ملاحظة المحرّر: تتمتّع الدكتورة جيل غرايمز بأكثر من 30 عامًا من الخبرة في الممارسة الخاصة والطب الأكاديمي، وتشارك حكمتها الطبية على منصات التواصل الاجتماعي مثل The College Doc. وهي مؤلفة كتاب "دليل الصحة الشامل لطلاب الجامعة: دليلك لكل شيء من الصداع الناتج عن شرب الخمر إلى الحنين للوطن".
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل من الآمن شرب الكحول أثناء تناول أدوية مضادة للاكتئاب؟ ماذا عن استخدام القنب؟ ماذا لو تخلّيت عن جرعة دواء حتى تتمكّن من استهلاك الكحول في حفلة؟ هل هناك أدوية من دون وصفة طبية محظورة عند الإصابة بالمرض؟
بصفتي طبيبة عائلية تركز على صحة الطلاب الجامعيين، تُطرح عليّ هذه الأسئلة باستمرار. غالبًا ما تخلق أجواء التوتر الشديد، والمساكن المكتظة في الحرم الجامعي الخلطة المثالية للمضاعفات الصحية المحتملة. فسهر الليالي، وتعاطي المخدرات، وتفشي الفيروسات التنفسية، تجعل من المهم فهم كيفية تفاعل هذه الأدوية مع العادات اليومية والأمراض.
يعاني أكثر من ثلث عدد طلاب الجامعات اليوم من القلق الشديد وأعراض الاكتئاب، بحسب دراسة الأدمغة الصحية 2023-2024، ومن الجيّد أن يحصل الكثيرون على المساعدة.
وجدت الدراسة أنّ حوالي 1 من كل 5 طلاب جامعيين، أو 22٪ منهم، أفادوا بتناول مضادات الاكتئاب الموصوفة خلال العام السابق، وحوالي 1 من كل 3 طلاب، أو 36٪ منهم، تلقوا استشارة مهنية.
إلى ذلك، يدرس الطلاب طوال الليل، ويغيّرون جداول نومهم لموازنة أوقات الدراسة المختلفة، ويذهبون إلى حفلات نهاية الأسبوع وسوى ذلك. تميل هذه الحفلات إلى تقديم المشروبات الكحولية، كما أنّ الشرب الاجتماعي، وحتى الافراط بالشرب يعتبر جزءًا من ثقافة الجامعة. تزيد الحفلات الطويلة من فرصة الإفراط في تناول الكحول، حتى بالنسبة لمن يحاولون الشرب باعتدال.
تتمثل أفضل توصية طبية بالطبع في تجنّب الكحول والمخدرات أثناء تناول مضادات الاكتئاب الموصوفة.
ما الفرق بين الأدوية المضادة للقلق ومضادات الاكتئاب؟
كانت الأدوية التقليدية المضادة للقلق عبارة عن مهدئات (البنزوديازيبينات) التي تُقلّل من القلق على الفور، لكنّها يمكن أن تسبّب الإدمان بسرعة. واليوم، لدى الأطباء العديد من خيارات الأدوية البديلة التي لا تؤدي إلى الإدمان.
ويتمثل العلاج المفضل لغالبية اضطرابات القلق إما بمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورادرينالين، أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورادرينالين. وعادة ما يجب تناول هذه الأدوية يوميًا كي تكون فعّالة.
أما حاصرات بيتا، مثل بروبرانولول، وهي أدوية لخفض ضغط الدم، فيمكن استخدامها بجرعات متدنية لإبطاء معدل ضربات القلب، ما يهدئ الأعراض الجسدية للتوتر بشكل مباشر، ويؤدي على نحو غير مباشر إلى الاسترخاء العقلي. ويُحرر الهيدروكسيزين وهو مضاد للهيستامين بوصفة طبية ويهدئ القلق عبر التخدير. يمكن تناول هذين العقارين "بحسب الحاجة".
تعمل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ومثبطات استرداد السيروتونين والنورإبينفرين على رفع مستويات النواقل العصبية في الدماغ، وقد أثبتت فعاليتها السريرية في علاج كل من القلق والاضطرابات الاكتئابية، لكنها تصنّف على أنها أدوية مضادة للاكتئاب.
كيف يؤثر الكحول على القلق والاكتئاب؟
أولاً، المشروبات الكحولية مهدئة، فهي تُثبط الجهاز العصبي المركزي. نعم، قد تشعر بالتحفيز بداية عندما تغمر دماغك لفترة قصيرة مواد مثل بالدوبامين، والسيروتونين، وحمض غاما أمينوبوتيريك، أو GABA، لكن الانخفاض اللاحق في مستويات الناقل العصبي قد يتسبّب بكآبة، ويجعلك أكثر عرضة لتجربة الأفكار السلبية المتطفلة، والغضب، والقلق.
غالبًا ما يعتقد الطلاب أنّ المشروبات الكحولية تُحسّن من نومهم، لأنها تُشعرهم بالنعاس، فيتمكنون من النوم بسرعة أكبر. لكنّ المشروبات الكحولية تؤثّر على جودة النوم عن طريق تقليل حركة العين السريعة، أو نوم حركة العين السريعة، وزيادة الاستيقاظ، وبالتالي تترك دماغك أكثر تعبًا وعرضة للضائقة العاطفية.
كيف يتفاعل الكحول مع مضادات الاكتئاب؟
تعمل أدوية مضادات الاكتئاب من خلال بناء النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين ببطء وثبات، بينما يستنزف شرب الكحول هذه المواد الكيميائية، ويتطلب بالتالي المزيد من الجهد لتحسين الصحة العقلية، وهذا السبب وراء ضرورة الامتناع عن شرب الكحول خلال تناول مضادات الاكتئاب.
يمكن لمضادات الاكتئاب أن تضخم بشكل كبير آثار الكحول، ما يؤدي إلى المزيد من اكتئاب الجهاز العصبي المركزي، وزيادة التخدير، وأوقات رد الفعل والتنسيق.
ماذا عن استهلاك المشروب في المناسبات؟
لن يوصي أي طبيب بشرب الكحول أثناء تناول مضادات الاكتئاب. غير أنّ المخاطر الطبية المترتبة على تناول مشروب واحد أو ربما مشروبين قياسيين مرتين في الشهر منخفضة لدى الشباب الأصحاء الذين يتناولون مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، أو مثبطات استرداد السيروتونين والنورإبينفرين، ولا يأخذون أدوية إضافية.
ومع ذلك، فإن المشروب الجامعي النموذجي الذي يُسكب في الكوب يحتوي على أكثر من مشروبين قياسيين، وغالبًا ما يؤدي ضعف الحكم على المشروب الأول إلى تناول مشروب ثانٍ، رغم النوايا الأولية للالتزام بمشروب واحد.
ما أسوأ شيء يمكن أن يختبره الشخص الذي يشرب كثيرًا؟
الموت نتيجة التسمّم بالكحول. وهناك مشكلة أكثر شيوعًا، تتمثل بنوبات الصرع. تعمل مضادات الاكتئاب على زيادة احتمال إصابتك بنوبات الصرع. كما يمكن للمشروبات الكحولية أن تسبب نوبات الصرع، ودمجها مع هذه الأدوية يزيد من خطر الإصابة بها.
ماذا يحصل إذا امتنعت عن تناول الدواء في الأيام التي أرغب فيها بالشرب؟
بالتأكيد لا. لا تدخل مضادات الاكتئاب إلى نظامك وتخرجها منه خلال ساعات قليلة. يستغرق الأمر أيامًا عدة أو أسابيع. لن يُقلّل عدم تناول الجرعة من خطر تفاعلك مع الكحول، وقد يصيبك بالصداع والغثيان، ويزيد من القلق أو أعراض شبيهة بتلك الخاصة بالإنفلونزا بسبب متلازمة التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب.
ماذا عن القنب؟
إسوة بالكحول، يميل التأثير الفوري للقنب إلى تحسين الحالة المزاجية أو تهدئة الأعصاب، ما يدفع العديد من الطلاب إلى علاج أنفسهم بهذه المنتجات. إنّ السهولة الاجتماعية، والتكتم في التدخين الإلكتروني أو استهلاك القنب (مقارنة بالكحول) يجعل من المغري الاعتماد المفرط على الجرعات السريعة طوال اليوم. قد يساهم القيام بذلك في احتمال الإدمان، خصوصًا لدى الأشخاص ما دون الـ25 عامًا. وبحسبت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، فإنّ نحو 10٪ من البالغين الذين يستخدمون القنب سيصبحون مدمنين.
يمكن أن تؤدي تركيزات THC غير المتسقة، والاستجابات الفردية الفريدة إلى تسبّب جرعة واحدة فقط في زيادة القلق، والجنون، والتهيج و/أو الغثيان بشكل عشوائي. قد يتم خلط منتجات THC المنتجة بشكل غير قانوني بمواد نفسية أخرى.
وتوصلت دراسة أجريت في عام 2021، ونُشرت في مجلة Journal of Personalized Medicine، أنّ القنب يؤثر على أنزيمات الكبد، ما يتسبّب بارتفاع مستويات مضادات الاكتئاب في الدم وزيادة الآثار الجانبية اللاحقة.