دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- حوّلت استثمارات صفقة رأس الحكمة، الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي المصري، لتحقيق فائضًا للشهر الثالث على التوالي لتصل إلى 13.3 مليار دولار، مقسمة بين 10.46 مليار دولار لدى البنك المركزي، و2.799 مليار دولار لدى البنوك التجاري، وفق بيانات رسمية. وتوقع خبراء استمرار نمو صافي الأصول الأجنبية نتيجة زيادة تدفقات النقد للبلاد من مصادره الرئيسية خاصة الاستثمار الأجنبي غير المباشر.
وسجّلت مصر عجزًا في صافي الأصول الأجنبية في البنوك المحلية استمر 28 شهرًا متتاليًا، وصل إلى أعلى مستوياته في مطلع 2024. وقتها، بلغ 29 مليار دولار، قبل تحقيق فائض للمرة الأولى في مايو/أيار الماضي مُسجلًا 14.3 مليار دولار، بعد أيام من تلقي قيمة صفقة تطوير رأس الحكمة البالغة 24 مليار دولار، إضافة إلى تنازل الإمارات عن 11 مليار دولار قيمة ودائعها لدى البنك المركزي المصري.
وتعد الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي هي ما تمتلكه البنوك التجارية، شاملة البنك المركزي المصري، من ودائع ومدخرات بالعملة الأجنبية، وتكون قابلة للتسييل في الأوقات التي يحتاج فيها البنك إلى سيولة لسداد التزاماته.
وقال الخبير المصرفي، محمد عبد العال، إن مصر تلقت تدفقات من النقد الأجنبي تجاوزت 60 مليار دولار خلال الأشهرالخمس الماضية من عدة مصادر، أبرزها صفقة تطوير رأس الحكمة وتحويلات المصريين بالخارج وصرف الشريحة الثالثة من صندوق النقد الدولي، علاوة على مساعدات أوروبية وعربية.
وتم توجيه جزء من هذه التدفقات الدولارية لسداد التزامات مصر الدولية، مما انعكس على انخفاض الدين الخارجي لمصر من 163 مليار دولار إلى 158 مليار دولار، وتعزيز الاحتياطي النقدي، وخفض عجز الموازنة، وكذلك تحقيق فائض في الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي.
وخفضت مصر سعر صرف الجنيه أمام الدولار في 6 مارس/آذار الماضي، لاستكمال صرف برنامج القرض المقدم من صندوق النقد الدولي. ووصل سعر الدولار 48.49 جنيه للشراء، و48.63 جنيه للبيع، وفق أسعار صرف البنك المركزي، الأحد.
وأرجع عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، الفضل الأكبر في التدفقات الدولارية الواردة لمصر إلى صفقة رأس الحكمة وتحرير سعر الصرف، مستشهدًا بأنه عقب إتمام الصفقة ارتفعت تحويلات المصريين بالخارج، وعاودت الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة مرة ثانية، مع تنازل حائزي الدولار بالقنوات الرسمية، مما انعكس على نمو الاحتياطي لأعلى مستوياته على الإطلاق.
وسجل احتياطي النقد الأجنبي لمصر أعلى مستوياته على الإطلاق في يوليو/تموز الماضي ليبلغ 46.48 مليار دولار، بعد صعود دام 23 شهرًا على التوالي، فيما ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال مايو/أيار، وذلك للشهر الثالث على التوالي، بنسبة 73% لتصل إلى 2.7 مليار دولار-وفق بيانات البنك المركزي.
وأشار محمد عبد العال إلى تأثير نمو صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي على تعديل النظرة المستقبلية لأربعة بنوك محلية من مستقرة إلى إيجابية، ورفع تصنيفها الائتماني من قبل وكالة فيتش، وكذلك عودة استثمار الأجانب في أدوات الدين الحكومية، متوقعًا استمرار نمو صافي الأصول للبنوك نتيجة زيادة حيازات المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة الحكومية، التي تعد ضمن المصادر الأعلى عائدًا في العالم، فضلا عن نية البنك الفيدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة، مرجحًا وصول حجم الاستثمار الأجنبي غير المباشر إلى ما بين 40 إلى 50 مليار دولار مع نهاية العام.
وعدلت وكالة التصنيف الائتماني فيتش، نظرتها المستقبلية لبنوك الأهلي المصري، ومصر، والقاهرة، والتجاري الدولي من مستقرة إلى إيجابية.
من جانبه، أرجع الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة سابقًا، محمد بدرة، أسباب نمو صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي المصري إلى توقيع صفقة رأس الحكمة، وعودة تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر، وزيادة عوائد السياحة، متوقعًا استمرار نمو صافي الأصول للبنوك التجارية، خاصة وأن مصر تقدم سعر فائدة مرضي للمستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار بأدوات الدين الحكومية.
واستقبلت مصر أعلى معدل في أعداد السائحين خلال النصف الأول من العام الجاري قوامه 7.069 مليون سائح، وحققت إيرادات من السياحة بلغت 6.6 مليار دولار خلال الشهور الستة الأولى من هذا العام، وفق بيان رسمي.
ولفت بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى دور صفقة رأس الحكمة في فتح شهية المستثمرين، خاصة العرب للبحث عن فرص استثمارية في مصر بمختلف القطاعات الاقتصادية، مستشهدًا بدراسة كبار المستثمرين العرب فرصًا أخرى بالقطاعين العقاري والسياحي في مناطق الساحل الشمالي الغربي وجنوب سيناء. كما أشار إلى تحرير سعر صرف الجنيه في 6 مارس الماضي باعتبارها ساهم في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
وقال بدرة إن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي سجل عجزًا لأكثر من 20 شهرًا، ومع عودة تحسن تدفقات النقد الأجنبي للبلاد تحول هذا العجز إلى فائض في الأصول مما يمنح الثقة للمستثمرين في قدرة القطاع على الوفاء بالتزاماته، متوقعًا أن يستمر نمو صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي خلال الفترة المقبلة، لكنه ربط هذا التوقع بخفض البنك الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة حتى تعاود الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة مرة ثانية.