دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مع بداية شهر رمضان، تقول حبيبة إنها "مذعورة" من فكرة صيام هذا العام.
فبعدما أُصيبت بالشره المرضي خلال منتصف سن المراهقة، تقول إنّ طقوس الامتناع عن الطعام والشراب من شروق الشمس إلى غروبها قد يفاقم حالتها.
لكنّها تقول إنّ اتخاذ قرار الامتناع عن الصيام قد يبدو وكأنها تتجاهل جزءًا رئيسيًا من عقيدتها.
كانت حبيبة في التاسعة من عمرها عندما أُصيبت بالمرض لأول مرة، على حد قولها. ففي سن السادسة عشرة تقريبًا، كانت تتخطّى وجبات الطعام، وتتّبع السعرات الحرارية، ويُغمى عليها نتيجة الجوع، والإفراط بممارسة الرياضة، والقيء ما يزيد عن 15 مرة في اليوم.
وتابعت: "لن أتمنى أبدًا أن يصاب أحد بالشره المرضي لأنه مماثل للإدمان".
وحبيبة ليست الوحيدة التي تعاني من هذه الحالة.
يحاول عدد متزايد من الأطباء وعلماء النفس المسلمين، سدّ الفجوة بين رجال الدين والمصلّين مثل حبيبة، الذين يقولون إنهم يواجهون التهميش لدى محاولتهم الوصول إلى الدعم داخل مجتمعاتهم، وكذلك ضمن نظام الصحة العامة.
وقالت الدكتورة عمارة نسيم، اختصاصية نفسية استشارية، مقرّها في المملكة المتحدة ومتخصّصة في علاج اضطرابات الطعام: "هذه أمراض غير مرئية وعشوائية تتجاوز العمر والدين والجنس".
وتابعت: "الاعتناء بجسدك وصحتك من أعمال العبادة.. لذلك، اذهب واحصل على المساعدة المناسبة التي تحتاجها".
وخلال شهر رمضان، يتم تشجيع المسلمين على شرب السوائل وتناول وجبة متوازنة قبل شروق الشمس، ثم الإفطار على التمر والماء عند غروب الشمس، تليها وجبة أكبر.
وأوضحت نسيم أنّ الصيام خلال ساعات النهار يمكن أن يخفي أنماط النظام الغذائي المقيدة المرتبطة باضطرابات الأكل.
وأضافت أنّ الشعور بالجوع أثناء الصيام قد يوّلد الرغبة بتناول كميات كبيرة من الطعام بسرعة عند الإفطار، ثم التخلّص منها لاحقًا.
الحواجز الثقافية
وتتذكّر حبيبة عندما كانت في الـ15 من عمرها، تعليق عمّها أنها "أصبحت سمينة" بعد عودتها من رحلة عائلية إلى تركيا. وقالت: "التعليقات كهذه ترافقك إلى الأبد".
ومع مرور السنوات، انخفض وزن حبيبة بشكل كبير.
وساءت أعراض اضطراب الطعام بشكل كبير في سن الـ16 عامًا، إلى أن أخذها والداها إلى طبيب محلي.
وتلقت رعاية نفسية في وحدة الصحة العقلية للأطفال حتى بلغت 18 عامًا، عندما تم نقلها إلى وحدة الصحة العقلية للبالغين.
ومع ذلك، تقول إن الاختلافات الثقافية بينها وبين المعالجين البيض تعني أنهم لا يستطيعون فهم الضغوط الدقيقة التي واجهتها كامرأة في مجتمعها، وكيف ارتبطت جوهريًا باضطراب الطعام لديها.
وتعتبر فرهين حسن، عالمة النفس البحثي البالغة من العمر 27 عامًا، والمقيمة في بريستول، جنوب غرب إنجلترا، أنّ هناك حاجة لمعالجين لفهم ضغوط ثقافية معينة.
وقالت لـCNN: "أعتقد أننا بحاجة للوصول إلى معالجين يفهمون ثقافتنا وديننا ومعاناتنا، يمكنهم تقديم التوجيه والدعم المهني".
طلب المساعدة
وقالت حليمة عيد، مستشارة سريرية مهنية حائزة على رخصة، ومؤسسة مشاركة لمنظمة AMALY غير الربحية، ومقرّها كاليفورنيا، تهدف إلى تحدي وصمة العار المتعلّقة بالصحة العقلية في المجتمعات الإسلامية، إنه قد يكون من الصعب على الأشخاص في تلك الأماكن الوصول إلى المعلومات التي يحتاجون إليها.
وأسست عيد AMALY عام 2020، لتقديم خدمات العلاج التي يمكن الوصول إليها، وورش العمل، ومجموعات الدعم، والمحادثات التعليمية المصمّمة لمجتمعها المسلم المحلي في سان دييغو، كاليفورنيا. كما أنها تقدم خدمات عبر الإنترنت تطال المسلمين على مستوى العالم.
وفي الربيع الماضي، أنشأت مجموعة دعم افتراضية لمساعدة المسلمين الذين يعانون من اضطرابات الطعام خلال شهر رمضان. وتم تسجيل حوالي 30 شخصًا بداية، في مجموعتين، ضمنًا مسلمين من الولايات المتحدة، وأستراليا، والمملكة المتحدة.
وتنوي عيد إدارة المجموعة نفسها هذا العام.
كسر دائرة العار
واقترح علي، الإمام والمستشار المقيم في أتلانتا، طرقًا يستطيع من خلالها المسلمون الذين يعانون من اضطرابات الطعام أن يتفاعلوا مع شهر رمضان بعيدًا من الصيام، تشمل قراءة القرآن، وحضور صلاة التراويح الليلية، والتبرع لبرامج التغذية.
وقال إنه يجب على المسؤولين الدينيين وأفراد الأسرة الاعتراف بالتحديات التي يواجهها المسلمون، الذين يعانون من صراعات الصحة العقلية خلال شهر رمضان، وتقديم المساعدة في كسر حلقة العار، والشعور بالذنب، بين الأجيال الموجودة في أنحاء المجتمع.
وأوضح: "الإسلام دين لا يريد أن يُعرّض الناس حياتهم للخطر عبر الانخراط في أشكال العبادة".
وأضاف الإمام علي: "أعتقد أن الشيء المهم بالنسبة لنا كمسؤولين دينيين أن نكون قادرين على إظهار تعاطف مع أكثر الناس ضعفًا بيننا".