مليون دولار إضافية لكل سفينة.. إليكم أثر أزمة البحر الأحمر بسبب تهديد الحوثي

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة

(CNN)-- تسببت الهجمات على سفن الحاويات في البحر الأحمر في إحداث خسائر كبيرة على أحد أهم طرق التجارة في العالم منذ أسابيع، وكانت شركة الشحن العملاقة ميرسك قد حذرت، الخميس، من أن التعطيل قد يستمر لمدة عام.

وكان المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران، قد كثفوا هجماتهم على السفن في أواخر نوفمبر ردًا على الحرب الإسرائيلية ضد حماس.

وأدى التأخير الناتج عن ذلك والتكاليف الإضافية لشركات الشحن إلى إثارة المخاوف من أن المستهلكين، الذين ما زالوا يعانون بعد فترة طويلة من التضخم المتفشي، قد يتعرضوا لزيادات جديدة في الأسعار.

وقال ريتشارد ميد، رئيس تحرير Lloyds List المتخصص في مجال الشحن، لشبكة CNN، إن هناك "نزوحاً جماعياً تقريباً" لسفن الحاويات الكبيرة من البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة. هذه السفن، التي تنقل كل شيء من الأحذية الرياضية إلى الهواتف المحمولة من الشركات المصنعة في آسيا إلى العملاء في أوروبا، تسلك طرقًا أطول لتجنب المنطقة.

ويشكل هذا النزوح أمرا كبيرة: فقناة السويس، التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، تمثل ما بين 10 إلى 15% من التجارة العالمية، والتي تشمل صادرات النفط، و30% من أحجام شحن الحاويات العالمية.

لكن قال المحللون لشبكة CNN بأن التأثير الإجمالي على تكاليف الشحن وسلاسل التوريد أقل حدة بكثير مما كان عليه في ذروة الوباء. ومع ذلك، تركت الأزمة الحالية بصماتها، مما دفع شركة تسلا إلى وقف بعض إنتاجها مؤقتًا بسبب التأخير في تسليم قطع غيار السيارات إلى ألمانيا، ودفع شركة الأثاث السويدية العملاقة "إيكيا" إلى التحذير من نقص محتمل في المنتجات.

أسابيع من التأخير

ويقدر بيتر ساند، كبير المحللين في Xeneta ، وهي شركة لبيانات الشحن البحري والجوي، أن حوالي 90٪ من سعة سفن الحاويات المعتادة التي تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس قد تم إعادة توجيهها حول الطرف الجنوبي من أفريقيا.

وقال إن حوالي ربع ناقلات البضائع، التي تنقل كميات كبيرة من البضائع الجافة مثل الحبوب أو الأسمنت، وربع الناقلات التي تحمل النفط أو الغاز الطبيعي، قامت بنفس التحويل حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا. يُضيف ذلك ما يصل إلى أسبوعين إلى الرحلة النموذجية من الشرق إلى الغرب لسفن الحاويات، و18 يومًا لناقلات البضائع الضخمة والناقلات الأبطأ.

وهناك بعض الأدلة على أن عملاء الشحن يختارون نقل بضائعهم جواً بدلاً من تصديرها بحراً، بسبب التعطيل، بحسب ساند.

وقال: "نرى شركات الأزياء وأولئك الذين يبيعون الملابس في أوروبا يقررون أن بعض خطوط ملابسهم ستنتقل جوًا، بدلًا من أن تنتقل بحرًا، وعندها تتحدث حقًا عن تصاعد التكاليف. هذا أغلى بـ 10 إلى 20 مرة."

وتُظهر البيانات الواردة من Xeneta ارتفاعًا طفيفًا في حجم الشحنات الجوية من فيتنام، مركز تصنيع الملابس، إلى شمال أوروبا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

مليون دولار إضافية لكل سفينة

أدت إضافة بضعة آلاف من الأميال الأخرى إلى طرق الشحن إلى زيادة تكاليف الوقود والتأمين، بالإضافة إلى رسوم الاستئجار وفواتير الأجور.

وتشير تقديرات ساند إلى أنها تكلف شركات النقل -شركات مثل ميرسك وهاباغ لويد- مليون دولار إضافية لكل سفينة للقيام برحلة الذهاب والإياب حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، مع أن الغالبية العظمى من هذا الرقم يرجع إلى ارتفاع تكاليف الوقود.

ونتيجة لذلك، قامت شركات النقل برفع أسعار الشحن التي تدفعها الشركات لنقل بضائعها على متن سفنها، كما فرضت رسومًا إضافية طارئة.

بلغت تكاليف الشحن العالمية للحاوية النموذجية التي يبلغ طولها 40 قدمًا 3786 دولارًا هذا الأسبوع، بزيادة 90٪ عن نفس الوقت من العام الماضي، وفقًا لـ "مؤشر دروري العالمي للحاويات."

وبالنسبة للحاوية ذات الحجم نفسه التي تسافر من شنغهاي في الصين إلى روتردام في هولندا، فقد قفزت تكلفتها بنسبة 158% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 4426 دولارًا.

ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية تبدو ضئيلة مقارنة بالأزمة التي سبقتها.

إن تكاليف شحن الحاويات العالمية أقل من نصف مستواها خلال جائحة فيروس كورونا، والتي بلغت ذروتها عند 10380 دولارًا في سبتمبر 2021.

هل سيرتفع التضخم من جديد؟

من المتوقع أن يقوم العديد من تجار التجزئة بتمرير تكاليف الشحن المرتفعة إلى المستهلكين، وفقًا لما ذكره ساند، خاصة أولئك الذين لديهم هوامش ربح أقل.

ومع ذلك، قال إن الشحن بالحاويات "فعال للغاية من حيث التكلفة" حيث يمكن تعبئة العديد من البضائع في حاوية شحن واحدة. على سبيل المثال، يمكن توزيع بضعة آلاف من الدولارات الإضافية لكل حاوية على مئات المنتجات، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر التجزئة لكل منتج بنسبة ضئيلة فقط.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يوم الاثنين، إنه إذا ظلت تكاليف الشحن مرتفعة، فإن تضخم أسعار المستهلكين في دولها البالغ عددها 38 دولة قد يرتفع بنسبة 0.4 نقطة مئوية بعد حوالي عام.

تعود هذه التوقعات المتفائلة غير المألوفة جزئيًا إلى النمو الهائل في حجم أسطول الشحن العالمي العام الماضي، وفقًا لماك آدم من "كابيتال إيكونوميكس"، وهو اتجاه يتوقع أن يستمر خلال العام 2024. وقال بأن شركات النقل، التي كانت غير قادرة على مواكبة الطلب أثناء الوباء، قد قدمت "طلبيات ضخمة" لشراء سفن جديدة.

لكن توقعات التضخم سوف تصبح قاتمة إذا امتدت الحرب بين إسرائيل وحماس إلى دول أخرى في المنطقة، مما يهدد إمدادات الطاقة العالمية، أو إذا بدأت أسعار النفط -التي لم تتحرك إلا بالكاد منذ كثف الحوثيون هجماتهم- في الارتفاع.

وأدى إنتاج النفط القياسي في دول من بينها الولايات المتحدة وكندا، بالإضافة إلى ضعف الطلب العالمي المتوقع، إلى إبقاء الأسعار تحت السيطرة.

لقد تجنب عدد أقل من ناقلات النفط البحر الأحمر من سفن الحاويات، التي يربطها المسلحون الحوثيون بشكل وثيق بالدول الغربية المتحالفة مع إسرائيل. لكن هذا قد يتغير.

لاحظ ميد من "قائمة لويدز" الأسبوع الماضي انخفاضًا بنسبة 40٪ في عدد ناقلات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب، الممر المائي الضيق المؤدي إلى البحر الأحمر من الجنوب، مقارنة بالأسبوع السابق.