دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شعرت إيسينس غريفين بسعادة غامرة عندما بدأت العمل كمضيفة طيران في عام 2022.
وكانت غريفين في أوائل العشرينيات من عمرها، وتتملكها رغبة شديدة لرؤية العالم. وأدّت الأعوام التي قضتها في المنزل أثناء جائحة "كوفيد-19" إلى شعورها بحالة من الضيق الكبير وتوق للخروج من المنزل.
وقالت غريفين لـCNN: "أردت السفر حقًا.. وقلت لنفسي: يجب علي الخروج، والانطلاق لرؤية الأشياء في أقرب فرصة ممكنة".
وفي البداية، بدت وظيفة غريفين كمضيفة طيران في شركة طيران أمريكية بمثابة فرصة مثاليّة لتحقيق مبتغاها.
ولكنّها قرّرت الرجوع خطوة إلى الوراء بعد عملها لأكثر من عام بقليل.
وأضافت غريفين: "أنا آخذ استراحة الآن"، موضحة: "لقد أُصِبت بالإرهاق".
وليست غريفين وحدها، فقد يبدو العمل كمضيفة طيران بمثابة وظيفة الأحلام، ولكن أصبح مشهد الطيران يواجه تحديات مثل التأخيرات، وفقدان الأمتعة، ومشاكل التوظيف، والرّكاب المشاغبين بعد الجائحة.
أثر جائحة كورونا
وخلال جائحة كورونا، رأى الأمريكي، ريتش هندرسون، الذي عمل كمضيف طيران لعِقدٍ من الزمن، أنّ "الأمر بأكمله تغيّر، كما تأثرت البيئة والطاقة الموجودة في البيئة بأكملها".
وقال هندرسون لـCNN: "أُخبر الناس دائمًا أنّه خلال جائحة كورونا، أصبحت كل الأجزاء الممتعة من عمل المرء كمضيف طيران، مجرّدة من معناها"، معتبرًا أن "الأمر لم يتغير بعد، فلا يزال التوظيف، وتحديد المواعيد، وأيام العمل الطويلة تمثّل مشكلة، كما تُشكّل الحوادث الناجمة عن الركّاب المشاغبين مصدر قلق مستمر".
ولا تقتصر هذه القضايا على الولايات المتحدة فقط، وفقًا لما ذكرته مضيفة الطيران الهولندية، جوليانا أوليفيرا.
وأوضحت أوليفيرا لـCNN: "في بعض الأيام، نعمل لـ 12 أو 15 ساعة في اليوم. نحن متعبون للغاية".
وتابعت مضيفة الطيران الهولندية: "يُتوقع منّا أحيانًا المجيء إلى العمل في اليوم التالي مجددًا، وخوض يومٍ طويل آخر، مع التأخيرات وكل شيء".
وتجعل الأيام الطويلة التعامل مع الركاب المشاغبين أمرًا أكثر استنزافًا.
ويتذكر هندرسون يومًا عمل فيه لـ17 ساعة تقريبًا، واضطر الأمريكي في النهاية للتعامل مع راكب عدواني.
وقال هندرسون: "رمى أحد الركاب كوبًا علي، وأخبرني أنّني عديم القيمة، وأخبرني أنني لا أُجيد وظيفتي.. شعرت أنّه تم تجريدي من إنسانيتي بشدّة".
التأثير على الصحة العقلية
والنتيجة النهائية لهذه المشاكل هي "انخفاض الروح المعنوية"، على حد تعبير مضيفة الطيران الأمريكية، ناستاسيا لويس.
وأسّست لويس منظمة غير ربحية للصحة العقلية لمضيفي الطيران تُدعى "th|AIR|apy"، وهي تقدّم الدعم والمشورة لمن يعاني من تحديات الصحة العقلية.
وبدأت المنظمة غير الربحية كمجموعة دعم عبر موقع "فيسبوك" لمضيفي الطيران في عام 2018، وأطلقتها لويس في فترة "تدهورت خلالها صحتها العقلية".
وخلال جائحة "كوفيد-19"، زاد عدد المشاركين، وقالت لويس:"أدركت أنّ هناك حاجة لدعم الصحة العقلية في مجال الطيران".
والآن، يتضمن موقع منظمة "th|AIR|apy" عبر الإنترنت موارد، ومن بينها صندوق مساعدات في حالات الطوارئ، وخطًا مخصصًا للرسائل النصية مفتوح على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع.
وأضافت لويس: "أطلقنا خط الرسائل النصية في عام 2021"، وتابعت: "خلال الأشهر الستة الأولى، استلمنا أكثر من 10 آلاف رسالة نصية تم تبادلها بين المتطوعين ومستخدمي الخدمة".
وفي البداية، كان الخط الخاص للرسائل النصية مخصصًا للولايات المتحدة فقط، ولكن تقدم منظمة "th|AIR|apy" الآن خدمة دولية عبر منصة "واتساب".
ولاحظت لويس وفريقها مواضيع متكررة في الرسائل النصية شملت "عدم اليقين، وضعف الصناعة أمام العوامل الخارجية".
كما ظهر مصطلح "التوازن بين العمل والحياة" بانتظام، بالإضافة إلى "الركاب المشاغبين".
ورغم أن لويس وفريقها التطوعي لا يستطيعون تقديم حلول مباشرة لهذه المشاكل، إلا أن باستطاعتهم تقديم الدعم والتعاطف.
وقوة التعاطف، هو أمر لاحظه هندرسون أيضًا.
وفي وقت فراغه، يُدير الأمريكي حسابًا عبر موقع "إنستغرام" بعنوان "Two Guys on a Plane" مع زوجه، أندرو هندرسون، وهو مضيف طيران أيضًا.
وتزدخر صفحته بالنكات المتعلقة بواقع العمل كمضيف طيران، كما أنّها تسلط الضوء على بعض المشاكل الحقيقية، بما في ذلك الإرهاق، وتراجع الصحة العقلية.
وأصبح هندرسون يخضع للعلاج هذا العام، كما أنّه يتحدّث عن مشاعره أيضًا مع معالج نفسي.
وأكّد هندرسون: "أعتقد أن الأمر ساعدني على فهم أفكاري ومشاعري".
ما الحل؟
وأشار بعض مضيفي الطيران الذين تحدثوا لـCNN إلى أنّ زيادة الأجور قد تساعد في تحسين الوضع في ظل ساعات العمل الطويلة.
كما تدعو لويس إلى زيادة التفاهم بين الركاب والمسافرين، وذلك "لتعزيز أجواء أكثر تفاهمًا وتعاطفًا على متن هذه الرحلات الجوية".