دراسة أسترالية: شباك العنكبوت.."خزانات للمعلومات الجينية"

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تغزل العناكب شباكها الحريرية لصيد الذباب والفرائس الصغيرة الأخرى، ولكنها أيضًا تصطاد بذلك ثروةً من الحمض النووي من البيئة المحيطة بها، وهو مورد خفي أفاد علماء أستراليون بأنّه يمكن استخدامه لتتبع الحيوانات المهددة بالانقراض ومراقبة الأنظمة البيئية.

وكشفت شباك العنكبوت التي جُمِعت من موقعين حول مدينة بيرث غرب أستراليا (في حديقة حيوانات بيرث ومحمية "كاراكاميا") عن التوقيع الجيني لـ 93 حيوانًا، بما في ذلك حيوانات الكنغر، والكوالا، والفيلة الأسيرة، والحمير الوحشية، وفقًا لدراسة نُشِرت في مجلة "iScience" بتاريخ 30 يناير/كانون الثاني.

شباك العنكبوت بمثابة "خزانات للمعلومات الجينية" بحسب دراسة جديدة في أستراليا
طالب الدكتوراه جوشوا نيوتن أثناء جمع شبكة عنكبوت. Credit: Morten Allentoft

قد تكون شباك العنكبوت وسيلة مفيدة لمراقبة الحيوانات الموجودة حولنا، بحسب ما ذكره المؤلف المشارك في الدراسة، جوشوا نيوتن، وهو طالب دكتوراه في كلية العلوم الجزيئية والحيوية بجامعة "كيرتن" بالقرب من بيرث.

وقال نيوتن في بيان صحفي: "هذه الشباك، التي غالبًا ما يتم تجاهلها في دراسات التنوع البيولوجي، أثبتت أنّها خزانات للمعلومات الجينية"، مضيفًا: "مع ضرورة وجود كميات ضئيلة فقط من الحمض النووي للتعرف إلى الحيوانات، فإنّ هذه الطريقة الرخيصة وغير الاجتياحية يمكن أن تغير قواعد اللعبة بشأن كيفية استكشاف وحماية التنوع البيولوجي البري لدينا".

وتترك جميع الكائنات الحية وراءها أجزاء من الحمض النووي على شكل خلايا جلدية، أو شعر، أو سوائل جسدية، وتُعرف هذه المادة الوراثية بالحمض النووي البيئي أو "eDNA".

وتمكن العلماء من رصد الحمض النووي الحيواني في الهواء.

واستخرجت دراستان نُشرتا في عام 2022، الحمض النووي لحيوانات متعددة من عينات الهواء التي جُمِعت من حديقة حيوانات "كوبنهاغن" في الدنمارك وحديقة حيوانات "هامرتون" في المملكة المتحدة، لإثبات المفهوم.

وتأخذ الدراسة الأسترالية الفكرة خطوة إضافية إلى الأمام، إذ تلغي الحاجة إلى أي معدات، مثل المراوح، أو مرشحات الهواء، لجمع العينة.

شباك العنكبوت بمثابة "خزانات للمعلومات الجينية" بحسب دراسة جديدة في أستراليا
خلال الحمض النووي المحمول جوًا، والذي جُمِع بواسطة شباك العنكبوت، تمكن الباحثون من رصد مختلف الحيوانات. Credit: Joshua Newton

وأجمع مؤلفو الدراسة على أنّ الشباك "منتشرة في كل مكان وفي العديد من البيئات الطبيعية والبشرية المنشأ، وتتواجد في مجموعة من الموائل الدقيقة في جميع أنحاء العالم، واختيرت بشكلٍ طبيعي لتكون بمثابة مصائد لزجة".

وعلاوةً على ذلك، من السهل جدًا جمع شباك العنكبوت، وفقًا لما ذكره نيوتن.

وبالفعل، أحدثت التقنيات التي تنطوي على الحمض النووي البيئي (eDNA) تأثيرًا كبيرًا في مختلف مجالات البحث العلمي. 

ويَستخدم علماء الآثار الحمض النووي البيئي الموجود في تربة الكهوف لفهم الشعوب البشرية القديمة، بينما كشف الحمض النووي البيئي المُستَخرج من قلب الأرض القطبية الشمالية عن مناطق تجوّل فيلة الماموث وحيوانات العصر الجليدي الأخرى في الماضي.

وأكّدت الأستاذة في قسم علم الأحياء في جامعة "يورك" بكندا، إليزابيث كلير، والتي قادت واحدة من دراسات عام 2022 حول استخراج الحمض النووي البيئي أنّها أعجبت بفكرة استخدام شباك العنكبوت.

وشرحت كلير، التي لم تشارك في البحث الحالي، عبر البريد الإلكتروني أنّه "أمر غير اجتياحي بشكلٍ رائع (إلا إذا كنت العنكبوت نفسه). أنا لست متفاجئة على الإطلاق من أن الأمر يعمل".

الكائنات الكبيرة والصغيرة

شباك العنكبوت بمثابة "خزانات للمعلومات الجينية" بحسب دراسة جديدة في أستراليا
قام الباحثون بجمع شباك أنواع مختلفة من العناكب، بما في ذلك عنكبوت Austracantha minax الظاهر في الصورة. Credit: Joshua Newton

وفي حديقة حيوانات بيرث، تراوحت أحجام الكائنات التي رُصِدت عبر هذه التقنية من قرد القشة القزم إلى الفيل الآسيوي. 

وفي الموقعين، أي حديقة الحيوانات ومحمية "كاراكاميا"، تمكن الفريق من رصد حيوانات تتمتع بسلوكيات وأساليب حياة متنوعة، بما في ذلك الأبوسوم الشجري كث الذيل، والحيوانات التي تعيش على اليابسة مثل الزرافات، والأنواع الليلية، والحيوانات ذات الفراء، والريش، والقشور، وأخرى تتمتع بجلدٍ عار.

ورصد الفريق ضعف عدد الكائنات في حديقة الحيوانات (61) مقارنةً بالغابات (32). 

وقال المؤلفون إنّ هذا الاختلاف قد يكون ناجمًا عن زيادة فرص كشف الكائنات لزيادة مستوى كثافتها في حديقة الحيوانات.

وأشارت الدراسة إلى أنّ الأنواع المختلفة من شباك العنكبوت التي جُمِعت قد تؤثر أيضًا على أنواع وكمية الحمض النووي الذي جُمع.

وفي منطقة غابات "كاراكاميا" على بُعد 50 كيلومترًا من حديقة الحيوانات، جَمَع الفريق المزيد من الشباك من عائلات عناكب تُدعى "Araneidae وPhonognathidae"، بينما كانت غالبية الشباك التي جُمِعت في حديقة الحيوانات من عائلات تُدعى "Desidae وTheridiidae".

وشرح نيوتن أنّ الأنواع المختلفة من الشباك قد تناسب أنواعًا معينة من التحاليل، مضيفًا أنّ الكثير من العناكب المدارية (orb spiders) تفكك شباكها في الصباح ثم تُعيد غزلها في الليل، ما يسمح للعلماء بجمع الحمض النووي خلال فترةٍ محددة.

ولاحقًا، سينظر الفريق إلى كيفية مقارنة شباك العنكبوت بالمواد الأخرى التي تمتص أو تجمع الحمض النووي البيئي، بما في ذلك التربة والماء.

وقال نيوتن: "أعتقد أنّ الشيء الكبير المجهول بالنسبة للكثير من (هذا) هو المدى الذي يسافر به الحمض النووي".