دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يُجسِّد مسجد "باب السلام" الثقافة العُمانية ببساطته. ويُشكل بتصميمه الانسيابي والمدروس معلمًا بحد ذاته في الحي السكني الذي بُني فيه بالعاصمة مسقط.
وجاء المسجد، الذي افتُتِح في بداية عام 2023، بتكليفٍ من مؤسسة الجسر الخيرية.
وكان من المقرّر بناء مسجد بتصميم مختلف كليًا إلى أن تم استدعاء رئيس قسم التصميم في "مكتب التقدم" للتصميم، ومؤسسها، مروان البلوشي، لمراجعة المخططات.
وقررت المؤسسة ترك تصميم المسجد بين يدي المكتب بعد إشارة البلوشي إلى أنّ التصميم الأصلي "مُستَهلك" بالفعل، ويشبه مساجد أخرى في مسقط وسلطنة عُمان بشكلٍ عام، بحسب ما ذكره في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
"إعادة صياغة مفهوم الخشوع"
وعند الحديث عن تصميم المسجد، أشار البلوشي إلى أنّ أساس الفكرة "كان مبنيًا حول الزائر"، ويتمحور حول "كيفية إعادة صياغة مفهوم الخشوع في الصلاة من خلال التصميم المعماري".
ويمكن النظر إلى المسجد كسلسة من التجارب التي تهيئ الزائر للانتقال من الحياة العادية الصاخبة إلى حالة الخشوع.
وأكد مدير البحوث والمبادرات الثقافية في "مكتب التقدم" عبر مقابلة مع موقع CNN بالعربية، عبدالرحيم الكندي أن "لكل شيء سبب".
وقال البلوشي إن التجربة تبدأ من رؤية المسجد من بعيد، ومنارته الضخمة "اللافتة للنظر".
وعند الوصول إلى المسجد، سيعبر الزائر منطقة مُشجّرة، تمثل حاجزًا طبيعيًا تمنح الشعور بالراحة.
وأكّد الكندي أنّ المنطقة التي يتواجد بها المسجد قليلة الأشجار. ولذا تُخرجك المنطقة الخضراء هذه "من أجواء المدينة المزعجة".
وتتبع تلك المنطقة مرحلة أخرى يعتبرها البلوشي منسية نوعًا ما، وهي الصّرح، أو المنطقة الفاصلة بين حرم المسجد وقاعة الصلاة، والتي تزدهر فيها العلاقات الاجتماعية بين روّاد المسجد عادةً.
وأوضح البلوشي: "أصبح الأشخاص يذهبون إلى المسجد، ومن ثم يغادرون فحسب.. لذا أردنا أن يكون هذا المكان جزءًا من التصميم".
العودة إلى "أصل المساجد"
وليس من الغريب أن تغمر زوار مسجد "باب السلام" مشاعر الطمأنينة التي يوحي بها اسمه بالفعل، فتبدو قاعة الصلاة كبُعد آخر ببساطتها وألوانها الهادئة.
وخلال مرحلة التصميم، أكّد الكندي: "الأمر الذي ركزنا عليه هو اختصار تجربة المصلي. وقمنا بإلغاء أي شيء زائد، وعدنا إلى أصل المساجد".
وكان الهدف من ذلك التخلص من أي شيء يشتت المصلي في هذه المساحة، على حد قوله، ويتجسد ذلك في إخفاء مفاتيح الإنارة، وأزرار المكيفات، وانعدام الزخارف من السجادات التي تغطي الأرضية، وغيرها من التفاصيل.
وكان إبقاء صلة الزوار بالطبيعة في المسجد جانبًا مهمًا أيضًا، وتجسد ذلك عبر إضافة فتحات إضاءة تسمح بدخول أشعة الشمس.
وأشار البلوشي إلى أنّها سمة تعزز الاستدامة أيضًا.
ويشكل المسجد اليوم جزءًا كبيرًا من حياة سكان المنطقة، إذ لا يُستخدم كمكان للعبادة فحسب.
وقال الكندي: "أردنا أن يكون مكانًا للناس.. وفي أول يوم، كان الأطفال يلعبون فيه بالفعل.. في المساحات العامة وسط المسجد"، مضيفًا: "لذا من اليوم الأول، شعرنا أنّ النتيجة قد تبلورت".