فحوص أدمغة الأطفال ميّزت بين جنس الطفل عند الولادة ونوعه الاجتماعي

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- غالبًا ما يُخلط بين الجنس والنوع الاجتماعي، أو يُعدّان أمرًا واحدًا في الأحاديث اليومية، ويعتقد معظم البالغين الأمريكيين أن نوع الشخص يتحدد بحسب الجنس المحدّد عند الولادة.

لكن دراسة جديدة شملت نحو 5 آلاف طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات، وجدت أنّ الجنس والنوع يرتبطان بأجزاء مختلفة من الدماغ.

وقال مؤلفو الدراسة إنّ البحث يُقدم نظرة أولية حول كيف يمكن أن يكون  للجنس والنوع "تأثيرات فريدة وقابلة للقياس" على الدماغ.

وأشارت الدكتورة إلفيشا دامالا، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي بمعاهد فاينشتاين للأبحاث الطبية، والمؤلفة المشاركة في الدراسة المنشورة في الدورية العلمية "Science Advances" الجمعة، إلى "أننا نحتاج حقًا للنظر في كل من الجنس والنوع على نحو منفصل إذا أردنا فهم الدماغ بشكل أفضل".

وعرّف الباحثون في الدراسة الجديدة الجنس بأنه ما تم تحديده للطفل عند ولادته. وفي الولايات المتحدة، يحدّد الأطباء ذلك بناءً على الأعضاء التناسلية.

وبحسب البحث، يتم تحديد معظم الناس إما أنثى أو ذكر. أما البقية فهم أشخاص ثنائيي الجنس، أي الشخص الذي لا تتوافق أعضاؤه الجنسية أو التناسلية مع تصنيف الذكر والأنثى.

وعرّف الباحثون النوع بأنه موقف الفرد ومشاعره وسلوكياته، إضافة إلى الأدوار الاجتماعية.

وعليه لفتوا إلى أنّ النوع ليس ثنائيًا، ما يعني أنه لا يمكن تعريف جميع الأشخاص على أنهم أنثى أو ذكر.

ويعد كل من الجنس والنوع جزءًا أساسيًا من التجربة الإنسانية، إذ لهما دور في كيفية إدراك الناس للآخرين وكيفية فهمهم لأنفسهم.

وأفادت الدراسة أن الجنس والنوع قد يؤثران على السلوك والصحة أيضًا.

ونظر الباحثون في بيانات تصوير الدماغ الخاصة بـ4،757 طفلاً في الولايات المتحدة، منهم 2،315 عُيّنوا كإناث عند الولادة و2،442 عُيّنوا ذكورًا عند الولادة، وكانت أعمارهم تتراوح بين 9 و10 سنوات، وشكلوا مجموعة فرعية من دراسة التطور الإدراكي لدماغ المراهقين، وهي أكبر دراسة طويلة الأمد عن نمو الدماغ وصحة الطفل في الولايات المتحدة.

وعلى مدى 10 سنوات، خضع الأطفال في الدراسة لتقييمات شاملة للتصوير العصبي، والسلوك، والتنمية، والاضطرابات النفسية.

وإلى اختبارات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، أجرى العلماء دراسات استقصائية للأطفال وأولياء أمورهم ركزت على النوع، سواء في بداية البحث أو بعد مرور عام.

وسئل الأطفال عن كيفية تعبيرهم عن نوعهم وكيف يشعرون تجاه ذلك، بينما سئل الوالدان عن سلوك الطفل بحسب جنسه أثناء اللعب، وما إذا كان يعاني من أي خلل في الهوية الجنسية، وهو مصطلح يستخدمه اختصاصيو الصحة النفسية لوصف الضيق الكبير الذي يشعر به سريريًا لأن إحساس الشخص بنوعه لا يتطابق مع جنسه المحدد عند الولادة.

وكان الآباء والأمهات جزءًا أساسيًا من الدراسة، بحسب المؤلف المساعد في الدراسة الدكتور داني باسيت، وهو أستاذ في جامعة بنسلفانيا المعين في أقسام الهندسة الحيوية، والهندسة الكهربائية وهندسة النظم، والفيزياء وعلم الفلك، وعلم الأعصاب، والطب النفسي.

وقال باسيت: "عندما يكون لدى الأطفال نوع معين من السلوك الجنسي أو التعبير الجنسي، فإن ذلك سيؤثر على كيفية تفاعل أهلهم ومقدمي الرعاية الآخرين والأصدقاء والعائلة وغيرهم معهم".

وبالنسبة للباحثين، المعلومات حول تصور الوالدين لجنس الطفل تعطيهما إحساسًا أفضل بالبيئة الاجتماعية للطفل وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على نمو دماغه.

واستخدم مؤلفو الدراسة نوعًا من الذكاء الاصطناعي يسمى التعلم الآلي الذي بنى نموذجًا يمكنه التنبؤ بجنس الطفل ونوعه المعلن من خلال فحص الدماغ.

وعندما نظر الباحثون إلى فحوص أدمغة الأطفال، بدا أن النتائج تظهر أن الجنس يؤثر على مناطق مختلفة من الدماغ تشارك في المعالجة البصرية، والمعالجة الحسية، والتحكم الحركي، وبعض المناطق المشاركة في الوظيفة التنفيذية، التي تتيح للفرد تنظيم المعلومات ودمجها بمرور الوقت.

ويبدو أن النوع يؤثر على بعض الشبكات الحسية المحددة المرتبطة بالجنس، لكن يبدو أنّ له تأثير أوسع ويمكن اكتشافه على شبكات الدماغ المختلفة، المشاركة في الوظيفة التنفيذية، ضمنًا الانتباه، والإدراك الاجتماعي، والمعالجة العاطفية.

ويمكن تشكيل بنية الدماغ البشري من خلال الخبرات والتجارب.

ما لم  تتمكّن الدراسة الجديدة من كشفهه هو التنبؤ بالنوع الذي قد يعرّف به الشخص خارج إطار زمني محدود يتم التقاطه بواسطة الفحوصات والاستبيانات

ولفت مؤلفو الدراسة إلى أنّ النوع ليس أمرًا ثابتًا بالضرورة، ويمكن أن يتغير فهم الشخص لنوعه طوال حياته.

ولا تستطيع الدراسة أيضًا تحديد العناصر الموجودة في بيئة شخص ما وتأثيرها على وظائف الدماغ من حيث الجنس أو النوع، كما لا يمكنها تحديد التوجه الجنسي للشخص.

وقال باسيت: "إن التوجه الجنسي مستقل عن الجنس وعن النوع، وقد يتم تخطيطه بشكل مختلف في الدماغ".

وأشار الباحثون إلى أنهم يأملون في معرفة المزيد يومًا ما عن كيفية تفاعل الجنس والنوع في حياة الشخص وكيف يؤثر كل منهما على الآخر وعلى الدماغ طوال حياته. ويأملون أيضًا أن يروا كيف تؤثر الثقافات المختلفة على نوع الشخص ونموه الدماغي.

ويمكن للفهم الكامل للطريقة التي يعمل بها الدماغ من حيث الجنس والنوع أن يكون له أيضًا آثار عملية، وربما يساعد العلماء على إيجاد طرق أفضل لعلاج الأشخاص المصابين بأمراض مرتبطة بالدماغ.