دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تراجع سعر صرف الجنيه المصري مجددًا أمام الدولار ليسجل 18.53 جنيهًا للشراء و 18.64 جنيهًا للبيع في البنك المركزي مع نهاية الأربعاء، ليسجل أعلى مستوى وصل إليه منذ خفض سعر الصرف في 21 مارس/ آذار.
وأرجع محللون أسباب هذا الانخفاض إلى ارتفاع الطلب مرة ثانية على الدولار للاستيراد من الخارج، والاستثمار بعد رفع الفائدة.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار نهاية مارس/ آذار الماضي، بعد اجتماع استثنائي للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري لرفع سعر الفائدة بنسبة 1%.
ونتيجة للقرار سجّل الدولار أعلى مستوى له في 21 أبريل/ نيسان عند 18.51 جنيهًا للشراء و18.62 جنيهًا للبيع. وبعدها بدأ في التراجع تدريجيًا بنسبة وصلت إلى 3% قبل أن يعاود الصعود مجددًا مطلع هذا الأسبوع.
قال أستاذ الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، رشاد عبده، إن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار مجددًا سببه عدم طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد تجذب السيولة من السوق، بعد رفع البنك المركزي سعر الفائدة مرة أخرى بنسبة 2% في 19 مايو/ أيار الجاري، مما دفع بعض المواطنين إلى معاودة الاستثمار في الدولار، فعاودت السوق السوداء نشاطها مما دفع البنك المركزي لزيادة سعر الدولار مرة ثانية.
وتزامنًا مع ذلك طرح بنكا الأهلي ومصر شهادة ادخار مرتفعة العائد بنسبة 18%، تجاوز حجم شرائها أكثر من 600 مليار جنيه، بحسب تصريحات لمسؤولي البنكين.
وحول القيمة العادلة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، قال "عبده"، في تصريحات خاصة لـ CNNبالعربية، إنه من الصعب تحديد قيمة عادلة لسعر صرف أي عملة، في ظل المتغيرات المتتالية لأسعار النفط ومعدل التضخم العالمي، والحرب الروسية الأوكرانية التي لم تكن عسكرية فقط، بل شهدت تبادل عقوبات اقتصادية بين الغرب وروسيا، وأثرت هذه المتغيرات على الأداء الاقتصادي العالمي.
وأشار رشاد عبده إلى أن تداعيات موجة التضخم العالمي تسببت في زيادة في أسعار الفائدة عالميًا، مما دفع البنك المركزي المصري إلى اتخاذ قرار مماثل لتجنب "الدولرة"، أي الاستثمار في الدولار، وسحب السيولة من السوق للادخار في شهادات البنوك مرتفعة العائدة، وفي الوقت نفسه جذب مستثمرين أجانب للاستثمار في أدوات الدين الحكومية، بعائد يتراوح بين 13-14% أعلى من مثيلها في دول أخرى.
من جانبها، قالت خبيرة أسواق المال حنان رمسيس إنه كلما زاد الطلب على الدولار ارتفع سعره أمام الجنيه والعكس، مضيفة أن هناك محددات لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، منها احتياطات النقد الأجنبي، وإيرادات قناة السويس، والودائع الخليجية، وأهم هذه المحددات وهو التضخم.
وعززت مصر الاحتياطي النقدي بشراء البنك المركزي المصري 44 طنًا من الذهب خلال فبراير/ شباط الماضي، حسب تقرير لمجلس الذهب العالمي.
وترى "رمسيس"، في تصريحاتها لـCNN بالعربية، أن السعر العادل للدولار مقابل الجنيه يتراوح بين 17.5-18 جنيهًا بناءً على قوى العرض والطلب، فيما اقترحت إصدار سندات وأذون خزانة بعملات أخرى غير الدولار لخفض سعره أمام الجنيه، أو الاعتماد على عملات أخرى في التبادل التجاري مع بعض الدول بدلًا من الدولار، مثلما تريد روسيا اعتماد الروبل في تعاملاتها التجارية.
وطرحت مصر لأول مرة سندات "الساموراي" بالسوق اليابانية، بقيمة 60 مليار ين ياباني، بما يعادل نحو نصف مليار دولار، وتعتزم طرح سندات مصرية باليوان في السوق الصينية، التي تعد ثاني أكبر سوق للسندات بالعالم، بما يسهم في تنويع مصادر وأدوات التمويل، وجذب مستثمرين جدد، ويساعد في خفض تكلفة وتنويع مصادر تمويل الاستثمارات التنموية، بحسب بيان رسمي لوزارة المالية.
وقالت حنان رمسيس إنه من الصعب التكهن بتحركات سعر الصرف خلال الفترة المقبلة في ظل ما يشهده العالم من متغيرات متتالية اقتصادية وسياسية، تؤثر على تحركات السعر، أو تدخل البنك المركزي لخفض مزيد من سعر صرف الجنيه، الذي قد يؤثر سلبًا على بعض القطاعات الاقتصادية.