دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ارتفع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي بقيمة 25 قرشًا بنسبة 1.5% خلال الأيام الثلاثة الماضية، ليصل متوسط سعر صرف الجنيه في البنك المركزي 18.23 جنيهًا للشراء و18.35 جنيهًا للبيع، وذلك للمرة الأولى منذ تراجعه بنسبة 17.5% منتصف مارس/ أذار الماضي.
وأرجع خبراء أسباب هذا الارتفاع إلى الودائع الخليجية وقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي باستثناء مستلزمات الإنتاج من قرار الاعتمادات المستندية وعودة العمل بنظام مستندات التحصيل.
وضخت دول خليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر، مقسمة بين 5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربية السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصرية.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الدكتور فخري الفقي، إن الارتفاع يعود إلى عاملين؛ الأول توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة باستثناء بشأن مستلزمات الإنتاج، مما ساهم في طمأنه شريحة كبيرة من المستوردين وتوفير مواد خام للمصانع الوطنية، موضحًا أن نحو 50 مليار دولار تمثل نسبة 60% من حجم واردات مصر هي مواد خام ومستلزمات إنتاج بنحو 4 مليارات دولار شهريًا، واستثنائها من الاعتمادات المستندية يسهم في تسهيل استيرادها وعودة المصانع للإنتاج.
وأضاف "الفقي"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن العامل الثاني وراء زيادة سعر الجنيه هو إعلان الحكومة المصرية تحويل الودائع العربية إلى استثمارات مباشرة في مشروعات ضخمة، مما يسهم في زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية وزيادة السيولة من النقد الأجنبي من خلال تحويل هذه الودائع إلى الجنيه لتمويل إنشاء المشروعات محليًا، مضيفًا أن حجم الودائع العربية يصل إلى 12 مليار دولار، وتحويلها إلى استثمارات مباشرة يسهم في خفض الدين الأجنبي وزيادة الناتج القومي من إنشاء المشروعات.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، أن مصر اتفقت مع الدول الخليجية على تحويل ما يقرب من 12 مليار دولار بين استثمارات وودائع خليجية إلى استثمارات مباشرة في مصر، مشيرًا إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة التي خرجت من مصر منذ بداية العام بلغت 20 مليار دولار، وفقًا لتصريحاته الأحد.
وأشار فخري الفقي إلى الدور الهام لمؤتمر إعلان الحكومة المصرية عن خطتها للتعامل مع الأزمة الاقتصادية الحالية مما طمأن المستثمرين، سواء المحليين والأجانب، لخطط ورؤية الدولة خلال الفترة المقبلة فيما يتعلق بملفات الإعداد لوثيقة ملكية الدولة، التي تمنح القطاع الخاص المشاركة في إدارة الأصول المملوكة للدولة، وتعميق المكون المحلي لخفض الواردات المصرية وتسهيل إجراءات التراخيص والموافقات لجذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة، فضلا عن الإعلان عن التفاوض مع صندوق النقد الدولي، مما يعطي شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب.
وعاود الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر الارتفاع بقيمة 41 مليون دولار في الشهر الماضي، ليصل إلى 37.123 مليار دولار، بعد أن تراجع للمرة الأولى في 22 شهرًا خلال مارس/ أذار الماضي بنحو 3.9 مليار دولار، بسبب استخدم جزءًا منه لتغطية احتياجات السوق، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
ولفت "الفقي" إلى خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة من مصر بقيمة 20 مليار دولار خلال الأربع شهور الماضية، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، مضيفًا أن رفع البنك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة مرتين شجع صناديق الاستثمار الأجنبية على الخروج من الأسواق الناشئة، ومنها مصر.
وقال إن هذه الاستثمارات ستعود عقب استقرار الأوضاع الاقتصادية، مستدلًا على ذلك بخروج استثمارات أجنبية غير مباشرة، بقيمة 17 مليار دولار خلال الفترة الماضية من جائحة فيروس كورونا، وأنها عادت مرة ثانية عقب استقرار وضع الوباء، خاصة أن التصنيف الائتماني مستقر، كما أن مصر لم تتأخر في تسهيل خروج هذه الاستثمارات.
من جانبه، يرى رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، عبد المنعم السيد، أن أسباب زيادة سعر صرف الجنيه مرتبطة بانتهاء المخاوف من تقدير الدولار الواحد بـ 20 جنيهًا. إضافة إلى انخفاض الطلب على الدولار بعد تنظيم إجراءات الاستيراد مما أدى إلى انحسار السوق الموازي له.
إلى جانب تقييد وترشيد فاتورة الاستيراد من الخارج، لافتا أن تطبيق نظام الاعتمادات المستندية بدلًا من مستندات التحصيل أدى لزيادة وقت إجراءات الاستيراد، وساهم في خفض فاتورة الاستيراد والتي تجاوزت 70 مليار دولار سنويًا، بحسب السيد.
وأضاف "السيد"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد في البنوك المحلية ساهم في جذب حجم كبير من مدخرات المصريين تجاوز 726 مليار جنيه (39 مليون دولار) بدلًا من استثمارها في "الدولرة"، مع امتصاص السيولة للسيطرة على معدلات التضخم.
وربط أيضًا زيادة قيمة الجنيه إلى اتجاه عدد كبير من المواطنين إلى الاستثمار في الذهب، الذي ارتفع حجم الطلب على السبائك والجنيه الذهب بنسبة 30% خلال الفترة الماضية، وفقًا لبيانات الغرف التجارية. إلى جانب ضخ استثمارات وودائع خليجية ضخمة خلال الفترة الماضية.
واعتبر رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية أن زيادة حصيلة إيرادات قناة السويس من بين عوامل ارتفاع الجنيه، مُشيرًا إلى أن الحصيلة الدولارية من رسوم عبور القناة من المتوقه أن تتجاوز 7 مليارات دولار هذا العام.