دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما بدأ فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في الانتشار حول العالم، بدا أنه لا يوجد مكان أسوأ من أن تكون عالقاً على متن سفينة سياحية.
ومن التدافع غير المسبوق من أجل الملاذ الآمن إلى سفن الأشباح العملاقة التي بدأت تظهر قبالة الشواطئ، إليكم كيف انقلب عالم رحلات السفن السياحية رأساً على عقب في 2020.
4 فبراير/ شباط 2020: تفشي مرض "كوفيد-19" على متن سفينة سياحية
في أوائل فبراير/ شباط العام الماضي، احتل فيروس كورونا عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، ولكن اعتبر الكثيرون أن العدوى بمثابة أزمة إقليمية تصيب الصين في الغالب، مع عدد قليل من الحالات المعزولة الأخرى.
وكانت إحدى تلك الحالات على متن سفينة "Diamond Princess"،وهي سفينة سياحية مسجلة في بريطانيا عمرها 16 عاماً تديرها شركة السفن السياحية "Princess Cruises".
وعندما نزل راكب مصاب بفيروس كورونا من السفينة، بقي مرض "كوفيد -19" على متنها. وبحلول الوقت الذي صعدت فيه السلطات الصحية في المياه اليابانية بتاريخ 4 فبراير/ شباط، تم تأكيد إصابة 10 أشخاص على متن السفينة بفيروس كورونا.
ووسط مخاوف من الكشف عن المزيد من الحالات المصابة بين 2666 راكبا معظمهم من اليابانيين، خضعت السفينة للحجر الصحي في ميناء يوكوهاما. ومُنع الركاب من النزول، وطُلب منهم ارتداء الكمامات والبقاء في كبائنهم.
وسرعان ما أصبحت السفينة مثالًا على شدة فيروس "كوفيد-19"، إذ عندما ظهرت الحالات لكل دولة على شاشات التلفاز، كان لدى السفينة السياحية أعلى رقم خارج الصين.
وفي وقت لاحق، ظهرت نتائج فحوصات "كوفيد-19" إيجابية لأكثر من 700 راكب وطاقم على متن السفينة، منهم 331 بدون أعراض في ذلك الوقت.
وقدمت السفينة المحاصرة أيضاً أول فكرة عن مدى سوء تأثر السفن السياحية بشدة "كوفيد-19"، وكيف ستكافح شركات الرحلات البحرية لإخلاء الأشخاص من السفن الضخمة إلى موانئ مذعورة.
ومع بقاء سفينة "Diamond Princess" في حالة إغلاق، واصلت السفن السياحية الأخرى مساراتها إلى حد كبير كما هو مخطط لها. وكان العديد منها في الخدمة منذ شهور، في خضم أشهر الرحلات البحرية العالمية التي تجوب محيطات الأرض.
وتم تعديل بعض مسارات الرحلات البحرية لتجنب الموانئ الآسيوية.
13 مارس/ آذار 2020: سفن الفيروس
مع اقتراب شهر مارس/ آذار، كان من الواضح بشكل متزايد أن كارثة سفينة "Diamond Princess" لم تكن حادثة منعزلة.
وتحمل السفن السياحية آلاف الركاب والعاملين على مقربة شديدة، وتتوقف في الموانئ في جميع أنحاء العالم. تم بالفعل اعتبار أنظمة التهوية الداخلية الخاصة بها على أنها عوامل محتملة للعدوى. ويبدو أن السفن كانت عن غير قصد محفزات "كوفيد-19".
ومع بدء أجزاء من العالم في مكافحة فيروس كورونا، وإدخال عمليات إغلاق وحظر سفر على مستوى المنطقة ثم على مستوى الدول، تم تحديد السفن السياحية على أنها تسرع انتشار الفيروس.
وذكر تقرير صادر عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أنه بين 3 فبراير/شباط و 13 مارس/ آذار، تم ربط حوالي 200 حالة من حالات "كوفيد-19" في الولايات المتحدة بركاب الرحلات البحرية، بما في ذلك ركاب سفينة "Grand Princess"، حيث تأكدت إصابة 21 شخصاً بالفيروس، بينما رست السفينة في ولاية كاليفورنيا.
في وقت تقرير مراكز السيطرة على الأمراض لشهر مارس/ آذار، كان ركاب الرحلات البحرية يمثلون حوالي نسبة 17% من حالات "كوفيد-19" الأمريكية المبلغ عنها.
وفي 13 مارس/ آذار، اتخذت هيئة الرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية، والتي تمثل نسبة 95% من أسطول الرحلات البحرية العالمي، قراراً بتعليق العمليات من الموانئ الأمريكية لمدة 30 يوماً.
وبعد يوم واحد، أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض قراراً بعدم الإبحار لسفن الرحلات البحرية في الولايات المتحدة.
لذلك بدأ التدافع العالمي على الملاذ الآمن، كان على السفن المنتشرة عبر محيطات العالم اتخاذ قرارات سريعة حول أفضل السبل لإيصال الركاب وأفراد الطاقم إلى الأرض بأمان.
27 مارس/ آذار 2020: التدافع من أجل الأمان
مع تزايد الشكوك في السفن السياحية من قبل العديد من الموانئ، تم حبس العديد من السفن في عملية بحث يائسة بشكل متزايد عن مكان ما حتى ترسو.
وكانت سفينة "Norwegian Jewel"، التي يبلغ وزنها 92 ألف طن من خطوط الرحلات البحرية النرويجية القادرة على نقل أكثر من 2،300 راكب، من بين أولئك الذين تقطعت بهم السبل في البحر.
وبعد إبعادها من قبل بولينيزيا الفرنسية، وفيجي، ونيوزيلندا، اختارت السفينة في النهاية رحلة طويلة إلى هاواي.
وعلى متن السفينة، أصبح جاي مارتينيز، البالغ من العمر 20 عاماً، مسؤولاً عن الضيوف الذين كافحوا من أجل الوصول إلى أحبائهم على الأرض.
وقد حاول مارتينيز أن يظل إيجابياً، ويتواصل مع الركاب من جميع أنحاء العالم، ويتبادل التحديثات من بلدانهم الأصلية المختلفة.
وقال مارتينيز لـCNN إنه كان فخوراً بـ"المجتمع الصغير" الذي أنشأوه على متن السفينة وقد شعر أنه أظهر كيف يمكن للدول أن تتحد في مواجهة الجائحة، ومع ذلك، فقد شعر بشدة أيضًا بـ "الغموض والمجهول لما سيكون مصيرنا".
22 أبريل/ نيسان 2020: الرحلات النهائية
وبحلول أوائل أبريل/ نيسان، تمكنت معظم السفن السياحية الكبرى من الوصول إلى اليابسة. ولكن بعض السفن كانت لا تزال في المحيطات، تتجه بعزم نحو موانئها النهائية.
ولم ترسو آخر ثلاث سفن سياحية كبرى تحمل الضيوف في الميناء حتى يوم 20 أبريل / نيسان.
وفي مرسيليا، فرنسا، أخلت سفينة "MSC Magnifica" من الركاب البالغ عددهم 1،769 راكباً، منهية بذلك رحلة عالمية بدأت في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وفي اليوم ذاته، بتاريخ 20 أبريل/ نيسان، وصلت سفينة "Pacific Princess" السياحية إلى لوس أنجلوس، وبينما عاد معظم ركابها إلى ديارهم بعد نزولهم في أستراليا في مارس / آذار، ظل 119 راكباً على متنها لأسباب طبية حتى وصلت السفينة إلى الولايات المتحدة.
وفي 22 أبريل/ نيسان، عادت سفينة "Costa Deliziosa" التي غادرت البندقية في رحلة بحرية حول العالم طوال طريق العودة في 5 يناير/ كانون الأول إلى الوطن مع 1،519 راكباً.
وسط عدد كبير من أخبار الرحلات البحرية السيئة، تم الترحيب بحقيقة عدم الإبلاغ عن حالات "كوفيد-19" على متن كل من "Deliziosa" أو Magnifica أو "Pacific Princess".
5 مايو/ آيار 2020: الضحايا المنسيون
بحلول شهر مايو/ آيار، مع عودة معظم ركاب الرحلات البحرية إلى المنزل، تحول التركيز.
وخلال معظم الأزمة، كان طاقم السفن السياحية صامتاً إلى حد كبير، ومنعوا من التحدث علانية بموجب عقودهم.
ولكن بعد مرور أشهر على انتشار الجائحة، على الرغم من عودة الركاب بأمان إلى أوطانهم، ظل العديد من العمال محاصرين على متن السفن، وغالباً بدون أجر.
وفي 5 مايو/ آيار، كان هناك أكثر من 57،000 من أفراد الطاقم على متن 74 سفينة في الموانئ الأمريكية، وجزر الباهاما، ومنطقة البحر الكاريبي، وفقاً لخفر السواحل الأمريكي. وعلق مئات آخرون على السفن في أماكن أخرى عبر محيطات العالم.
8 يونيو/ حزيران 2020: آخر سفينة في البحر
بينما كانت "Deliziosa" آخر سفينة تنزل عشرات الركاب، كان هناك سفينة أخرى تحمل ركاباً لا تزال في البحر.
وفي 8 يونيو/ حزيران الماضي، أنهت سفينة الرحلات البحرية "MV Artania" رحلتها المحيطية، حيث نقلت 8 ركاب إلى عالم تغير بشكل كبير عن العالم الذي تركوه في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2019.
وكان فيروس كورونا قد لحق سفينة "Artania" مرة أخرى في مارس/آذار، حيث ثبتت إصابة 36 راكباً بالفيروس بعد فحص من مسؤولي الصحة عند وصول السفينة إلى فريمانتل، غرب أستراليا.
وتوفي 3 ممن كانوا على متن السفينة، وتم وضع ضيوف سفينة "Artania" الأصحاء في الحجر الصحي، ونزل غالبية الركاب ثم عادوا إلى منازلهم في نهاية مارس/آذار. ولكن 8 ركاب قرروا العودة إلى ألمانيا عبر المحيط، الذين منحوا فرصة أن يصبحوا آخر ركاب سفينة سياحية في البحر.
23 يونيو/ حزيران 2020: ظهور "سفن الأشباح"
بحلول نهاية يونيو/ حزيران، توقفت الرحلات البحرية وكان أسطول الرحلات البحرية في العالم موقوفاً إلى حد كبير في الموانئ في جميع أنحاء العالم.
وفي المملكة المتحدة، كانت السفن المنتشرة على طول الساحل الجنوبي الغربي لإنجلترا تطارد الأفق، مع وجود طاقم هيكلي فقط على متنها، لتصبح نقطة جذب سياحي غير محتملة
16 أغسطس/آب 2020: العودة
ومع تخفيف قيود السفر الأوروبية ورفع الإغلاق في ضوء عدد أقل من حالات "كوفيد-19"، استأنفت بعض شركات الرحلات البحرية الأوروبية مبدئياً رحلاتها.
وفي 16 أغسطس/آب، غادرت سفينة "MSC Grandiosa" ميناء جنوة بإيطاليا في رحلة بحرية عبر البحر الأبيض المتوسط لمدة 7 أيام باتباع إجراءات "كوفيد-19"، أي التباعد الاجتماعي، وتعقيم اليدين، وفحص درجات الحرارة.
وكان هناك حوالي 3000 راكب إيطالي على متنها، حيث عملت السفينة بحوالي نسبة 60% من سعتها البالغة في الأصل 6300 راكب.
17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: عودة "كوفيد-19" للكاريبي
بينما تم استئناف الرحلات البحرية بعناية في أوروبا، ظلت البحار حول الولايات المتحدة خالية من رواد الرحلات البحرية.
وفي الخريف، تم الإعلان عن لوائح جديدة لعودة الإبحار إلى المياه الأمريكية، كما تم رفع حظر مراكز السيطرة على الأمراض على الإبحار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول.
وأيد إطار طلب الإبحار المشروط لسفن الرحلات البحرية إجراء ارتداء الكمامات العالمي، ومسافة التباعد الجسدي، وفحوصات "كوفيد-19".
كما تم إخبار شركات الرحلات البحرية أنه يجب عليها تشغيل "رحلات محاكاة" مصممة "لتكرار ظروف الإبحار في العالم الحقيقي" إذا أرادوا الحصول على إذن لإعادة تشغيل عملياتهم.
ولكن في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدا أن الآمال في إنقاذ موسم 2020 لصناعة الرحلات البحرية في الولايات المتحدة قد تراجعت أكثر بعدما ثبتت إصابة 7 ركاب بفيروس "كوفيد-19" على متن السفينة السياحية "SeaDream 1" التي تضم 112 راكباً، وهي أول سفينة تبحر في منطقة البحر الكاريبي منذ بداية الجائحة.
9 ديسمبر/ كانون الأول 2020: الرحلة البحرية إلى "لا مكان"
بحلول نهاية عام 2020، تبدد أي أمل في استئناف الإبحار في المستقبل القريب.
وفي أوروبا، كانت حالات الإصابة بفيروس "كوفيد-19" في ارتفاع، مما أثر على الرحلات البحرية في البحر الأبيض المتوسط التي بدت واعدة قبل أشهر.
وعادت الدول إلى عمليات الإغلاق الصارمة.
وتم إلغاء رحلات سفينتي "Costa" و"MSC" القادمة إلى البحر الأبيض المتوسط في ضوء الإغلاق الإيطالي الجديد المقرر أن يستمر حتى أوائل عام 2021.
وفي سنغافورة، اشترك مجلس السياحة في المدينة مع شركتي رحلات السفن البحرية "Genting" و"Royal Caribbean" لتنظيم سلسلة رحلات بحرية ممتعة إلى لا مكان.
وكانت الرحلات البحرية مخصصة فقط للسنغافوريين، الذين لم يتمكنوا من مغادرة المدينة منذ شهور.
ويحتاج المسافرون إلى إظهار فحوصات سلبية لـ"كوفيد-19" قبل الصعود إلى متن السفينة. وتم فرض إرتداء الكمامات، وكذلك التباعد الاجتماعي، وعملت السفن بنصف طاقة استيعابها الأصلية.
وبالنظر إلى 2021، يبدو أن لقاحات "كوفيد-19" هي المفتاح الوحيد الذي يمكن أن يعيد فتح صناعة الرحلات البحرية بأمان.
ويبقى أن نرى ما إذا كان قطاع السياحة الذي كان مزدهراً في يوم من الأيام سيستعيد البحار بثقة كما كان في السابق.