مصر.. ما توقعات الخبراء بشأن القرارات الحكومية قبل مراجعة صندوق النقد؟

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
مصر.. ما توقعات الخبراء بشأن القرارات الحكومية قبل مراجعة صندوق النقد؟
صورة أرشيفية لشعار صندوق النقد الدولي Credit: OLIVIER DOULIERY/AFP via Getty Images

القاهرة، مصر (CNN) -- تواجه الحكومة المصرية تحديا صعبا في المضي قدما ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي قد يتضمن إجراءات جديدة بشأن سعر الصرف وبيع الأصول الحكومية، وفي الوقت نفسه، السيطرة على معدل التضخم، الذي مازال يرتفع لمستويات غير مسبوقة عبر مبادرة لخفض أسعار السلع الأساسية.

ويرى خبراء اقتصاد أن الحكومة قد تسرع وتيرة برنامج الطروحات، وتحقيق وفرة دولارية قبل المراجعة المرتقبة لصندوق النقد، مؤكدين أن مبادرة خفض أسعار السلع ستؤثر على الأسعار ولكن ليس بصورة فورية، دون أن تسيطر على التضخم.

وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا قالت إن "مصر حققت تقدما على عدد من الجبهات، بما في ذلك السياسة المالية، وتنفيذ استراتيجية طرح الشركات الحكومية، إلى جانب التعاون مع فريق الصندوق حول أفضل السبل لإدارة السياسات النقدية"، وأضافت أنه "من المحتمل تنفيذ المراجعة الاقتصادية بشأن القرض البالغ قيمته 3 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالي"، وفقا لبيان صادر عن البنك المركزي المصري.

ويرى خبير أسواق المال أحمد السيد أن "تسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية، واتخاذ سياسة واضحة بشأن مرونة سعر الصرف، وتعزيز إجراءات الحياد التنافسي هي أبرز القرارات المنتظر أن تتخذها الحكومة قبل مراجعة صندوق النقد الدولي"، مستبعدا أن تجرى المراجعة خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، مرجحا أن تتم خلال الربع الأول من العام المقبل، مستندا على التصريحات الأخيرة لمسؤولي الصندوق.

وتعتزم الحكومة بيع حصص مملوكة للدولة في 35 شركة ضمن برنامج "الطروحات الحكومية"، ونجحت في تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من البرنامج بإجمالي 5 مليارات دولار، وتعتزم تنفيذ الثالثة بعدد 6 شركات حكومية لجمع 5 مليارات دولار آخرين خلال الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري وحتى يونيو/ حزيران عام 2024، وفقا لقرير حكومي.

وأشار السيد، في تصريحات خاصة لـ CNNبالعربية، إلى ارتفاع أسعار معدل التضخم في مصر لمستوى قياسي، نتيجة نقص المعروض من السلع، ولذا لن يتجه البنك المركزي المصري لزيادة سعر الفائدة، وسيستمر في سياسته في التمهل بزيادة الفائدة، خاصة وأن كل زيادة في سعر الفائدة بنسبة 1% يكلف الموازنة 70 مليار جنيه (2.3 مليار دولار)، كما استبعد أن تؤثر المبادرة الحكومية لخفض الأسعار بصورة سريعة على معدل التضخم.

وسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، معدلا شهريًا بلغ 2% في سبتمبر/ أيلول 2023 مقابل معدلا بلغ 1.5% في ذات الشهر من العام السابق ومعدلا شهريا بلغ 1.6% في أغسطس/ أيار 2023، كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 38.0% في سبتمبر 2023 مقابل 37.4% في أغسطس 2023، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وحول عودة ظاهرة "شطب الشركات من البورصة"، قال أحمد السيد إن "شطب الشركات من البورصة اختياريا يؤثر على الميزة التنافسية لسوق المال المصري وهي تنوع الأوراق المالية المدرجة، مما يتطلب ضرورة طرح شركات حكومية بالبورصة لتشجيع القطاع الخاص، هذا بجانب محفزات جديدة لتعود البورصة لممارسة دورها كسوق يساعد الشركات على توفير تمويل للتوسعات، وآلية لاستثمار مدخرات المواطنين".

وتقدمت 3 شركات للبورصة بطلب الشطب الاختياري وهم العز الدخيلة للصلب -الإسكندرية، ودلتا للإنشاء والتعمير، والبويات والصناعات الكيماوية - باكين، بعد موافقة الجمعيات العامة لهذه الشركات.

وقالت رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، آية زهير، إنه "يتعين على الحكومة أن تسارع في برنامج بيع أصول حكومية للقطاع الخاص، وتحقيق وفرة دولارية في السوق قبل مراجعة صندوق النقد الدولي المرتقبة، وذلك تمهيدا لاتخاذ أية قرارات بشأن سعر الصرف سواء تحريك سعر الجنيه أم ربطه بسلة من العملة الأجنبية"، متوقعة أن تستكمل هذه الإجراءات بزيادة سعر الفائدة بنسبة 2% خلال الشهور المتبقية من عام 2023.

وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ شهر مارس/ آذار من العام الماضي، نتيجة خروج الاستثمارات غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات في أعقاب زيادة أسعار الفائدة عالميًا، واندلاع الحرب الأوكرانية، وتحاول الحكومة حل هذه الأزمة بتقييد الاستيراد، وتعزيز مواردها من النقد الأجنبي عبر السياحة، والصادرات، وعوائد قناة السويس، والاستثمار الأجنبي، وتحويلات العاملين بالخارج.

وأضافت زهير، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "الحكومة المصرية تبنت مبادرة لخفض أسعار السلع الأساسية، في خطوة استباقية لمواجهة تأثير تداعيات قرارات الإصلاح الاقتصادي المرتقبة على الأسعار"، مبدية تفاؤلها بتجاوب القطاع الخاص مع المبادرة لخفض أسعار السلع، مما يسهم في عدم استمرار الزيادة المضطردة، ولكن في الوقت نفسه لن يؤدي لخفض معدل التضخم.

ويبدأ من السبت المقبل، تطبيق مبادرة الحكومة بتخفيض أسعار 7 سلع أساسية بنسب تتراوح بين 15 إلى 25% عبر زيادة المعروض من هذه السلع في الأسواق، والإفراج عن البضائع المتراكمة بالموانئ لتشجيع الشركات على زيادة الإنتاج في السوق المحلي.

وقال رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالجيزة، أسامة الشاهد، إن الغرفة اتفقت مع السلاسل التجارية بجانب منافذ وزارة التموين والمعارض لبيع 7 سلع أساسية وهم: السكر، وزيت الطعام، والأرز والفول، والعدس، والألبان، والجبن الأبيض، والمكرونة بسعر الجملة على أن يكون سعر كيلو السكر السائب 25 جنيها (0.81 دولار)، والمعبأ 27 جنيها (0.87 دولار) في المقابل يباع في السوق بسعر 40 جنيها (1.29 دولار) للكيلو، وذلك لتخفيف الأعباء عن المواطنين.

وأضاف الشاهد، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "الغرفة تعمل على عقد اجتماعات بين المصانع المنتجة للسلع الأساسية وسلاسل التوزيع لخفض أسعار السلع الموردة للمصانع على أن تباع للمواطنين بنسبة تخفيض مغرية"، مؤكدا أن "هناك إقبال من المصانع على المشاركة بمبادرة تخفيض الأسعار وضخ السلع بتخفيضات للمواطنين".