القاهرة، مصر (CNN)-- ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج لأكثر من 18 مليار دولار خلال الشهور الثماني الأولى من عام 2024، نتيجة استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وفقا لمصرفيون، أكدوا أن التحويلات عوضت جزئيا تراجع عوائد قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية.
وفي الوقت نفسه طرح البنك المركزي، سندات دولارية بقيمة 1.57 مليار دولار بمتوسط عائد 4.498%، وهذا أول طرح لأذون خزانة مقومة بالدولار خلال العام المالي الحالي، وفق بيانات البنك، لسداد مديونية بنفس القيمة.
وزادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، للشهر السادس على التوالي، خلال أغسطس/ آب الماضي لتسجل 2.6 مليار دولار بزيادة سنوية 65.5%، ليرتفع إجمالي التحويلات إلى 18.1 مليار دولار خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس بنسبة نمو سنوي 36.4%، وفق بيان رسمي للبنك المركزي.
وأرجع الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبدالعال، ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى "اختفاء السوق الموازية للعملة بعد تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في 6 مارس/ آذار الماضي، مما دفع العاملين بالخارج إلى عودة تحويلاتهم من خلال القنوات الرسمية للقطاع المصرفي"، مقدرا أن ترتفع حجم التحويلات إلى 23 مليار دولار، وهو "رقم جيد جدا" في ظل التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، والذي قد يدفع البعض للتحفظ على جزء من أصوله خارج البلاد.
ووفق بيانات صادرة عن البنك الدولي، تراجع تحويلات المصريين بالخارج إلى 24.2 مليار دولار خلال عام 2023، وجاءت في المركز الخامس في ترتيب تدفقات التحويلات من الخارج.
وأضاف عبدالعال، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن نمو التدفقات الدولارية لمصر من تحويلات العاملين بالخارج والسياحة والاستثمار الأجنبي غير المباشر عوض تراجع عوائد إيرادات قناة السويس، والتي تأثرت سلبا بالتوترات الجيوسياسية بالمنطقة، هذا بخلاف المنح والصفقات الاستثمارية الكبرى التي تلقتها مصر خلال الفترة الماضية، مدللا على ذلك بنمو حجم الاحتياطي الأجنبي النقدي للبلاد إلى قرب 47 مليار دولار، رغم انخفاض إيرادات القناة.
وانخفضت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024، كما تراجع عدد السفن العابرة للقناة من 25.9 ألف سفينة بإجمالي حمولة صافية 1.5 مليار طن إلى 20.1 ألف سفينة بإجمالي حمولة صافية مليار طن، وفق بيانات هيئة قناة السويس.
وأشار محمد عبدالعال إلى التداعيات الإيجابية لزيادة تحويلات المصريين بالخارج، على زيادة حجم المعروض من النقد الأجنبي مما يسهم في استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، هذا بجانب الآليات الأخرى التي يتخذها البنك المركزي لإدارة السياسة النقدية وسداد التزاماته الدولية، لافتا إلى إصدار البنك المركزي أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام، يوم الاثنين.
ووفق بيانات البنك المركزي، فقد طرح عطاء بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل عام يستحق في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، وتقدم للطرح 21 عرضا بقيمة 1.57 مليار دولار بمتوسط عائد 4.498%.
وقال محمد عبدالعال إن البنك المركزي طرح أذون الخزانة المقومة بالدولار، لسداد استحقاق عطاء سابق بنفس القيمة خلال 4 أيام، مضيفا أن الطرح لاقى إقبالا مرتفعا من المستثمرين بسبب "العائد مميز، وانخفاض مخاطرها".
واتفق معه الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة سابقا، محمد بدرة، أن زيادة تحويلات المصريين بالخارج سببها المباشر توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، بعد قرار البنك المركزي تطبيق سياسة سعر صرف مرن، متوقعا أن تحقق مصر أعلى قيمة في حجم تحويلات المصريين بالخارج هذا العام تتجاوز 30 مليار دولار.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن هناك سببا مباشرا لزيادة حجم تحويلات المصريين بالخارج، وهو الاستفادة من سعر الفائدة المرتفع في البنوك المصرية، مما ينعكس على ارتفاع قيمة مدخراتهم هذا فضلا عن مبادرات طرح أراضي للمصريين بالخارج.
ويرى محمد بدرة أن زيادة تحويلات العاملين بالخارج، عوضت فقدان مصر جزء من حصيلتها من قناة السويس، موضحا أن تحويلات المصريين بالخارج لا تستفيد منها الموازنة العامة بصورة مباشرة، ولكن تسهم في زيادة حجم المعروض النقدي الأجنبي للبلاد، وتحقيق استقرار في سعر الصرف، في حين إيرادات قناة السويس تسهم في زيادة الإيرادات العامة للموازنة.
وارتفعت الحصيلة الضريبية للموازنة العامة من قناة السويس بقيمة 1.1 مليار جنيه (22.3 مليون دولار) خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2024/2025 لتصل إلى 22.5 مليار جنيه (457.2 مليون دولار).
وقال الخبير المصرفي إن وزارة المالية استغلت تحسن التصنيف الائتماني لمصر، وطرحت لأول مرة من خلال البنك المركزي أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام لاستبدال أذون أخرى بنفس القيمة، وإطالة أمد الدين، مضيفا أن مصر ستسدد استحقاقات دولية تصل إلى 39 مليار دولار حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
ورفعت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، للمرة الأولى منذ 2019، مستوى واحد لتصل إلى "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة.