ملاحظة المحرر: "نداء الأرض" عبارة عن سلسلة تحريرية من CNN تلتزم بتقديم التقارير حول التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا، والحلول لمواجهتها. أبرمت رولكس عبر مبادرة "الكوكب الدائم" شراكة مع شبكة CNN لزيادة الوعي والمعرفة حول قضايا الاستدامة الرئيسية وإلهام العمل الإيجابي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُعد طاقة الرياح أمرًا حيويًا للمساعدة في إزالة الكربون من صناعة الطاقة. ورغم أن الكهرباء التي تولّدها هذه التقنية تتمتع ببصمة كربونية صغيرة، إلا أنّ أبراج توربينات الرياح التقليدية تُصنع في الغالب باستخدام مواد كثيفة الكربون مثل الفولاذ.
وتعتقد شركة "Modvion" السويدية أنّها وجدت بديلاً صديقًا للبيئة عبر بناء أبراج توربينية من الخشب.
وينبعث حوالي طنين من ثاني أكسيد الكربون من كل طن من الفولاذ المُصنع، وتحتوي توربينات الرياح البرية الحديثة "على حوالي 120 طنًا متريًا من الفولاذ لكل ميجاوات من الطاقة"، وفقًا لما ذكرته مجموعة "WindEurope".
وبدلاً من الفولاذ، تستخدم "Modvion" خشب القشرة الرقائقي (LVL) المصنوع من طبقات متعددة من الخشب الملتصقة ببعضها البعض باستخدام مواد لاصقة.
وتُصنَّع ألواح "LVL" في وحدات تُنقل وتُجمَّع بعد ذلك في أسطوانات بالموقع، وذلك قبل تكديسها فوق بعضها البعض، وربطها بالغراء لإنشاء برج.
أفادت الشركة أنّها تستخدم خشب التنوب الاسكندنافي المستخرج من الغابات الشمالية المُدارة بشكل مستدام، والمعتمدة لإعادة التشجير في السويد، ويستخدم برج معياري ما بين 300 و1،200 متر مكعب من الخشب.
أوضح المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "Modvion"، أوتو لوندمان، أن استخدام الأبراج الخشبية يقلّل من الانبعاثات خلال دورة حياة توربينات الرياح بنسبة تزيد عن 25%، بينما تبلغ النسبة 90% عند مقارنة البرج في التوربين فحسب.
وأضاف لوندمان أنّه عند أخذ ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه الأشجار أثناء النمو بعين الاعتبار، فيمكن اعتبار أنّ الأبراج الخشبية تخزن مستوى أكبر من الكربون مقارنةً بالكربون الذي ينبعث منها.
ومع ذلك، يشكّك بعض الباحثين في فكرة أنّ البناء بالخشب يمكن أن يكون محايدًا للكربون.
تغيير النظرة تجاه البناء بالخشب
تأسست شركة "Modvion" في عام 2016 على يد لوندمان، والمهندس المعماري ديفيد أوليفيجرين، وبعد أربع سنوات، وبتمويل من وكالة الطاقة السويدية، أطلقت الشركة نموذجًا أوليًا لبرج بطول 30 مترًا في جزيرة "Björkö" بالسويد.
وفي عام 2023، ركّبت الشركة أول وِحدة تجارية بقدرة 2 ميجاوات لشركة "Varberg Energi" للمرافق الكهربائية، وهي عبارة عن برج توربيني خشبي يبلغ ارتفاعه 105 متر يُدعى "Wind of Change" خارج مدينة سكارا بالسويد.
وإلى جانب فوائدها البيئية، قال لوندمان إنّ خشب القشرة الرقائقي يتمتع بالعديد من المزايا اللوجستية.
ويتميز الخشب بقوة أعلى بالنسبة للوزن مقارنةً بالفولاذ، وتحتاج الأبراج الفولاذية الطويلة إلى قوى إضافية لتتحمل وزنها على عكس الأبراج الخشبية.
وذكر لوندمان أن هذا يعني أنّ أبراج "Modvion" قد تكون أخف بنسبة 30% من الأبراج الفولاذية.
ويعني التصميم المعياري للأبراج أنّه يمكن نقلها باستخدام الشاحنات والطرق العادية، وبمجرد إخراج التوربين من الخدمة، يمكن إزالة الأخشاب لإعادة استخدامها في صناعة البناء كعوارض قوية.
وبمرور الوقت، أفادت الشركة أنّ أبراجها ستكون أرخص من الأبراج الفولاذية.
وقال لوندمان: "نأمل أنّنا نغير وجهة النظر حول الخشب كمادة، ونحن نرى ذلك".
اختبار الأبراج
رُغم تمتع الخشب بإمكانيات كبيرة، إلا أنّ الدكتور عباس كاظمي أميري من مركز طاقة الرياح والتحكم في جامعة "ستراثكلايد" بالمملكة المتحدة، أشار إلى أن وجود العديد من الأشياء المجهولة حول الخشب الرقائقي، يستدعي بعض المخاوف.
وقال أميري الذي ليس له علاقة بشركة "Modvion" إنه "على عكس الفولاذ، والخرسانة، والمركبات الصناعية التي خضعت لاختبارات ميكانيكية، واختبارات إجهاد واسعة النطاق على مدى عقود، فإن هذا النوع من الخشب الرقائقي الجديد يفتقر إلى اختبارات شاملة كهذه"، مضيفًا: "سيكون إجراء اختبارات شاملة في المستقبل أمرًا بالغ الأهمية لتسويق الأبراج الخشبية على نطاق واسع".
وأوضح أميري: "يمكن أن تتغير الخواص الميكانيكية للخشب مع الظروف البيئية، ما قد يؤثر على سلوك الأبراج الخشبية.. هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لمعالجة هذه الشكوك".
من جهته، رأى لوندمان أنّ الافتقار إلى الأبحاث والمبادئ التوجيهية الحالية فيما يخص استخدام الخشب في الهياكل العملاقة مثل توربينات الرياح، كان من أكبر التحديات التي واجهتها "Modvion"، قائلًا: "لهذا كنّا بحاجة إلى سد هذه الفجوة، وقمنا بإجراء الكثير من الاختبارات لجميع الأجزاء المختلفة في أبراجنا لنقوم بعملية الإثبات من خلال إظهار كيفية عمل هذه العناصر على مدى عمر التوربين واقعيًا".
وأفادت الشركة أن أبراج "Modvion" تُغطى بطبقة سميكة من الطلاء المقاوم للماء، ومثل الأبراج الفولاذية، يتراوح عمرها الافتراضي بين 25 و30 عامًا.
والشركة حاليًا في خضم مرحلة التصميم لأول توربين لها بقدرة 6 ميجاوات، وسيتم تركيبه في العام المقبل.
وبحلول عام 2027، تهدف الشركة إلى بدء الإنتاج التجاري للتوربين في مصنع جديد.