"رأينا جثثا في الشارع".. سودانيون يروون لـCNN محاولاتهم الفرار من المعارك في الخرطوم

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة

(CNN)-- يحاول سودانيون وموظفون غربيون الفرار من العاصمة الخرطوم، حيث يكتسح العنف الشديد بين الفصائل المتناحرة وامتلأت المستشفيات بالضحايا، وباءت بالفشل المحاولات المتعددة لوقف إطلاق النار.

ودخلت الاشتباكات والمواجهات الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يومها السابع، مما أدى إلى انتشار الفوضى في شوارع الخرطوم وبلدات ومدن أخرى قرب العاصمة.

وبحلول صباح الخميس، بدا أن العديد من السكان المحاصرين وسط الاشتباكات فقدوا الثقة في التوصل إلى حل فوري. وذكر شهود عيان أن هناك زيادة في عدد الأشخاص عند محطات الحافلات الذين يحاولون مغادرة الخرطوم والفرار من القتال.

وقال محمد همام في مقابلة مع شبكة CNN: "قررت (الأربعاء) مغادرة الخرطوم مع زوجتي وأربعة من أطفالي بأي ثمن"، وأشار إلى نجاحه في الهروب من حي النصر شرق النيل إلى مدينة عطبرة شمال السودان.

وأضاف: "الموت أحاط بنا من كل الاتجاهات، لذلك قلت إنه سيكون من الأفضل لنا أن نموت محاولين التمسك بالحياة بينما نحاول البقاء أحياء، بدلا من الموت برصاصة طائشة في المنزل أو ربما بسبب الموت جوعا عطشا".

وفر ما يصل إلى 20 ألف لاجئ من منطقة دارفور السودانية إلى تشاد في الأيام الأخيرة، بحسب بيان صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ولكن الهروب ليس بالمهمة السهلة، إذ لا يزال مطار العاصمة الدولي خارج الخدمة، بحسب مصدر في الجيش السوداني، زعم أن أبراج المراقبة بالمطار دُمرت جراء قصف قوات الدعم السريع.

وتتواصل CNN مع "مراسلون بلا حدود" للتعليق.

وأدى القتال الدائر وإغلاق المطار إلى إعاقة جهود إجلاء الموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين. وقال مسؤول أمريكي كبير لشبكة CNN، الخميس، إن عملية الإجلاء غير وشيكة لأن الوضع على الأرض لا يزال متقلبا للغاية. وتم دعوة الأمريكيين في البلاد إلى الاحتماء في أماكنهم.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها تنشر "قدرات إضافية" بالقرب من السودان لتأمين السفارة الأمريكية في البلاد والمساعدة في الإخلاء المحتمل، إذا استدعى الموقف ذلك.

وأوضح همام أن محاولة الفرار أوقفتها حرب شوارع اندلعت في الحي الذي يعيش فيه من قبل الفصائل المتحاربة، موضحا: "بقيت أنا وزوجتي وأولادي مستلقين على الأرض حتى صباح أمس".

وأضاف لشبكة CNN أن تذاكر الحافلات خارج منطقة الصراع كانت أغلى بخمس مرات مما كانت عليه قبل اندلاع العنف، وقال: "الحمد لله، نجونا من الموت، ومع ذلك، يعيش أطفالي في رعب حقيقي، لن ينسوا أبدا تبادل إطلاق النار وصوت الذخيرة".

وتتقاتل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية من أجل السلطة منذ، السبت الماضي، وباتت العديد من المحاولات لوقف العنف غير مجدية.

وقال شهود عيان، الخميس، إن تعزيزات لقوات الدعم السريع كانت في طريقها إلى الخرطوم عندما تصدت لها قوات الجيش بالطائرات الحربية والقوات البرية.

ومن جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال مؤتمر صحفي، الخميس، إن الأمم المتحدة دعت إلى وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام على الأقل بعد القتال الأخير للاحتفال بالعيد.

وأضاف غوتيريش: "كأولوية فورية، أناشد وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام على الأقل بمناسبة احتفالات عيد الفطر للسماح للمدنيين المحاصرين في مناطق النزاع بالخروج، وطلب العلاج الطبي والغذاء والإمدادات الأساسية الأخرى".

لكن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قال لـ"الجزيرة"، إن قوات الدعم السريع يجب أن تنسحب من المدن إذا كان هناك أي هدنة، وهو ما رفضته قوات الدعم السريع، مؤكدة في تصريحات لشبكة CNN أنهم "لن ينسحبوا أو يتنازلوا عن حقهم" في الدفاع عن أنفسهم.

وقالت منظمة الصحة العالمية (WHO) إن عدد القتلى في السودان حتى، الخميس، ارتفع إلى 331 شخصا، وأصيب 3180 آخرون، بحسب ما أعلن المتحدث باسم المنظمة طارق ياساريفيتش في بيان لشبكة CNN.

وذكر شهود عيان أن أزمة المياه والكهرباء تتواصل في الخرطوم، وتسبب إغلاق المحال والصيدليات في نقص المواد الغذائية. كما تعاني إمدادات الوقود من نقص مع إغلاق محطات الوقود منذ، السبت.

وقالت انتصار محمد خير لشبكة CNN إنها وبناتها تقطعت بهن السبل لمدة أربعة أيام في منزلها المكون من ثلاثة طوابق وسط الخرطوم، حتى نجحن في الفرار خلال هدنة الأربعاء. وأوضحت: "(كان هذا) بعد أن فقدت الأمل في النجاة وبدأت في الصلاة والدعاء بأن نموت بطريقة لائقة، خاصة عندما نفد مخزوننا من الطعام والماء".

وأضافت: "أخطر ما أخافنا هو وجود عربة مصفحة لقوات الدعم السريع تحت منزلنا، وشاهدت جثثا ملقاة في الشوارع ومركبات عسكرية محترقة" أثناء فرارهن.

وصرحت نقابة الأطباء السودانية بأن 52 مستشفى خارج الخدمة في العاصمة والمناطق المجاورة، وهو ما يعادل حوالي 70٪ من المستشفيات في المنطقة. وتعرضت تسعة مستشفيات للقصف.

وقالت النقابة إن خمس سيارات إسعاف تعرضت للهجوم من قبل القوات العسكرية، ومُنعت سيارات أخرى من نقل المرضى لتلقي العلاج وإيصال المساعدات. قال عطية عبد الله، الأمين العام للجنة التمهيدية للنقابة، في مقابلة إن هناك "عددا قليلا جدًا من المستشفيات التي لا تزال تعمل، وتلك التي باتت على وشك الانهيار".