تحليل لـCNN: ما الذي حصل عليه بوتين من زيارته "النادرة" إلى كوريا الشمالية؟

العالم
نشر
5 دقائق قراءة

تحليل من إعداد كلير سيباستيان من شبكة CNN

(CNN)--  كانت الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية منذ ما يقرب من ربع قرن محل تدقيق مكثف في جميع أنحاء العالم، وروسيا عرفت أن الغرب كان يراقب الزيارة.

وكان بوتين تم استبعاده، في الآونة الأخيرة، من العديد من التجمعات العالمية، وهو يواجه خطر الاعتقال في معظم أنحاء العالم بفضل مذكرة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بشأن غزوه لأوكرانيا.

لكن الأربعاء، قوبل الرئيس الروسي المعزول بشكل متزايد بترحيب حار في بيونغ يانغ، ولوح الأطفال بالأعلام الروسية بينما كانت صورة بوتين العملاقة تزين أحد جوانب ساحة كيم إيل سونغ، بينما أظهرت لقطات بثتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية ملصقات لزعيم الكرملين تصطف في الشوارع.

كان كل ذلك بمثابة إشارة للعالم بأن بوتين ليس معزولاً فحسب، بل إنه لا يزال يحظى بتقدير كبير في بعض أنحاء العالم، وهنا، على النقيض من الصين، لا يستطيع أحد أن يتهمه بأنه الشريك الأصغر.

ولم يترك خطاب الزعيمين، ولا ما يسمى "اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي وقعاه، أي شك في أن الهدف الأسمى هو التحالف معا ضد ما وصفه بوتين بـ"السياسة الإمبريالية للولايات المتحدة".

ويبدو أن الاتفاقية تحتوي على بند مماثل للمادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي تنص، وفقا لبوتين، على "تقديم المساعدة المتبادلة في حالة العدوان على أحد أطراف هذه الاتفاقية".

ومضى بوتين في اتهام الغرب بانتهاك "مسؤولياته الدولية" من خلال تسليم طائرات إف-16 وأسلحة أخرى إلى أوكرانيا، مضيفًا أن روسيا "لا تستبعد تطوير التعاون العسكري الفني مع كوريا الديمقراطية وفقًا للاتفاقية".

وبعبارة أخرى، يعد الطرفان بتقديم المساعدة العسكرية لبعضهما البعض في وقت تتصاعد فيه المواجهات مع جيرانهما والغرب، وهذا يثير أسئلة كبيرة.

وإذا كان هذا اتفاقا دفاعيا جماعيا، فهل يمتد الردع النووي الروسي الآن إلى الردع النووي لكوريا الشمالية، والعكس صحيح؟ فهل سيشمل هذا "التعاون العسكري الفني" إجراء مناورات عسكرية مشتركة وتشكيل قوات مشتركة لحماية حدودهما؟ من يمكنه الانضمام إلى هذا الاتفاق في المستقبل؟ ولم يقدم بوتين ولا كيم أي تفاصيل محددة.

وقال الزميل المساعد في المعهد الكوري للتحليل الدفاعي جو بي يون: "بمعنى ما، فإن هذا يوضح ما قاموا ببنائه بالفعل في الأشهر والسنوات الأخيرة لكن بالتأكيد أود أن أقول إن هذا البند مثير للقلق للغاية لأنه في المرحلة الأولية، اعتمادا على كيفية سير الأمور، لو كنت مكانهم، لفسروا البند وفقًا لاحتياجاتهم".

وهناك مخاوف أكثر إلحاحاً من أن "التعاون العسكري الفني" قد يعني وصول المزيد من القذائف والصواريخ من المصانع الكورية الشمالية إلى الخطوط الأمامية للقتال في أوكرانيا.

وقد أنكرت كل من موسكو وبيونغ يانغ حدوث ذلك، ومع ذلك فإن روسيا، التي دعمت ذات يوم عقوبات الأمم المتحدة التي تمنع كوريا الشمالية من تصدير الأسلحة، اغتنمت هذه الفرصة لإدانة "العقوبات ذات الدوافع السياسية" مرة أخرى.

وفي مارس/ آذار الماضي، استخدمت روسيا وجودها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنهاء ولاية لجنة مراقبة انتهاكات العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.

ولم تفوت وسائل الإعلام الحكومية الروسية الفرصة لإزعاج الغرب، وجاء في العنوان الرئيسي للصحيفة اليومية "موسكوفسكي كومسوموليتس"، الثلاثاء: "الغرب يشعر بقلق بالغ إزاء زيارة بوتين لكوريا الشمالية".

وكذلك قال فلاديمير سولوفيوف ، مسؤول الدعاية في الكرملين، في برنامجه الحواري مساء الثلاثاء، ساخرا: "ما الفرق بالنسبة للأمريكيين إذا تحدثنا مع جارتنا كوريا الشمالية، لماذا تنزعجون إلى هذا الحد؟"، قبل أن يضيف: "نحن نعيش بالفعل في حرب عالمية ثالثة".

ربما يشير هذا التعليق إلى جزء آخر من استراتيجية موسكو: ربما أدركت روسيا الآن أن تهديدها باستخدام الأسلحة النووية لم يعد كافياً لمنع الغرب من زيادة مساعداته لأوكرانيا.

ويأتي اجتماع بوتين مع زعين كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وهذا الاتفاق في نفس الوقت الذي بدأت فيه الأسلحة الأمريكية التي طال انتظارها تتدفق إلى أوكرانيا، ويتم رفع بعض القيود على استخدامها لضرب روسيا.

وتحتاج روسيا أيضاً إلى الأسلحة لمواصلة استراتيجيتها المتمثلة في إنهاك وتدمير أوكرانيا حتى الاستسلام.

لذا، ففي حين قد لا يكون من مصلحة روسيا الاستراتيجية أن تقدم التمويل الصريح أو التكنولوجيا اللازمة لتوسيع الترسانة النووية لجارتها التي لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها والمجازفة بإغضاب الصين  فإنها ربما ترغب على الأقل في أن يصدق الغرب أنها على استعداد للقيام بذلك.