دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— تقع ملاعب كرة السلة التابعة لملعب "كينيدي تاون" في حي سكني غرب هونغ كونغ، وهي ليست مميزة بشكلٍ خاص.
ولكن بالنسبة للعديد من السياح الذين يزورون المدينة من البر الرئيسي للصين، تشكل الملاعب وجهة لا بدّ من زيارتها.
ولكنهم غير مهتمين بلعب كرة السلة، فهم يسعون لزيارة الملاعب لوقوعها على جانب منحدر جبلي يوفر إطلالات رائعة على أفق هونغ كونغ.
وفي الوقت ذاته، في سيؤول بكوريا الجنوبية، تتجمع الحشود الناطقة باللغة الصينية في سيونغسو دونغ، وهي منطقة معروفة بالمقاهي العصرية.
ولكن بدلاً من احتساء القهوة، يلتقط الزوار صورًا لجدار جذاب مطلي بمستطيلٍ أحمر.
ولا يجد هؤلاء المسافرون الصينيون هذه المواقع البعيدة بالصدفة، فالكثير منهم من متابعي منصة "شياوهونجشو" (الكتاب الأحمر الصغير)، وهي النسخة الصينية لـ "إنستغرام"، والتي أصبحت بمثابة كتاب مقدس للسفر.
قراءة "الكتاب الأحمر الصغير"
أثناء زيارة حديثة لملاعب كرة السلة في هونغ كونغ، أكّدت جياو لي لـCNN، وهي سائحة من بكين: "إن التطبيق (شياوهونجشو) شامل ويقدم الكثير ممّا لا تستطيع المنصات الأخرى تقديمه".
وتُعد الصين، التي تتمتع بـ 1.4 مليار مواطن، قوة رئيسية في سوق السفر.
ومع ذلك، إلا أنّ العديد من تطبيقات السفر وأدوات التوصية الحالية غير شاملة بالصينية.
وبالتالي، تمكن التطبيق من السيطرة على السوق، وتغيير الطريقة التي يسافر بها الأشخاص في آسيا وخارجها.
وحوّل مستخدمو التطبيق الأماكن غير المعروفة والتي لا يزورها السياح الغربيون كثيرًا إلى نقاط جذب للمسافرين الصينيين.
وكما في هونغ كونغ وسيؤول، فإن فرص التقاط الصور تشكل جزءًا كبيرًا من عامل الجاذبية.
وتبدو الصور رائعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يشجع الآخرين على الزيارة.
وفي بعض الأحيان، تحمل المواقع معاني أعمق، ففي اليابان مثلاً، يتدفق السياح الصينيون إلى تقاطع للقطارات في كاماكورا جنوب طوكيو، لأنّه يَظهر في مسلسل "أنيمي" يُدعى "سلام دانك" يتمحور حول كرة السلة، ويعشقه العديد من المعجبين الصينيين.
دفعة قوية
وقد يكون الاقتصاد الصيني الراكد من العوامل التي أثّرت سلبًا على رغبة الأشخاص للسفر في هذه الفترة.
ولكن حصلت الأرقام على دفعة قوية هذا الشهر مع توجه السياح الصينيون إلى الخارج لقضاء عطلة العيد الوطني الطويلة (المعروفة باسم الأسبوع الذهبي)، والتي بدأت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
وخاض المسافرون الصينيون 7.6 مليون رحلة داخل وخارج البلاد خلال العطلة، ومَثَّل ذلك زيادة قدرها 33.2% على أساسٍ سنوي، وفقًا لهيئة البث الرسمية للبلاد "CCTV".
ومن المرجح جدًا أنّ العديد منهم استخدموا تطبيق " شياوهونجشو" للتخطيط للرحلات.
ومعظم مستخدميه من المواطنين الصينيين، الذين ينشرون المواد بلغتهم الأم غالبًا، لذا فإن ما يحدث على التطبيق يبقى فيه عادةً.
القصة وراء التطبيق
اسم التطبيق بمثابة إشارة ساخرة إلى الكتاب ذي الغلاف الأحمر المكون من اقتباسات من الأب المؤسس للصين الشيوعية، ماو تسي تونغ.
وتأسس تطبيق "شياوهونجشو"، الذي يقع مقره الرئيسي في شنغهاي، على يد الصديقين تشارلوين ماو وميراندا كو في عام 2013 كوسيلة لمشاركة مستخدمي الإنترنت الصينيين مقتطفات من حياتهم.
ومنذ ذلك الحين، أصبح التطبيق من أكثر المنصات شعبية في الصين مع تمتعه بـ 300 مليون مستخدم، بحسب شركة أبحاث وسائل التواصل الاجتماعي الصينية "Qian Gua".
ويبدو أنّ بعض الشركات في أوروبا بدأت تستفيد من هذه الصيحة، بما في ذلك شركة "Lobos"، التي تدير مطعمين في لندن.
وكتبت الشركة في أول منشور لها باللغة الصينية في أغسطس/آب: "Lobos موجودة رسميًا على شياوهونجشو!".
وقال أحد مدراء المطاعم، جويل بلاسيرز، لـ CNN إنّ التطبيق سمح لهم "ببناء علاقات مباشرة مع المجتمع الصيني، وتوسيع نطاق وصولنا وتعزيز حضور المطعم" وسط مجموعة من التحديات التي تبعت جائحة كورونا.
ولكن ليس الجميع سعداء بالاهتمام المتزايد الذي يمكن أن يجلبه "شياوهونجشو".
وفي هونغ كونغ، تجمع حشد بالقرب من مقهى مقابل ملاعب كرة السلة الشهيرة الآن.
ولكن الرصيف ضيق للغاية لدرجة أنّ الحشود أصبحت تشكل عقبة أمام كبار السن المحليين الذين يمرون في المكان.
ويتدفق بعض السياح إلى الطريق المزدحم للحصول على زوايا أفضل للصور.
وقال أحد السكان، وهو هونغ البالغ من العمر 55 عامًا (رفض ذكر اسمه الأخير)، الذي يمر بالمكان ثلاث مرات يوميًا: "اشتكت العديد من ربات البيوت من ذلك، وهو أمر أدى إلى نشوب خلافات".
وأضاف: "الأمر خطير لأنّه قد يتسبب في وقوع حوادث بسبب مرور السيارات".
ولديه توصية واحدة ليست موجّهة للتطبيق، بل للسلطات في حيّه، وهي: "ضعوا لافتة (تحذيرية لحركة المرور) على الأقل".