دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تهيمن الطّقوس والتّقاليد على مصارعة السومو التي لم تتغيّر تقريبًا منذ أن أصبحت رياضة محترفة في اليابان في أوائل القرن الـ17.
وعند توثيق المصوّر البريطاني ديفيد شراباني الأجواء داخل "بيا" بطوكيو، وهي مجموعة من الاسطبلات حيث ينام المصارعون، ويأكلون، ويتدرّبون، اكتشف أنّه أيضًا عالمٌ مُحاط بالسّريّة.
وقال شراباني: "إنهم يأخذون تدريبهم على محمل الجد"، ثم أضاف: "لذلك عند مجيئي، كان يتم رفضي في الكثير من الأحيان".
ولكن عند السّماح بالدّخول أحيانًا، قال المصوّر: "خُصِّصت لي مساحة على الأرض، وطُلِب منّي عدم الحراك من تلك الوضعيّة، والالتزام بالهدوء الشّديد".
وأتت مثابرته بثمارها، إذ تُظهر الصّور الناتجة لمحة نادرة لقيام المصارعين بتمارين التمدّد، وتأديب مشرفيهم لهم في الاسطبلات المتمتّعة بنظامٍ هرمي.
وتُظهر صور أخرى من وراء الكواليس لحظات أكثر هدوءًا: مثل دهن الزيت على شعر مصارع، وربط شعر أحدهم، أو مشهد لخطٍ من مآزر الـ"مواشي" الثّقيلة التي يرتديها جميع مصارعي السومو وهي معلّقة حتّى تجف.
وتُجسّد الكدمات، والجروح، والخدوش طبيعة الرّياضة التي لا ترحم.
ويحتضن كتاب المصوّر البريطاني المنشور حديثًا، "سومو"، نحو 100 صورة.
وعلى عكس التصوير الرياضي التّقليدي، كان شراباني مهتمًا بالثّقافة المُحيطة بمصارعة السومو أكثر من اهتمامه بالمصارعة ذاتها.
وتجذب اللقطات المأخوذة في منتصف بطولة بحلبة "Kokugikan" بطوكيو، التي تضم 11 ألف مقعد، انتباه المُشاهد إلى الجمهور، والمكان بدلاً من المصارعات التي تحدث في الحلبة فقط.
وقال شراباني: "يلتقط المصوّر الرّياضي الحدث بشكلٍ أساسي.. لكن بالنّسبة لي، يتمحور الأمر أكثر بالتقاط جوهر الرّياضة".
التقاء التّقاليد بالحداثة
قواعد مصارعة السومو بسيطة، فيفوز المتسابق عند إجبار خصمه على الخروج من دائرة مغطّاة بالرمال تُدعى "دوهيو" تحدث فوقها المباريات.
وصادف شرباني هذه الرّياضة لأوّل مرّة عند بثّها لفترةٍ وجيزة على قناة تلفزيونيّة بريطانيّة كُبرى في أواخر الثمانينيّات.
وقال المصور، الذي عمل أيضًا على سلسلة تتمحور حول رياضة قتاليّة أخرى تُدعى "مواي تاي": "لقد انبهرت حقًا بالغموض الذي يكتنف الأزياء، والعادات".
ويحظّر على المصارعين ارتداء الملابس الحديثة.
ولذلك تُظهر بعض صور شراباني الأكثر لفتًا للأنظار المصارعين وهم يمارسون نشاطاتهم اليوميّة، مثل زيارة المتاجر، أو طلب الطعام من مطعم "ماكدونالدز"،
أثناء ارتداء الـ"كيمونو"، أو المئزر.
ويُجسّد التناقض البصري بين الحداثة والتّقاليد دور مصارعة السومو في اليابان اليوم.
التراجع والانتعاش
تضاءلت شعبيّة مصارعة السومو في العصر الحديث، وهو انخفاض يعكس الاهتمام المتزايد بالبيسبول، وكرة القدم، من بين أمور أخرى.
ولكنّها خضعت للانتعاش في الأعوام الأخيرة.
وحاليًا، يعتبر واحد من كل 5 يابانيين مصارعة السومو بأنها رياضتهم الاحترافيّة المفضّلة وفقًا لمسحٍ سنوي أجرته شركة البيانات اليابانيّة Central Research Services.
ويُشكّل ذلك ارتفاعًا بنحو 15% عن عام 2011.
ويعزو شراباني ذلك إلى حملات العلاقات العامة الفعّالة، و"المقاومة المتزايدة لأنماط حياة ما بعد الحداثة"، بحسب ما كتبه في مقدّمة كتابه.