دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- استغلّت قرية في جزيرة سردينيا الإيطالية فرصة محتملة لإقناع الأمريكيين غير الراضين بنتائج الإنتخابات الأمريكية بالانتقال إليها، وذلك بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا لأمريكا.
ومثل العديد من القرى والبلدات الأخرى في الريف الإيطالي، كانت بلدة أولولاي تحاول منذ فترة طويلة جذب الأجانب بالانتقال إليها بهدف إحياء ثرواتها بعد عقود من انخفاض عدد سكانها. وكانت تبيع المنازل المتداعية بأقل من يورو واحد، أي أكثر بقليل من دولار واحد.
والآن، بعد إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية، أطلقت القرية موقعا إلكترونياً يستهدف المغتربين الأمريكيين المحتملين، حيث تقدّم لهم المزيد من المنازل الرخيصة على أمل أن يسارع أولئك الذين انزعجوا من نتيجة الانتخابات إلى شراء أحد العقارات الشاغرة.
وينص الإعلان على الموقع الإلكتروني: "هل سئمت من السياسة العالمية؟ هل تتطلع إلى تبنّي أسلوب حياة أكثر توازناً مع تأمين فرص جديدة؟ حان الوقت للبدء في بناء ملاذك الأوروبي في جنة سردينيا المذهلة".
وشرح عمدة البلدة فرانشيسكو كولومبو لـCNN أن الموقع الإلكتروني أُنشئ خصيصاً لجذب الناخبين الأمريكيين في أعقاب الانتخابات الرئاسية. لافتًا إلى أنه يحب الولايات المتحدة، وعلى قناعة بأن الأمريكيين هم أفضل فئة للمساعدة في إحياء مجتمعه.
وقال: "نحن نريد الأمريكيين حقاً، وسنركّز على استقطابهم قبل أي أحد. لا يمكننا بالطبع منع الأشخاص من بلدان أخرى من التقدّم، ولكن الأمريكيين سيحظون بإجراءات سريعة. ونحن نراهن عليهم لمساعدتنا في إحياء البلدة، فهم بمثابة ورقتنا الرابحة".
"معاملة تفضيلية"
وتقدّم أولولاي ثلاثة مستويات من أماكن الإقامة، وهي منازل مؤقتة مجانية لبعض البدو الرقميين، ومنازل بقيمة يورو واحد تحتاج إلى تجديد، ومنازل جاهزة للسكن بأسعار تصل إلى 100 ألف يورو، أي ما يعادل 105 ألف دولار، حسبما ذكره كولومبو.
وأشار عمدة أولولاي إلى أنه شكّل فريقًا خاصًا لتوجيه المشترين المهتمين خلال كل خطوة من خطوات الشراء، وتنظيم جولات خاصة مصممة خصيصًا للمساكن المتاحة، والعثور على المقاولين والبنائين، والتنقل بين المستندات المطلوبة.
ولفت إلى أنه سيتم قريبًا تحميل الصور والخطط الخاصة بالعقارات الفارغة المتاحة على الموقع الإلكتروني.
في القرن الماضي، تقلّص عدد سكان أولولاي من 2،250 إلى 1،300 مع ولادة عدد أقل من الأطفال كل عام. وقد غادرت العديد من العائلات البلدة خلال الفترة الاقتصادية الصعبة، بحثًا عن عمل وحياة أفضل.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، انخفض عدد السكان إلى 1،150 نسمة.
ورغم أن البلدة قد تكون يائسة في استقطاب الوافدين الجدد في محاولة لوقف نزوح السكان، إلا أن عرض "المعاملة التفضيلية" للأمريكيين، كما يصفها كولومبو، قد يبدو مثيرا للجدل نوعا ما.
ولا يذكر الموقع الإلكتروني أن حيازة جواز سفر أمريكي شرط أساسي، لكن العمدة أكدّ أن المواطنين الأمريكيين سيحظون بالتفضيل على المتقدمين المحتملين من جنسيات أخرى.
وقال كولومبو: "بالطبع، لا يمكننا أن نذكر على وجه التحديد اسم الرئيس الأمريكي الذي انتُخب للتو، لكن جميعنا يعلم من هو الشخص الذي يريد العديد من الأمريكيين الابتعاد عنه الآن، ومغادرة البلاد"، مضيفًا: "أنشأنا هذا الموقع الإلكتروني خصيصًا لتلبية احتياجات إعادة التوطين بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. وكانت النسخة الأولى من مخططنا المعنية بالبدو الرقميين، والتي أطلقناها العام الماضي، مخصصة للأمريكيين".
وأشار العمدة إلى أن الموقع الإلكتروني قد وصله مؤخرًا 38 ألف طلب للحصول على معلومات حول المنازل، غالبيتها من الولايات المتحدة.
وأوضح كولومبو: "كنا نتطلع حقًا إلى إنشاء منصة تلبّي احتياجات المواطنين الأمريكيين، وتجميع مشاريعنا المختلفة معًا".
جنّة نائية
وقد حاولت أولولاي سابقا جذب السكان الجدد بخطط إسكان جذابة.
في عام 2018، بدأ مقر البلدية في بيع المنازل الفارغة المتهالكة مقابل يورو واحد. ثم انتقل إلى تأجير مساحات عمل فارغة مقابل يورو رمزي.
وأخيرًا، بدءًا من العام الماضي، أطلقت البلدية برنامج "العمل في أولولاي" للبدو الرقميين. حتى الآن، تم استضافة أربعة أمريكيين في مساكن مجهزة بالكامل مقابل يورو رمزي. وفي المقابل، كان عليهم إنشاء عمل للمجتمع، مثل عمل فني أو تأليف كتاب.
لكن خطط الإحياء لم تكن تسير على النحو الذي كانت السلطات المحلية تأمله. ومنذ عام 2018، بيعت 10 منازل فقط مقابل يورو واحد، وخضعت للتجديد.
وقال كولومبو: "لا تزال البلدة شبه فارغة، ولا يزال لدينا حوالي 100 منزل رخيص غير مأهول للبيع، وجاهز للسكن. لقد قمنا بإدراج هذه المنازل ضمن قائمة، وسوف تكون الصور متاحة على الإنترنت قريبًا حتى يتمكن المشترون من إلقاء نظرة عليها".
وتقع غالبية المباني في المركز التاريخي، وتأتي بأحجام مختلفة، وهي مساكن قديمة خلابة للمزارعين والرعاة مبنية من صخور الجرانيت المحلية. حتى أن بعض العقارات الجاهزة للسكن مجهزة بوسائل الراحة الحديثة.
لا توجد متطلبات ديموغرافية للمتقدمين من الولايات المتحدة؛ ويمكن أن يكون هؤلاء أشخاصًا من جميع الأعمار، أو متقاعدين، أو يعملون عن بعد، أو رواد أعمال يرغبون في فتح شركة صغيرة في البلدة.
وتقع أولولاي بعيدًا عن المسار المطروق، في منطقة جبلية برية، وترتفع على رقعة نقية من الأرض حيث يتم اتباع تقاليد الزراعة القديمة. وتتميز بهواء نقي خالٍ من التلوث، وقليل من الحشود ومناظر رائعة. وتُعتبر مثالية لأولئك الذين يريدون الانفصال عن العالم الخارجي وعيش حياة أبسط.