هذه القضية بعد تقارير عن حالات محتملة لإيذاء النفس، والأفكار الانتحارية بين الأشخاص الذين يستخدمون العقاقير، لكن الجهتين لم تحددا حتى الآن أي رابط.
ويرى الأطباء أنّ فهم المخاطر التي قد يتعرّض لها المراهقون الذين ارتفع استخدامهم لأدوية GLP-1، منذ اعتمادها لهذه الفئة العمرية في الولايات المتحدة في عام 2020، أمر مهم.
وقالت الدكتورة كيتي أوهير، المديرة الطبية الأولى لطب الأطفال في Duke Primary Care بنورث كارولينا، غير المشاركة في البحث الجديد: "نعلم أنه عمومًا، مع السمنة المفرطة أو من دونها، فإنّ الصحة العقلية والانتحار يشكلان السبب الرئيسي للوفاة بين المراهقين والشباب".
وتابعت: "معلوم منذ فترة طويلة أن المراهقين والشباب المصابين بالسمنة المفرطة أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل".
وأعربت أوهير عن حماستها لرؤية الدراسة التي شملت ما يصل إلى ثلاث سنوات من المتابعة، لأنها قدّمت بيانات لسنوات عديدة ضمن فئة عمرية لم تتم دراسة الأدوية الخاصة بها على نطاق واسع إسوة بالبالغين. وخلصت إلى أنه: "من المفيد حقًا إجراء أبحاث إضافية".
أجرى باحثون في المركز الطبي لجامعة هداسا والجامعة العبرية في القدس بإسرائيل الدراسة، وفحصوا السجلات الطبية المستقاة من 120 منظمة رعاية صحية، معظمها في الولايات المتحدة، بين ديسمبر/ كانون الأول 2019 ويونيو/ حزيران 2024.
قارن الباحثون معدلات الأفكار الانتحارية أو محاولات الانتحار بين الأطفال الذين وصفت لهم أدوية GLP-1 لعلاج السمنة المفرطة بمعدلات الأطفال الذين عولجوا بتدخل سلوكي، مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة.
ووجدت الدراسة أنه على مدار 12 شهرًا، سُجّل لدى 1.4٪ من المراهقين الذين تناولوا أدوية GLP-1 محاولة انتحار أو أفكار انتحارية، مقارنة بـ 2.3٪ ممّن لم يتناولوا الأدوية. ولم تكن هناك أي علامة على زيادة مرتبطة بالأدوية حتى ثلاث سنوات.
ووجدت الدراسة معدلات أعلى من مشاكل الجهاز الهضمي بين من يستخدمون الأدوية، والآثار الجانبية التي يواجهها كثير من الناس عند تناولها.
وأوضحت الدكتورة نورا فولكوف، مديرة المعهد الوطني لتعاطي المخدرات في المعاهد الوطنية للصحة، التي أجرت تحليلًا مماثلًا للسجلات الطبية بغية تقييم عقاقير GLP-1، "إن نتائج هذه الدراسة مشجعة". وأشارت إلى أن النتائج الجديدة "تتوافق مع ما وجدناه في دراسات مماثلة حول ارتباط عقاقير GLP-1 بانخفاض خطر الأفكار الانتحارية".
ولفتت إلى أنه ما زال مهمًا للأطباء تقييم الصحة العقلية والأفكار الانتحارية بين المراهقين الذين يتناولون هذه الأدوية، "حتى يمكن تقديم الدعم المناسب لأولئك المعرضين للخطر والحد من النتائج الصحية الضارة".
وأضافت فولكوف في حديثها مع CNN: "قد تكون فترة المراهقة مرحلة صعبة على الصحة العقلية تحديدًا".
واقترح الباحثون الذين أجروا الدراسة أسبابًا محتملة متعددة قد ترتبط بها عقاقير GLP-1 بانخفاض خطر الانتحار، وقالوا إنها تستحق المزيد من البحث.
وأشارت أوهير إلى أن السمنة المفرطة ترتبط أولاً، بانخفاض جودة الحياة خلال فترة المراهقة: فالأطفال المصابون بالسمنة المفرطة أكثر عرضة للتنمر وتدني احترام الذات. واعتبرت أن أدوية GLP-1 التي تحاكي هرمونًا مهمًا للشهية والشبع والهضم، فعالة في المساعدة على فقدان الوزن.
وأشار الباحثون أيضًا إلى أبحاث مبكرة بيّنت أن الأدوية قد تؤثر على الدماغ بطرق تقلل من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، رغم الحاجة إلى مزيد من العمل لإثبات هذه الصلة. بالإضافة إلى ذلك، استشهدوا بعمل مبكر آخر حول أثر الأدوية على الإدمان، وافترضوا أنها يمكن أن تساعد على الحد من إدمان الطعام.
من وجهة نظر الدكتورة سارة أرمسترونغ، رئيسة قسم طب الأطفال العام وصحة المراهقين بكلية الطب في جامعة ديوك، التي تدير برنامج أنماط الحياة الصحية للأطفال في ديوك وغير المشاركة في الدراسة الجديدة، حتى يتم فهم الأدوية بشكل أفضل في ما يتعلق بالصحة العقلية، لا ينبغي التفكير بها كعلاجات للاكتئاب.
ورأت أنّ "الأسر التي تسعى للحصول على رعاية للسمنة المفرطة والاكتئاب لدى المراهقين بحاجة إلى إدراك أن العلاج متوفر للإثنين، ويجب عليهم البحث عن الرعاية للحالتين بشكل مستقل عن بعضهما".