دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في إحدى الصور، يرتدي عبدول ورسامي بنطال جينز منخفض الخصر، وسترة رياضية مخصصة لركوب الدراجة النارية، ووشاحًا من الفرو. وفي صورة أخرى، تظهر كانديس اشلي وهي ترتدي زوجًا من الأحذية الرياضية، بينما ينسدل شعرها البلاتيني الطويل على قميصها الأسود.
هذه بعض الوجوه التي ظهرت في سلسلة "المسلمون في أمريكا"، وهي مجموعة صور فوتوغرافية مستمرة للفنان البريطاني مهتاب حسين.
وقال حسين لـ CNN عبر مكالمة بالفيديو: "لقد نشأت على أن الإسلام هو أسلوب حياة، لكنني لم أكن أعرف حقًا ما يعنيه ذلك".
وأضاف: "لكن الانتقال إلى الولايات المتحدة ولقاء كل هذه المجتمعات، والأشخاص من جميع مناحي الحياة، في جميع أنحاء العالم، أثار اهتمامي في كيفية تناسب الإسلام مع الثقافة الأمريكية".
ومثل قطعة من السجاد المنسوج بشكل معقد، تجمّع السلسلة بين العديد من الأشخاص الذين يشاركونه هويته، التي لا يتم تمثيلها بشكل كافٍ في الولايات المتحدة.
في عام 2017، قدّر مركز بيو للأبحاث أن هناك 3.45 مليون مسلم يعيشون في الولايات المتحدة، وتوقع أنه بحلول عام 2040، سيحل المسلمون محل اليهود باعتبارهم ثاني أكبر مجموعة دينية في البلاد بعد المسيحيين.
وبحلول عام 2050، توقعت الدراسة ذاتها أيضًا أن يصل عدد السكان المسلمين في الولايات المتحدة إلى 8.1 مليون نسمة، أو 2.1% من إجمالي السكان.
ورغم هذه الأرقام، فإن تجربة المسلمين اليوم يمكن أن يُساء فهمها أو تكون غائبة تمامًا عن الحوار الثقافي.
وفي دراسة أخرى ركزت على تصوير المسلمين في الأفلام، تم تجسيد نحو 40% من الشخصيات الإسلامية الأساسية والثانوية في 200 فيلم عالي التصنيف على أنهم من مرتكبي أعمال عنف.
وشعر حسين، الذي وُلد في مدينة غلاسكو باسكتلندا لأبوين من الجيل الأول من المهاجرين في كشمير وباكستان، بأنه مضطر إلى تحدي التصوّر الخاطئ عن المسلمين في أمريكا، خاصة بعد تصاعد الخوف من الإسلام بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.
وبدأ المشروع في عام 2021، بعد عقدين من الزمن، كوسيلة لإحياء الذكرى السنوية من منظور آخر.
وقال حسين: "عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر، أغلق الكثير من المسلمين في مجتمعات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أبوابهم، لأنهم كانوا يشعرون بالخوف"، موضحًا أنه خلال العشرين عامًا الماضية، بدأ هؤلاء يشعرون بالراحة من جديد.
ولغاية الآن، قام حسين بتوثيق أشخاص يعيشون في مدن نيويورك، ولوس أنجلوس، وبالتيمور بأمريكا، وكذلك تورنتو بكندا.
وتابع: "الفرق الرئيسي يتمثل بالتنوع، لقد التقيت بأشخاص مسلمين من جميع أنحاء العالم في الولايات المتحدة، من بينهم فلسطينيين، وآخرين من جميع أنحاء إفريقيا"، لافتًا إلى أن لوس أنجلوس لديها واحدة من أكبر التجمعات السكانية الإيرانية.
وكانت النتيجة مجموعة غنية من الصور، تصور أشخاصًا من مختلف الأعمار والأعراق بالإضافة إلى خيارات ملابسهم.
ولا تتحدى صور حسين الطريقة التي يتم بها تصوير المسلمين الأميركيين بصريًا فحسب، بل توفر أيضًا مساحة لشخصياته من أجل مشاركة تجاربهم.
وخلال المقابلات المكتوبة، التي تظهر إلى جانب الصور، يتحدث المشاركون بصراحة عن قضايا مثل التوازن بين اعتناق جوانب الثقافة الأمريكية وتكريم عقيدتهم.
وأوضح حسين: "ليس هناك رواية معينة أحاول إيصالها. الأمر يتعلق بما يقوله المجتمع ومن هم هؤلاء الأشخاص. هذه هي الطريقة التي أؤدي بها عملي دائمًا".
ومن المقرّر أن تدور أحداث الجزء التالي من السلسلة في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، وهي مدينة تحتضن أكبر عدد من السكان المسلمين في البلاد بأكملها.
أما حسين، الذي يحاول عادةً إبقاء المشروع إيجابيًا قدر الإمكان، فإنه يخطط لرحلة إلى المدينة من أجل توثيق السكان المسلمين في أجواء مشحونة سياسيًا، وخاصة في ظل الحرب بين إسرائيل وحماس، إذ أوضح أنه رغم أن "هذه السلسلة تدور حول النظر بإيجابية إلى هوية جديدة تتشكل في الولايات المتحدة، إلا أن أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول غيرت مسار المحادثة مرة أخرى".
وهذا الشهر، نشر مركز بيو للأبحاث دراسة استقصائية وجدت أن 70% من المسلمين الأمريكيين يعتقدون أن التمييز ضد المسلمين قد زاد منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، وأكثر من 50% يقولون إنهم يشعرون بالخوف من الأخبار المتعلقة بالحرب.
وأكدّ حسين أن "هذه الدراسة تظهر مدى حساسية الأمر، خاصة بالنسبة للمسلمين في الولايات المتحدة"، لافتًا إلى ردود الفعل على السلسلة كانت إيجابية حتى الآن، حيث احتفل العديد من المشاركين بمهمته التي ترمز إلى تمثيل المسلمين في أمريكا.