(CNN) – مثلما كانت لحظة إعلان حكم مباراة مانشستر سيتي وتوتنهام هوتسبرز نهاية المواجهة، حاسمة لجماهير السيتي وأرسنال في السباق نحو اللقب، كان هناك من ينتظرها بفارغ الصبر في مدينة برمنغهام، فكتيبة أستون فيلا بقيادة أوناي إيمري فجرت الاحتفالات الجنونية بعدها لأنها أذنت بضمان الفريق التأهل إلى دوري أبطال أوروبا بعد غياب 41 عاما.
وذلك لأن نهاية المباراة بخسارة توتنهام بهدفي النرويجي إيرلينغ هالاند أعلنت أن أستون فيلا حافظ على المركز الرابع بفارق النقاط الخمس عن توتنهام مع تبقي جولة واحدة على خط النهاية.
لم يكن يتوقع كثيرون مع بداية الموسم الحالي أن يحجز أبناء "الفيلا بارك" مقعدا في دوري الأبطال في النهاية على حساب ثلاثة أندية من "التوب 6" بقيمة مانشستر يونايتد الذي أنفق هذا الموسم 202 مليون باوند (255 مليون دولار تقريبا) وتوتنهام الذي صرف 272 مليون باوند (343 مليون دولار تقريبا) وتشيلسي الذي دفع 468 مليون باوند تقريبا (590 مليون دولار تقريبا).
أستون فيلا الذي صرف على التعاقدات هذا الموسم 111 مليون باوند (140 مليون دولار أمريكي) أثبت أن النجاح ليس بإنفاق الأموال فحسب بل بالتخطيط السليم والإدارة الصحيحة للموسم.
القيادة المصرية الأمريكية
هبط الفريق الذي يُعد من أقدم أندية إنجلترا بعد أن تأسس عام 1874، إلى دوري الدرجة الأولى في موسم 2015 -2016 للمرة الأولى في تاريخه الطويل، بعد أن كان من مؤسسي النسخة الجديدة للدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) عام 1992 ما دفع مالك النادي آنذاك، رجل الأعمال الأمريكي راندي ليرنر إلى بيع الفريق لنظيره الصيني توني شيا، بعد تعرضه لضغوط كبرى.
"الدكتور شيا" قام بشراء النادي مقابل 76 مليون باوند آنذاك، وتعاقد مع المدرب الفائز بلقب دوري أبطال أوروبا مع تشيلسي، روبيرتو دي ماتيو، في إطار سعيه للعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
ورغم الطموحات الكبيرة التي عُلقت على مشروع الإدارة الجديدة من قبل الجماهير، إلا أن شيا فشل بقيادة الفريق إلى دوري الأضواء مجددا رغم التعاقد مع 16 لاعبا في موسم 2016/2017 مقابل 77 مليون باوند.
وتم تعيين ستيف بروس مدربا للفريق بعد إقالة دي ماتيو لكن المستثمر بدأ يواجه مصاعب مالية، وفشل الفريق مجددا بالوصول إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة نهائي الملحق في موسم 2017/2018 أمام فولهام في المباراة الشهيرة بملعب ويمبلي.
ووسط حالة من الإحباط بسبب العجز بالعودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز والمصاعب المالية التي رافقت ذلك بالنسبة للمستثمر الصيني، وصل المنقذان، رجل الأعمال المصري ناصف ساويرس ونظيره الأمريكي ويز إيدينز، وقاما بشراء حصة بلغت 55% من أسهم الفريق، قبل أن يستحوذا على حصة المالك الصيني لاحقا في الموسم التالي.
وعالج الثنائي المشاكل المالية للفريق وقاما بتعيين دين سميث مدربا للفريق خلفا لستيف بروس، لينجح الفيلا بالوصول إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد موسم 2018/2019.
العودة
وبعد العودة إلى دوري الأضواء، نجا الفريق بأعجوبة من الهبوط في موسمه الأول إذ احتل المركز الـ17 وانتظر حتى الجولة الأخيرة في الموسم ليضمن البقاء على حساب منافسه المباشر آنذاك، بورنموث وبفارق نقطة وحيدة فقط.
رغم المصاعب في الموسم الأول، جددت الإدارة الثقة بسميث ليتحسن مستوى الفريق في الموسم التالي ويحصد المركز الـ11 في الدوري الإنجليزي.
ولكن مع بداية موسم 2021-2022 تمت إقالة سميث بعد بداية متعثرة، ووقع الاختيار على أسطورة ليفربول السابق، ستيفن جيرارد لتولي الإدارة الفنية للفريق، وأنهى جيرارد الموسم في المركز الـ14.
حقبة إيمري
عانى أستون فيلا بشكل كبير مع بداية موسم 2022/2023 ما أدى إلى إقالة جيرارد من تدريب الفريق وتعيين المدرب الإسباني لنادي فياريال، خلفا له في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022.
نجح إيمري بإعادة الفريق إلى المسابقات الأوروبية بموسمه الأول بعد أن احتل المركز السابع في الدوري ليتأهل أستون فيلا إلى مسابقة دوري المؤتمرات الأوروبية.
ومع بداية الموسم الجاري، لم يُعلق كثيرون الآمال على أستون فيلا، رغم تعاقد الفريق مع لاعبين مميزين مثل نجم ليفركوزن موسى ديابي وقلب دفاع فياريال باو توريس ووسط ليستر يوري تيليمانس والظهير الإيطالي نيكولو زانيولو.
وزادت الشكوك بشكل كبير بعد الهزيمة الثقيلة التي تلقاها الفريق في بداية الموسم بخماسية مقابل هدف وحيد أمام نيوكاسل يونايتد، لكن الانتصارات التي تبعت تلك الهزيمة غيرت آراء الكثيرين وزاد إيمان الجماهير بقدرة الفريق على تحقيق شيء ما هذا الموسم.
ورغم النتائج المذهلة واقتراب الفريق بشكل كبير من صدارة الدوري، إلا أن المباراتين اللتين أكدتا أن "الفيلانز" سيصنعون مفاجأة كبرى هذا الموسم، كانتا أمام مانشستر سيتي وأرسنال، إذ نجح أستون فيلا بالفوز على حامل اللقب وعلى الوصيف تواليا بهدف نظيف في كلتا المواجهتين.
ومع اقتراب أسابيع الحسم لم يتراجع أستون فيلا عن حلمه الكبير بالوصول إلى دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ موسم 1982/1983 وقد نجح بتحقيق ذلك بالفعل بشكل رسمي الثلاثاء.
وقال إيمري بعد ضمان التأهل: "لقد حاولنا أن نرفع سقف الطموحات وقد نحلم بتكرار الفوز بدوري أبطال أوروبا مثلما فعل أستون فيلا عام 1982".
الحنين إلى الماضي
سيشارك أستون فيلا في النسخة المقبلة من دوري أبطال أوروبا، ورغم صعوبة المهمة إلا أن جماهيره بدأت تحلم بالفعل بتكرار إنجاز عام 1982 حين نجح الفريق بأن يُصبح رابع ناد إنجليزي يُحقق "ذات الأذنين" بعد اليونايتد وليفربول ونوتنغهام فوريست.
تاريخ هذا النادي الكبير الذي يحمل بجعبته 7 ألقاب دوري ولقب دوري أبطال أوروبا ولقب السوبر الأوروبي ولقب كأس الاتحاد الإنجليزي 7 مرات وكأس الرابطة 5 مرات، سيدفعه نحو المزيد من الإنجازات متسلحا بقوة الحاضر والرؤية الواضحة للمستقبل.