دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد اختفاء طائر أبو منجل الأصلع الشمالي من أوروبا منذ أكثر من 300 عام، افترض البعض أنّ رسومات ريشه اللامع ومنقاره الطويل المقوَّس، التي تعود إلى القرن الـ16، كانت من صنع الخيال فحسب.
حظيت هذه الطيور، التي تواجدت في ثلاث قارات في الماضي، بالاحترام في العالم القديم لدرجة أنّه خُصص لها حرف هيروغليفي.
ولكن بحلول تسعينيات القرن الـ20، أصبح هذا النوع، الذي كان مزدهرًا، يُعتَبَر من أندر الطيور في العالم.
وانخفضت أعدادها في البرية إلى 59 زوجًا فقط (وكانت جميعها في المغرب) بسبب الصيد، وفقدان الموائل، واستخدام المبيدات الحشرية.
واليوم، أدت جهود الحفظ الدؤوبة في المغرب إلى زيادة أعداد الطيور إلى أكثر من 500 فرد، ما أدى إلى تغيير وضعها في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة من "مهددة بالانقراض بشدّة" إلى "مهددة بالانقراض" في عام 2018.
وبفضل برنامج إعادة التوطين يُعتَبَر الأول من نوعه، أصبحت طيور أبو منجل الأصلع الشمالي تهاجر إلى أوروبا لأول مرة منذ القرن الـ17، وتصل أعداد المجموعة المهاجرة التي تتم إدارتها إلى 270 طائر تقريبًا.
وعادةً ما تتواجد مستعمرات التكاثر لطيور أبو منجل الأصلع الشمالي في المنحدرات، والنتوءات الصخرية، وداخل القلاع والأنقاض في المناطق الحضرية. وهي تتغذى على الحشرات، والديدان، واليرقات، ولكنها تُجبر في كثير من الأحيان على أن تكون مرنة من ناحية الغذاء في موائلها التي تكون نائية غالبًا.
وكان من الممكن العثور على هذه الطيور في الشرق الأوسط أيضًا، في تركيا وسوريا تحديدًا، وكانت تُعرف بمسار هجرتها الشاسعة.
وكانت تعبر آلاف الأميال من وإلى إثيوبيا، وتطير عبر إريتريا، والسودان، والمملكة العربية السعودية، والأردن. ولكن تضاءلت أعدادها بشكلٍ كبير في القرن الـ20.
هناك مشاريع جارية لإعادة إدخال هذا النوع إلى أوروبا، بما في ذلك مشروع في منطقة أندلوسيا بإسبانيا بدأ في عام 2004. ويقوم مقدمو الرعاية البشريون بتربية الأفراخ المولودة في الأسر يدويًا، وذلك قبل إطلاقها تدريجيًا إلى البرية.
هناك جهد فريد آخر مستمر لتأسيس مجتمع مهاجر في النمسا وألمانيا، بقيادة عالم الأحياء النمساوي، يوهانس فريتز.
وفي عام 2003، بدأ فريتز، مع مجموعته المختصة بالبحث وصون البيئة " Waldrappteam"، في إعادة إدخال الطيور التي تعيش في الأسر إلى البرية، ولكنها لم تعرف مسار الهجرة بما أنّها ترعرعت في حدائق الحيوانات.
وابتكر فريتز فكرة مستوحاة من فيلم "Fly Away Home" من عام 1996، والذي قادت فيه مراهقة قطيعًا من الأوز المهاجر وهي على متن طائرة شراعية.
وعلّم فريتز مسار هجرة هذه الطيور بشكلٍ شخصي من خلال قيادة السرب وهو على متن طائرة خفيفة من ألمانيا إلى إيطاليا.
لم تعد معظم هذه الطيور في أوروبا بحاجة إلى توجيه البشر، ولكنها لا تزال تواجه تهديدات مختلفة.
وهي تتغذى بشكلٍ كبير على الحشرات، ويؤثر استخدام المبيدات الحشرية على إمداداتها الغذائية.
كما قتل الصيد الجائر 17% من جميع هذه الطيور التي هاجرت إلى أوروبا في عام 2023، ويؤثر تغير المناخ عليها أيضًا، ما يحتم ضرورة تغيير الفترات التي تهاجر فيها خلال السنة، ويزيد من التحديات على طول الطريق.