رأي.. بشار جرار يكتب عن الضربات الأمريكية ضد ميليشيات موالية لإيران: الردع والصدع من "داعش" إلى "ماعش"!

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

الاسم الأول هو لعصابة إرهابية تشكّل للقضاء عليها وعلى فلولها تحالف دولي سنة 2014من 86 شريكا بينهم دول ومنظمات دولية وإقليمية. أما الاسم الثاني "ماعش" فما هي إلا تسمية -غير رسمية- أطلقها مناهضو نظام ملالي طهران وأدواته في أربع ساحات عربية استباحتها إيران. استبدلوا -من هول ما شهدوه من ممارسات قبل وخلال وبعد "الربيع العربي"- دال داعش بميم فصارت "ماعشا" ! ماعش تكون بذلك الميليشيات المنضوية تحت ما سموه "محور المقاومة والممانعة". أرادوا به ربما الرد على تسمية الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الإبن، إيران والعراق وكوريا الشمالية بـ "محور الشر" بعد خمسة أشهر من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في خطاب حال الاتحاد أمام الكونغرس قبل عام من احتلال العراق. من المعلوم لدى كثير من النقّاد، أن إقحام بيونغ يانغ بالمحور كان رفعا للحرج عن اقتصاره على دولتين مسلمتين إحداها عربية- إيران والعراق.

ظلت القيادات الإيرانية الخاضعة لخميني وخامنئي، تزعق بهتافات الموت "لأمريكا ولإسرائيل" في ميادينها وتحت قبة "برلمانها"، قبل وبعد سلسلة من الأحداث التي ثبت أنها مفصلية: حرب الثمانية أعوام بين إيران خميني وعراق صدام 1980 - 1988 إسقاط نظام صدام في العراق 2003، إبرام الاتفاق النووي الإيراني في ولاية أوباما-بايدن 2015، وحتى صفقة تحرير الرهائن الأخيرة وثمنها ستة مليارات دولار هناك من يزعم في أمريكا ومن الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأن "لولاها لما اندلعت حرب السابع من أكتوبر" ولما قام تحالف "حارس الازدهار" ولا عملية "سهم بوسايدن" ولا حتى الحملة التدرّجية التي ستستمر أسابيع واقتصرت في موجتها الأولى ليلة السبت على أكثر من 85 هدفا إيرانيا في العراق وسورية واليمن، شمل للمرة الأولى صعدة أصل الحوثي ومقره قبليا وعسكريا وسياسيا

تبجّح نظام الملالي بأن الضربات لم توقع أي قتيل في صفوف "المستشارين" الإيرانيين الذين تمت تصفيتهم مع قادة من حزب الله وحماس بالجملة، فيما تبيّن أنه تدشين للمرحلة الرابعة في الحرب التي لا تريدها واشنطن ولا طهران ولا إسرائيل ولا أي قوة أطلسية أو إقليمية شرق أوسطية، لا تريدها حربا مفتوحة شاملة ولا مباشرة مع رأس ماعش!

سؤال المليون، هل تحقق الردع أم أن الصدع الذي هو أصلا من أدوات الردع الناعمة-الخشنة في آن واحد؟

واجهت الصحافة الأمريكية الأسبوع الماضي الرئيس جو بايدن بالسؤال عن عدم توقف هجمات الحوثيين فأجاب بأنه على علم بذلك، لكن الضربات الأمريكية لن تتوقف أيضا.. بدأ الخطاب الأمريكي بـ "دونت" لا تفعل، مخاطبا إيران وأدواتها خاصة حزب الله، بعدم الدخول على خط المواجهة الراهنة بين إسرائيل وحماس. لكن لم ينته بعد بـ "سنرى" عندما راهن بايدن قبل يومين على تحقيق الردع المطلوب بمجرد بدء الانتقام على مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة الذين حرص على استقبال جثامينهم مع عقيلته جيل بايدن في دوفر بولايته ديلاوير الجمعة مع أو قبيل انطلاق الموجة الأولى من حملات القصف التي استهدفت مراكز استخبارات وسيطرة وذخائر "ماعش" بما فيها المسيّرات والصواريخ

الصدع الذي تحقق -وقبل بدء هذه الحملة- هو في انهيار مقولة "وحدة الساحات". التنصل الإيراني بدأ من حماس، ومن ثم تنحية حزب الله ولجمه، ومن ثم إطلاق يد الحوثي، وبعض أصابع يديه في العراق وسوريا. ما معنى إعلان كتائب حزب الله العراقي بعد مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة "تعليق" استهداف القوات الأميركية رفعا للحرج عن الحكومة العراقية فيما تعلن "حركة النجباء" مواصلة "مقاومتها" أو لعلها مقاولتها لتلك العمليات التي ثبت بأنها عديمة الأثر في إسرائيل وبالغة الأثر في سيادة العراق التي انتهكتها إيران بصواريخ بالستية في اعتدائها الآثم الشهر الماضي على أربيل.

إن كان قوة الردع في الأساس عسكرية، فإن إمكانات الصدع لا يستهان بها فهي بمثابة هدم الهيكل على رؤوس دعاته!