القاهرة، مصر (CNN)-- انعكس تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري نسبيا على أداء البورصة التي سجلت أعلى مستوى في تاريخها خلال جلستي الأحد والاثنين من الأسبوع الجاري، وعاودت الاستثمارات الأجنبية ضخ استثمارات مرة ثانية بقيم محدود بعد بيع متواصل دام 18 شهرا.
وقال خبير أسواق المال أحمد السيد إن المؤشر الرئيسي للبورصة حاول عدة مرات كسر المستوى التاريخي بين 18200-18400 نقطة خلال الفترة الماضية، ونجح مع مطلع هذا الأسبوع في تجاوز أعلى مستوى حققه في عام 2018 خلال جلسة الأحد، محققا مستوى تاريخي أعلى 18500 نقطة، واستمر في الصعود التاريخي للجلسة الثانية على التوالي، وصاحب ذلك تحسن كبير في معدلات التداول متجاوزة 2 مليار جنيه (64.7 مليون دولار) يوميا.
وحققت مؤشرات البورصة المصرية، صعودا كبيرا منذ بداية العام، حيث ارتفع المؤشر الرئيسي إيجي إكس 30 بنسبة 27.31% منذ بداية العام وحتى نهاية جلسة الاثنين، وقفز مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة إيجي إكس 70 بنسبة 34% خلال نفس الفترة، وزادت القيمة السوقية إلى 1.260 تريليون جنيه (40.8 مليار دولار).
وربط السيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، استمرار صعود البورصة إلى"مستويات تاريخية جديدة" خلال الفترة المقبلة، بـ"وجود محفزات سواء على مستوى الاقتصاد الكلي أبرزها تحريك جديد لسعر صرف الجنيه أمام الدولار وموافقة صندوق النقد الدولي على مراجعة جديدة لشروط القرض لمصر، وتحسن التصنيف الائتماني للبلاد أو على مستوى سوق المال أبرزها تقدم الدولة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وبيع الأصول مما ينعكس على زيادة الحصيلة الدولارية في البلاد، وكذلك زيادة السيولة في البورصة المصرية".
وأجل صندوق النقد الدولي مراجعته الأولى للقرض الذي وافق عليه لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، والتي كانت مقررة في مارس/ آذار الماضي، وتناقلت وسائل إعلام محلية عن عودة هذه المراجعة خلال شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، والتي قد تشهد الموافقة على الإجراءات وصرف شريحة جديدة من القرض.
وذكر أحمد السيد أن "بعض المؤسسات الأجنبية تواجه صعوبة في تحويل أرباحها للخارج بسبب أزمة نقص النقد الأجنبي مما يدفعها إلى إعادة ضخ أرباحها مرة ثانية في سوق المال"، مشددا على "ضرورة الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، لمنح الثقة للمستثمرين باستكمال الدولة خططها في زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، وزيادة حصيلة الدولة الدولارية".
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية عن قائمة بـ32 شركة حكومية تعمل في أنشطة اقتصادية متنوعة تعتزم بيعها لمستثمرين استراتيجيين أو طرحها بالبورصة، وذلك ضمن وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، التي تستهدف رفع نسبة استثمارات القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات الكلية من 30% إلى 65% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وفي سياق متصل، منح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إعفاءات ضريبية موسعة للمصانع بغرض جذب استثمارات صناعية، لزيادة الصادرات وخفض فاتورة الواردات، ضمن خطط الدولة للتغلب على أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد.
وحقق الاقتصاد المصري أداء جيدا خلال السنة المالية 2022/2023، إذ بلغ معدل النمو 4.2%، وانخفض العجز الكلي إلى 6%، وزاد الفائض الأولي للناتج المحلي ليصل إلى 164.3 مليار جنيه (5.3 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة المالية.
وقال عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية عماد قناوي إن "السيسي استجاب لمطالب المستثمرين وخبراء الاقتصاد خلال جلسات الحوار الوطني بضرورة منح حوافز للمشروعات الصناعية لتنمية هذا القطاع بشكل يحقق مستهدفات الدولة نحو زيادة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي لتوفير المزيد من فرص العمل، وفي الوقت نفسه خفض فاتورة الواردات وزيادة الصادرات المصرية".
وأضاف قناوي أن "منح الحوافز وتيسير إجراءات التراخيص وتأسيس الشركات سينعكس على زيادة الاستثمارات الصناعية في الفترة القريبة المقبلة، خاصة في ظل ما يتميز به السوق المصري من مزايا تنافسية تشجع على جذب استثمارات محلية وأجنبية".
وأصدر الرئيس المصري حزمة حوافز للمشروعات الصناعية تضمنت إعفائها من كل أنواع الضرائب حتى 5 سنوات بهدف تعميق الصناعة الوطنية، مع إمكانية مد الإعفاء لـ5 سنوات إضافية لعدد محدد من الصناعات، كما شملت الحوافز إمكانية استعادة نسبة من قيمة الأرض تصل إلى 50%، بشرط تنفيذ المشروع في نصف المدة المحددة له، علاوة على التوسع في منح الرخصة الذهبية لجميع المشروعات التي تستهدف تعميق التصنيع المحلي.
وأشاد عماد قناوي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، بربط منح الحوافز للمشروعات الصناعية بتحقيق مستهدفات تسهم في سرعة تنمية القطاع الصناعي، مثل منح الإعفاء الضريبي لصناعات استراتيجية تستهدف تعميق الصناعة الوطنية، واستعادة 50% من قيمة أرض الصناعية في حال تنفيذ المشروع في نصف المدة المحددة له وقال إن ذلك "يشجع الشركات المحلية والأجنبية كذلك على سرعة البدء في المشروع لتوفير قيمة الأرض بما ينعكس على الاقتصاد الوطني سريعا، ويحفز المصانع على زيادة الصادرات المصرية، وخفض فاتورة الواردة".
وصرفت مصر أكثر من 50 مليار جنيه (1.6 مليار دولار) دعم للشركات المصدرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، لتشجيع الشركات على التوسع في الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وفقا لبيانات وزارة المالية.
ويرى عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، ضرورة توفير النقد الأجنبي للشركات الصناعية لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج لزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع لتلبية احتياجات السوق المحلي بشكل ينعكس على استقرار الأسعار، وفي الوقت نفسه توفير الفائض من الإنتاج لزيادة الصادرات، مع استمرار توفير التمويل البنكي بفائدة ميسرة لتمويل توسعات الشركات خلال الفترة المقبلة.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع التضخم عالميا في خروج مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من مصر، وزيادة فاتورة استيرادها وكذلك تراجع معدلات تحويل المصريين بالخارج مما انعكس على تدفق النقد الأجنبي في البلاد.