تحليل لنيك روبرتسون من شبكة CNN
(CNN)-- في رحلته الطويلة من مقاتل شاب في تنظيم القاعدة قبل عقدين، إلى قائد للمتمردين في سوريا يتبنى التسامح الطائفي، كان لدى أبو محمد الجولاني متسع من الوقت للتخطيط لضبط روايته.
وليس من المستغرب أن يختار المتمرد الإسلامي المسجد الأموي في دمشق، وليس استوديو تلفزيوني، ولا قصرا رئاسيا، بل مكان ذو أهمية دينية رفيعة، والذي يبلغ عمره 1300 عام، وهو أحد أقدم المساجد في العالم، لإيصال رسالة.
وكانت رسالة إلى كل أولئك الذين أخذوه إلى السلطة، ودفعوا مقاتلي هيئة تحرير الشام بسرعة مذهلة عبر سوريا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
إلى السوريين المحررين حديثا: بعث الجولاني إشارة واضحة للغاية من المسجد الأموي، إنه مسلم سني، جزء من الأغلبية في سوريا، وكان الأسد علويا، وهناك مسيحيون ودروز ومسلمون شيعة وإسماعيليون وأكثر من ذلك.
ومع ذلك، يبدو أن الكلمات التي اختارها كانت تهدف إلى كسر هذه الحدود القديمة، حيث قال: "هذا الانتصار الجديد، يمثل فصلا جديدا في تاريخ المنطقة، تاريخ محفوف بالمخاطر ترك سوريا ملعبا للطموحات الإيرانية، ونشر الطائفية، وإثارة الفساد".
إلى إيران: بعث برسالة واضحة إلى قادة النظام الديني (الثيوقراطي) في طهران، بأن تدخلهم قد انتهى، وكذلك وصولهم البري السهل إلى وكيلهم العملاق حزب الله في لبنان، ودعمهم لحزب الله السوري، واختفى أيضًا المنزل الذي كان لديهم ذات يوم ليضعوا فيه الأسلحة الإيرانية.
إلى الولايات المتحدة وإسرائيل: هذه رسالة سيعلم الجولاني أنها تُسمع في الدولتين، حيث يُعتبر عضوا في منظمة إرهابية محظورة مع رصد مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل القبض عليه، وقال: "مصالحتكما مفهومة في سوريا الجديدة"، وفهم أن القوتين قادرتين على إسقاطه.
كانت رسالة الجولاني موجهة أيضًا إلى القوى الإقليمية التي سيحتاج إلى إبقائها إلى جانبه، ووعد بـ"تطهير" سوريا، في إشارة إلى سمعتها الإقليمية كدولة مخدرات، قائلا إن "سوريا الأسد أصبحت المصدر الرئيسي في العالم للكبتاغون، والجريمة في جميع أنحاء المنطقة".