دراسة تكشف لأول مرة..مثبطات اللهب في المنتجات الاستهلاكية ترتبط بالسرطان لدى البشر

علوم وصحة
نشر
10 دقائق قراءة
200605120624-02-newcastle-marine-biologists.jpg
غسل ملابسك يكب البلاستيك في المحيط.

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أظهرت دراسة جديدة أنّ مثبطات اللهب المضافة منذ عقود، إلى آلاف المنتجات الاستهلاكية في الولايات المتحدة قد تزيد من خطر الوفاة بسبب السرطان.

ووجدت الدراسة أنّ الأشخاص الذين لديهم أعلى مستويات من إيثرات ثنائي الفينيل متعدّد البروم، أو PBDEs، في دمهم كانوا أكثر عرضة بنسبة 300٪ تقريبًا للوفاة بسبب السرطان، مقارنة بالأشخاص الذين سُجّلت لديهم أدنى المستويات.

وكتب الباحثون: "على حد علمنا، هذه الدراسة الأولى التي تبحث في ارتباط التعرض للإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم بخطر الوفاة لأسباب محددة بين عامة السكان البالغين في الولايات المتحدة".

وحلّل التقرير الجديد مستويات المركبات الكيميائية في دم 1100 شخص بين عامي 2003 و2004، كانوا يشاركون في المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، وهي دراسة فيدرالية طولية حول صحة المواطنين الأمريكيين.

وبحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة "JAMA Network Open" الإثنين، قارن الباحثون مستويات الإيثرات ثنائية الفينيل متعدد البروم مع شهادات الوفاة بعد مرور ما يتراوح بين 15 و17 عامًا. وفي حين توصّلت الدراسة إلى وجود ارتباط كبير بين الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم والوفيات الناجمة عن جميع أنواع السرطان، لم يتمكن الباحثون من تحديد أنواع معينة من السرطان في البيانات المتاحة.

وقال الدكتور ليوناردو تراساندي، أستاذ طب الأطفال والصحة السكانية في جامعة نيويورك لانغون هيلث بمدينة نيويورك الأمريكية، والذي لم يُشارك في الدراسة، إن الأبحاث السابقة اكتشفت وجود علاقة بين مثبطات اللهب بأنواعها المختلفة واحتمال الإصابة بالسرطان، ولكن العثور على صلة بين الوفيات الناجمة عن السرطان يؤدي إلى تقدم العلم. 

وقال تراساندي، الذي يبحث في تأثير المواد البلاستيكية، ومثبطات اللهب، والمواد الكيميائية الأخرى على الأطفال: "تربط الدراسة الجديدة الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم بالوفيات الناجمة عن السرطان، ما يبرهن أنّ الارتباط بين مثبطات اللهب ووفيات السرطان حقيقي".

وأضاف: "هذه المواد الكيميائية تتمتع بنصف عمر طويل، وتبقى بالتالي في جسم الإنسان لسنوات، فيستمر هذا التأثير  لأننا لا نستطيع إخراجها من البيئة بين عشية وضحاها".

وأرسل متحدث باسم مجلس الكيمياء الأمريكي، الذي يضم تحالفًا من الشركات التي تصنع وتوزّع مثبطات اللهب، التعليق التالي لـCNN: "لم تتح لنا الفرصة لإجراء مراجعة شاملة للتقرير المتعلق بالإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم (PBDEs)، لكننا ندعو باستمرار إلى استخدام الأبحاث والبيانات العلمية السليمة".

وتابع أن "هناك التزام من قبل تحالف مثبطات اللهب في أمريكا الشمالية (NAFRA) والشركات الأعضاء فيه بالإنتاج، والاستخدام، والإدارة المسؤولة للكيمياء والمنتجات الكيميائية، بطريقة تحمي الصحة العامة وبيئتنا، منها الكيماويات المثبطة للهب المصممة لحماية الأرواح، والمنازل، والقطع الثمينة، والبيئة، من خلال منع أو إبطاء انتشار الحرائق".

المخاطر الصحية للإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم

مواد مثبطة للهب
يوصي الخبراء باستخدام مرشح HEPA عالي الكفاءة عند التنظيف بالمكنسة الكهربائية.Credit: scyther5/iStockphoto/Getty Images

تُعرف الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم باسم اختلالات الغدد الصماء، ما يعني أنها تتداخل مع هرمونات الجسم. وقد تم ربط المركّبات الكيميائية في الدراسات بضعف استقلاب السكر في الدم، وسكري الحمل، والسمنة، وأمراض الغدة الدرقية، وبعض أنواع السرطان، ومشاكل الإنجاب، واضطرابات النمو العصبي.

وقال متحدث، باسم مجلس الكيمياء الأمريكي: "نود أن نلاحظ أنّ أعضاء NAFRA لا ينتجون الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم، وقد دعموا التخلص التدريجي من هذه المواد"، مضيفًا: "يتم تنظيم الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم على مستوى العالم، وقد انخفضت بشكل كبير في البيئة".

وبينما تراجعت مستويات الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم في الأسماك بنسبة 75% على مدى السنوات العشرين الماضية، فقد تباطأ هذا التراجع، ولا يزال الباحثون يجدون المواد الكيميائية في نسبة 93% من جميع عينات الأسماك، مع ظهور زيادة في بعض المواقع، وفقًا لدراسة أجريت في مارس/ آذار. وفي الواقع، فإن متوسط المستويات الموجودة في الأسماك بالولايات المتحدة أعلى بآلاف المرات من معايير الجودة البيئية التي حددها البرلمان الأوروبي.

في دراسة أجريت في يونيو/ حزيران 2017، اكتشف العلماء مستويات مرتفعة من الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم عند الرضع بعد نحو عقد من الزمن من التخلص التدريجي منها في عام 2004، بحسب ما قالت تاشا ستويبر، عالمة بارزة في مجموعة العمل البيئي، أو EWG، وهي جمعية غير ربحية للدفاع عن الصحة والبيئة.

وأوضحت لـCNN: "أظهر بعض الأطفال مستويات أعلى من الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم مقارنة بأمهاتهم، ما يوضح كيف أن التعرّض الكيميائي القديم لا يختفي فورًا بعد التخلص التدريجي أو سن الحظر".

ولا يُعتبر التعرض لمركبات PDBE بالأمر الجديد، إذ وجدت الاختبارات أن غالبية الأشخاص في الولايات المتحدة لديهم هذه العوامل المسبّبة لاختلال الغدد الصماء في دمهم بمستويات تزيد بحوالي ثلاثة إلى 10 مرات عن تلك الموجودة لدى الأشخاص في الدول الأوروبية، بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.

ووجدت الأبحاث السابقة أن المواد الكيميائية المثبطة للهب يمكن أن تنتقل أيضًا إلى الأجنة النامية عبر المشيمة، والأطفال حديثي الولادة من خلال حليب الثدي.

اليوم، تُعد الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم (PBDEs) أكبر مساهم في الإعاقة الذهنية لدى الأطفال، ما أدّى إلى خسارة إجمالية قدرها 162 مليون نقطة معدل ذكاء وأكثر من 738 ألف حالة إعاقة ذهنية، وفقًا لدراسة أجريت في أغسطس/ آب 2020.

كيف تتعرض للإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم؟

يستخدم المصنعون مثبطات اللهب في جميع أنواع المنتجات المبطنة، مثل الأرائك، ومقاعد الأطفال، والكراسي المتحركة، وكراسي المكاتب، وتنجيد السيارات، ومقاعد سيارات الأطفال الرضع، وبعض الألعاب، بالإضافة إلى حشو السجاد، وحصر اليوغا المبطنة بالرغوة، ومستلزمات الأطفال المبطنة. يمكن أيضًا طلاء الأجهزة الإلكترونية، وأدوات المطبخ بالمواد الكيميائية، لتقليل فرصة نشوب حريق.

تمت إزالة نوعين من الإيثرات ثنائية الفينيل متعدّدة البروم (PBDEs) طوعاً من سوق الولايات المتحدة في عام 2004. ومع ذلك، فإن وكالة حماية البيئة الأمريكية لم تنظم استخدام الإيثرات ثنائية الفينيل عشاري البروم ، أو DecaBDE، وهو مثبط للهب مرتبط بالسرطان يُستخدم في المنسوجات، وأجهزة التلفزيون، وأجهزة الكمبيوتر، ومواد البناء والتشييد، والسلع المستوردة مثل قطع غيار السيارات حتى يناير/ كانون الثاني 2021.

وقال تراساندي إنه في بعض الحالات، استبدلت الصناعة هذه المواد الكيميائية بمثبطات اللهب الأحدث المعتمدة على الفوسفور، مضيفًا أن الباحثين يشعرون الآن بالقلق من أن هذه المواد الكيميائية قد تكون مرتبطة بالسرطان أيضًا.

لا تزال العديد من المواد الكيميائية القديمة، ضمنًا الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم، موجودة في العناصر القديمة، مثل الرغوة الموجودة في الأرائك القديمة وحشو السجاد، ولكن الطريق الرئيسي للتعرض هو التلوث، حيث تسربت مثبطات اللهب من مدافن النفايات على مدى عقود لتلوث الهواء، والتربة، والأرضيات، والمياه الجوفية، والأنهار، والجداول.

ويحدث التعرض لهذه المواد الكيميائية عن طريق الغبار المنزلي، والمنتجات الاستهلاكية الملوثة، وكذلك نتيجة بقايا الطعام، لا سيما الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون مثل الأسماك الدهنية، وفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

وبمجرد وجود الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم في البيئة، فإنها تتراكم في دهون الحيوانات. وعندما يأكل حيوان آخر، يزداد تركيز المواد الكيميائية. وبما أن البشر يتواجدون في قمة السلسلة الغذائية، فإن لديهم بعض أعلى تركيزات الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم.

وقال تراساندي: "ستبقى مثبطات اللهب هذه موجودة ويمكن اكتشافها فينا جميعًا بالولايات المتحدة لأننا نعيش في بيئة نستخدم فيها منتجات تمت إضافة هذه المواد الكيميائية إليها منذ سنوات عديدة".

أما الأشخاص الذين يعملون في الأماكن المغلقة حيث يتم تصنيع المنتجات المحتوية على الإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم، أو إصلاحها، أو إعادة تدويرها، فقد يتعرضون لبعض أعلى المخاطر، بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.