القاهرة، مصر (CNN)-- يعد البنك المركزي المصري مبادرات جديدة لتحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر خلال الفترة المقبلة، بناءً على توجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ويرى خبراء أن تحديات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الوقت الحالي هي تذبذب سعر العملة، وهو ما يتطلب ضرورة التوصل لآلية لتحديد القيمة العادلة لجذب المستثمرين مع التسويق للفرص المتنوعة التي يضمها السوق المصري.
ونجحت مصر في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 5.4 مليار دولار خلال عام 2021 لتستحوذ على حصة 16.4% من إجمالي التدفقات الاستثمارية للمنطقة العربية، وتحل في المركز الثالث على المستوى العربي.
وقال مصطفى عبد العزيز المدير التنفيذي والشريك المؤسس لشركة أكت فاينانشال للاستثمار المباشر، إن أبرز مخاوف المستثمرين الأجانب للاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية هي تذبذب سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مضيفا أن العديد من المستثمرين من مختلف الجنسيات، لا يرغبون في الاستثمار في الوقت الحالي بمصر لحين استقرار سعر صرف الجنيه.
وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بأكثر من نسبة 20% منذ شهر مارس/ آذار الماضي، ليصل متوسط سعر صرف الدولار إلى 19.61 جنيه للشراء، و19.68 جنيه للبيع، بالبنك المركزي المصري.
وأضاف عبد العزيز، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هناك تحديات أخرى ثانوية تواجه الاستثمار الأجنبي ومنها أولا إنشاء وزارة للاستثمار لتتولى مسؤولية جذب الاستثمارات الأجنبية وتحديد الإجراءات اللازمة لتيسير إنشائها، ثانيًا تشجيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، مشيرا إلى أن إعداد وثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي تمنح فرصًا أكبر للقطاع الخاص أمرا إيجابيا لحل هذا التحدي، ولكن لن يتم جذب استثمارات أجنبية مباشرة ضخمة في الوقت الحالي بدون حل أزمة سعر الصرف.
وأطلقت الحكومة المصرية، في 13 يونيو/ حزيران الماضي، المسودة الأولية لوثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي تهدف إلى تحديد أبرز القطاعات والصناعات التي تعتزم الدولة التخارج منها أو خفض حصتها فيها لصالح القطاع الخاص، مستهدفة زيادة نسبة مشاركته في الاقتصاد المصري ليمثل 65% خلال الثلاث سنوات المقبلة.
وحدد مصطفى عبد العزيز أبرز المقترحات اللازمة لجذب الاستثمارات الأجنبية وهي أولا ضرورة توصل الحكومة لآلية لضمان تسعير عادل لسعر صرف الجنيه، ثانيا إنشاء وزارة للاستثمار لتتولى تسويق الفرص الاستثمارية بمصر وحل مشاكل المستثمرين وتيسير الإجراءات والتراخيص، ثالثا محفزات ضريبية وتشغيلية للقطاعات الصناعية ذات أولوية، وذلك بهدف طمأنه المستثمرين وجذب استثمارات جديدة.
وألغت حكومة مصطفى مدبولي الحالية، وزارة الاستثمار واكتفت بأن تتولى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة دورها، على أن يدير الهيئة رئيس الوزراء.
ويرى عبد العزيز أن هناك العديد من القطاعات القادرة على جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وعلى رأسها سوق المال، موضحا أن البورصة المصرية تعتبر أرخص أسواق المال في العالم نتيجة تدني القيم السوقية وأصول الشركات، وهناك ميزة إيجابية بسوق المال وهي سرعة ضخ الاستثمارات للاستحواذ على الشركات المدرجة، غير أنه أشار إلى استمرار تخارج المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية طوال الشهور الثلاث الماضية نتيجة تخوفهم من تذبذب سعر الصرف.
وبحسب بيانات البورصة المصرية، سجل الأجانب صافي بيع بقيمة 18.7 مليار جنيه (953.6 مليون دولار) منذ بداية العام، واستحوذ الأجانب على نسبة 15.9% من التعاملات بسوق المال المصري.
وقال الخبير الاقتصادي مدحت نافع إن جذب الاستثمارات الأجنبية يتطلب وضوح في إجراءات إصدارات التراخيص وتخصيص الأراضي بمختلف أنشطتها وتكاليف هذا التخصيص، وتحديد سياسة واضحة لأسعار الطاقة ونسبة الزيادة في الأسعار مستقبليًا، مضيفا أن أهم العوامل هو توافر النقد الأجنبي لاستيراد السلع والمنتجات الوسيطة والمعدات، ولذا وجه الرئيس المصري محافظ البنك المركزي بإعداد مبادرات لجذب الاستثمارات.
وأضاف نافع، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه يجب على الحكومة أن تعمل على سرعة إصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة لزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، كما يجب العمل على سرعة إصدار التراخيص الصناعية وتحديد جهة الولاية على الأراضي حتى يتسنى للمستثمر التعرف على الجهة التي سيتم مخاطبتها، والوقت اللازم للرد على استفساراته لكي يخطط لبدء نشاطه.
وتابع أنه على رغم من أن الإعفاءات الضريبية لم تعد المحفز الأكبر لجذب الاستثمارات، إلا أنه إقرار محفزات ضريبية قد يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خاصة للقطاعات ذات الأولوية.
ويرى مدحت نافع أن القطاعات كثيفة استهلاك الطاقة هي القادرة على جذب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة في ظل توافر الطاقة محليًا في مقابل نقص شديد في الدول الأوروبية، وأبرزها قطاع البتروكيماويات، وذلك في ظل توافر الطاقة وقرب موقع مصر من مواقع إنتاج البترول من الدول الخليجية، وكذلك أنشطة تصنيع الأسمدة والصناعات الغذائية والرعاية الصحية والتعليمية.