دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتبادل الكثير من الأمهات تفاصيل المحاضرات التي يلقيها عليهنّ أطفالهنّ، المراهقون تحديدًا، وبعضهم، لا تتجاوز أعمارهم الـ5 سنوات أحيانًا. يتسبّب هذا الأمر بكثير من الإزعاج للأهل.. لكن كيف عليهما التعامل مع هذا الواقع؟
التقت CNN بالدكتورة كاتي هيرلي، اختصاصية اجتماعية سريرية مرخّصة، ومؤلّفة "لا مزيد من الفتيات اللئيمات"، التي تطرّقت إلى الموضوع من منظور محاولة فهم دافع الطفل للقيام بذلك وسبب انزعاج الأهل، وكيف يتعاملون مع هذا الواقع.
CNN: لماذا يُلقي المراهقون محاضرات على الأهل حول أمور لم يعِشْنها قبل ولادة أطفالهم؟
الدكتورة كاتي هيرلي: الجزء "الحلو والمر" من الأبوة والأمومة، يتمثّل بأنّ وظيفتنا قوامها إمرار ما يكفي من معلومات لأطفالنا وتعزيز ثقتهم بأنفسهم. نريدهم أن يكتسبوا مهارات اكتشفوها حديثًا وينطلقوا بها إلى العالم! يبدأ ذلك بتعليم الأطفال الصغار، في مرحلة ما قبل المدرسة، تزرير قمصانهم وارتداء معاطفهم، وربط أحذيتهم، ويستمر هذا التعلّم والتطوّر بوتيرة ثابتة مرافقة لنموّهم. إنّ المهمة التنموية للمراهق هي التفرد تدريجيًا عن والدَيه، وإحدى الطرق لتحقيق ذلك تتمثّل بالنظر إلى العالم من منظورهم الخاص.
CNN: إلقاء المحاضرة أمر مزعج للغاية، أليس كذلك؟
هيرلي: أحد الأمور التي أشجع الأهل على القيام بها عندما يشعرون بالضيق من مشاركة المراهقين لمعرفتهم حول أمر ما، التنفّس ببطء وعمق، وطرح سؤال على أنفسهم: "لماذا يزعجني هذا الأمر كثيرًا؟". أحيانًا، قد يشعر الأهل أنّ أبناءهم المراهقين يرفضون تجاربهم الحياتية ومعرفتهم. في حالات أخرى، قد يواجه الأهل صعوبة بترك الأمور لأنّ المراهقين يشكّلون آراءهم الخاصة. أو ربما يكون أحد الوالدين ببساطة مرهقًا، وغير جاهز لتلقي محاضرة من مراهق.
CNN: ماذا نقول للأجيال السابقة عندما يحاضروننا حول كيفية إدارة الأمور بطريقة أكثر صرامة؟
هيرلي: من الشائع أن يكون لدى الأشخاص من مختلف الأجيال أفكارًا مختلفة حول كيفية التعامل مع مراحل التربية الصعبة. من الجيد دومًا رسم حدودك والالتزام بها. أنت من تربّي ابنك المراهق في نهاية المطاف. يمكنك أن تقول مثلًا: "شكرًا لمساهمتك، لكن لدي طريقة مختلفة للتفاعل مع ابنتي. هؤلاء الأطفال مرّوا بالكثير خلال السنوات القليلة الماضية، لذلك نعتمد (كوالدين) مقاربة مختلفة قليلاً عمّا كنت قد اتّبعته (مع أطفالك) عندما كانوا في عمرهم".
CNN: ماذا نقول لأطفالنا عندما لا نصغِ إليهم؟
هيرلي: عندما نتجاهل أصوات المراهقين، نمرّر لهم رسالة مفادها أنّنا لا نقدّر تجاربهم وآراءهم. هذا يكسر العلاقة التي نبنيها مع أبنائنا المراهقين. تعتبر السلامة في العلاقات أمرًا أساسيًا لبناء العلاقات مع المراهقين، ويبدأ ذلك من خلال الاستماع إليهم أكثر من التحدّث والتعاطف معهم.
CNN: إذن، كيف يمكنني الإصغاء بشكل أفضل إلى طفلي المراهق، وكيف يمكنني الطلب منه التحدث بطريقة يسهل سماعها؟
هيرلي: أحذّر الأهل دومًا من اتباع قاعدة 80/20: الاستماع 80٪ من الوقت والحديث 20٪. إطرح أسئلة متابعة للتعرّف على المصدر الذي يستقي منه طفلك المراهق معلوماته. أحد الأسباب التي قد تجعل المراهقين يشعرون بالانفصال إلى حد ما عن والديهم، أنّ الكثير قد تغيّر منذ أن كان أهلهم مراهقين. تستمر التكنولوجيا بالتطور في وتيرة سريعة، ويواكب المراهقون وتيرتها، في حين أن البالغين أكثر تأملًا بشأن متى وكيف يتعاملون مع التكنولوجيا.
وتتمثّل أحد الأمور المساعدة بمشاركة الصور والقصص الخاصة بمرحلة شبابك، وليس ميمات وسائل التواصل الاجتماعي، لإظهار المسافات التي قطعتها في محاولة منك للتواصل مع أقرانك، أو الذهاب إلى حفلة ليلة جمعة، أو إنهاء مهمة في وقت قصير.
ما نكتشفه عندما نتبادل القصص مع أطفالنا المراهقين أن العديد من المواضيع متشابهة: تغيير الصداقات، وضغط الأقران، والمماطلة، وبذلك جهد من أجل النجاح، والقائمة تطول، لكن تظهر ضغوط وتحديات جديدة مع مرور الوقت. يساعدنا تذكّر ماضينا والتكيّف مع الظروف الحالية لمراهقينا على التعاطف معهم وفهم وجهة نظرهم.
إليك بعض الأسئلة التي قد تساعدك على التواصل بدلاً من الانزلاق إلى وضعية القتال:
- هل تريد دعمًا أو حلولًا الآن؟ أتذكر سنوات مراهقتي، لكنني أعلم أيضًا أن الكثير قد تغيّر؟
- هل تريد مشاهدة بعض الصور القديمة وتبادل القصص؟
- كم رائع أنّ (المكتبات المستعملة مثلًا) تلقى رواجًا مجددًا، لماذا تعتقد أن هذا مهم لفئتك العمرية؟
- ما هي الاختراقات الرائعة الموفّرة للطاقة التي شاهدتها على "تيك توك" في الآونة الاخيرة؟ أحتاج إلى بعض الأفكار الجديدة.
- أين تبحث عن أفكار عندما تشعر بأنك عالق في واجب منزلي؟
- هل تصدق أنّ الاتصال الثلاثي كان أفضل حل لمجموعة دراسة عندما كنت في عمرك؟ كيف تتواصل مع أصدقائك عندما لا تشعر بالرغبة في مغادرة المنزل؟
CNN: ماذا يمكن أن يعلّمنا هذا الجيل من المراهقين؟
هيرلي: يمكننا أن نتعلم الكثير منهم. إنهم يسعون إلى فهم كيف يمكنهم تحسين بيئتنا، واستخدام أصواتهم لتعزيز العدالة الاجتماعية. رغم أنهم لم يتعلموا كل شيء عن العالم من حولهم، إلا أنهم يحبون التأكيد على ما تعلموه حتى الآن. بدلًا من الشعور بالضيق من الخبير المراهق الذي يعيش في منزلك، حاول التقرب منه بدافع الفضول. الانخراط في الخطاب النقدي من خلال الاستماع والمشاركة، وليس مجرد إلقاء المحاضرات. قد تتعلّم أمرًا جديدًا!
في الحقيقة ليست منافسة بين المراهقين وأولياء أمورهم. إن أفضل شيء يمكننا القيام به للحفاظ على ارتباطاتنا قوية وصحية حقًا بالتزامن مع تفرّد المراهقين، الشعور بالراحة مع ما يزعجنا، وتعلم كيفية إيجاد نقاط التقاء مع المراهقين. اقرأ الكتب التي يقترحونها، وشاهد أفلام تيك توك التي يرسلونها، وانغمس في لحظات التعلم المشترك التي تحدث عندما نتوقف عن الشعور بأننا في وضعية الدفاع، ونبدأ بالاستمتاع بعملية تربية أبنائنا المراهقين.