تحليل لـCNN: العقوبات على النفط الروسي قربت بين بوتين ومودي.. والآن سيتعاونان نوويا

العالم
نشر
7 دقائق قراءة

تحليل لأنجيلا ديوان، محررة شؤون المناخ في شبكة CNN

(CNN) -- يظهر مشهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو يقود شخصيا سيارة كهربائية صغيرة في مقر إقامته مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي   مدى الصداقة التي أصبح عليها الزعيمان.

وتعد زيارة مودي المثيرة للجدل إلى موسكو- والتي تزامنت مع إطلاق روسيا الصواريخ على مستشفى للأطفال في أوكرانيا- علامة على أن العقوبات التي فرضها الغرب ومحاولات عزل بوتين بسبب حربه كانت ذات تأثير محدود.

لكن اختيار سيارة كهربائية للتنقل في روسيا الغنية بالنفط له دلالات أخرى أيضا: فالعلاقة بين مودي وبوتين، والتي تعززت في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية على النفط والغاز الروسي، تحولت الآن إلى الطاقة الخضراء والنووية.

وقد دعم مودي، الذي يقود أكبر ديمقراطية في العالم، بوتين من خلال جعل الهند واحدة من العملاء القلائل المخلصين للنفط والغاز الروسي طوال الحرب التي دامت عامين في أوكرانيا. 

وذكرت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس"، الثلاثاء، خلال زيارة مودي أن هناك محادثات مع روسيا لبناء 6 مفاعلات نووية جديدة عالية الطاقة في الهند، بالإضافة إلى محطات صغيرة للطاقة النووية.

وعلى الرغم من كل الجدل حول الطاقة النووية، فهي شكل من أشكال الطاقة الخالية من الكربون عند توليدها، وسرعان ما أصبحت جزءًا من استجابة العديد من البلدان لأزمة المناخ.

وهناك سباق عالمي لتزويد دول أخرى من العالم بالمحطات النووية والوقود، وروسيا هي الفائزة في العديد من النواحي.

وقالت الزميلة في مبادرة الأمن عبر الأطلسي التابعة للمجلس الأطلسي (أتلانتيك كاونسل) إليزابيث براو، لشبكة CNN: "من الناحية التجارية، روسيا ليست جيدة في صنع أشياء كثيرة، لكنها تمتلك موارد طبيعية، ولديها تقاليد نووية قوية تعود إلى العصرالسوفييتي، وهذا شيء يمكنها الاستفادة منه الآن".

وأضافت: "من الواضح أن الكرملين قرر أن هذه ستكون فكرة جيدة، وبعض الدول حريصة على توسيع إنتاجها من الطاقة النووية وكما هو الحال مع صادرات النفط، فإن الهند هي إحدى تلك الدول".

وتساعد هذه الهيمنة على الطاقة النووية بوتين على الاحتفاظ بمكانته على الساحة العالمية، حتى مع تجنب الولايات المتحدة وأوروبا له بسبب الحرب.

ومن الواضح أن مودي متمسك بتقاليد الهند المتمثلة في سياسة عدم الانحياز الخارجية التي تسمح لها بالتجارة مع روسيا في حين تظل صديقة للغرب.

وتظهر تلك الصداقة هنا لتبقى، فتعميق التعاون النووي بـ6 محطات أخرى لن يؤدي إلا إلى ربط البلدين لعقود قادمة.

وقد يستغرق بناء المحطات نفسها سنوات، ولكنها تتطلب أيضا صيانة منتظمة، وتحديثا تكنولوجيا، والتزود المستمر بالوقود باليورانيوم، الذي تمتلك روسيا الكثير منه.

الحظر الأمريكي على اليورانيوم الروسي

خسرت روسيا السباق في مجال تكنولوجيا الطاقة المتجددة لصالح الصين، وهي متخلفة كثيرا عن الولايات المتحدة في تحولها في مجال الطاقة، حيث طورت القليل جدا من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

لذا، فهي تراهن بشكل كبير على بيع الطاقة النووية في الخارج من أجل اكتساب الدخل والنفوذ، حيث تقدم كل شيء بدءًا من المفاعلات النووية التقليدية، والجيل القادم من المفاعلات المعيارية الصغيرة ووقود اليورانيوم المخصب المعروف باسم "هاليو"، والذي لا تنتجه أي دولة أخرى على أي مستوى ذي معنى حتى الآن.

وتدرك الولايات المتحدة مدى ضخامة هذه المشكلة، فإدارة بايدن، التي تحاول التنافس مع روسيا لبيع التكنولوجيا النووية في الخارج، قاومت في البداية استهداف اليورانيوم في عقوباتها الروسية لأن الولايات المتحدة كانت تعتمد عليه بشدة لإنتاج الطاقة النووية الخاصة بها.

وغيرت موقفها في مايو/أيار، عندما حظرت واردات اليورانيوم الروسي، وهي تسعى إلى تطوير صناعتها الخاصة بسرعة لإنتاج "هاليو" لتزويد مفاعلات الجيل التالي بالوقود.

وقال آلان آهن، نائب مدير البرنامج النووي والمناخ والطاقة في منظمة "الطريق الثالث"، وهي منظمة لأبحاث المناخ والطاقة مقرها واشنطن العاصمة: "روسيا تتصدر العالم في عدد مشاريع بناء المحطات النووية في دول أخرى، وكانت الحكومة الروسية نشطة للغاية في إدماج الشركاء الدوليين في التعاون النووي المدني".

وأضاف: "من الصعب بالنسبة للدول الأخرى أن تنفصل ببساطة عن مكانتها في السوق التي بنتها روسيا على مدى عقود من الزمن"، وتابع أنه من أجل الحد من نفوذ روسيا العالمي من خلال الطاقة النووية، تحتاج الولايات المتحدة إلى "تطوير منتجات قادرة على المنافسة تجاريا".

ومع ذلك، فإن القيام بجولة في سيارة كهربائية والتوصل إلى اتفاق لتعزيز الطاقة النووية كطاقة نظيفة، ليسا مؤشرين على أن روسيا أو الهند تخططان للتخلي عن الوقود الأحفوري في أي وقت قريب، أو أن أي منهما من القادة في الحفاظ على المناخ.

فالهند هي ثالث أكبر مصدر للانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على مستوى العالم، وتأتي روسيا في المرتبة الرابعة.

ومن المرجح ألا يستمرا في استمرار تجارة النفط والغاز فحسب، بل إنهما يتطلعان أيضا إلى الاستفادة من ذوبان الجليد السريع في القطب الشمالي، والذي يتدهور بسبب الاحتباس الحراري.

وناقش مندوبون روس وهنود، الثلاثاء، مواصلة استغلال طريق بحر الشمال، وهو ممر ملاحي أصبح أكثر جدوى بسبب ذوبان الجليد في القطب الشمالي، وهو طريق أسرع للانتقال من غرب روسيا إلى الهند بدلاً من الذهاب في الاتجاه المعاكس، ومن المتوقع أن يصبح خاليا من الجليد بحلول  2050.

ومن المفارقات أن نوع الطاقة التي يتم نقلها على طول هذا الطريق بين البلدين - الوقود الأحفوري - هو السبب الرئيسي لتغير المناخ.

وقالت براو إن "الهند براغماتية للغاية، وبصراحة، انتهازية إلى حد ما، وإذا كان بإمكانك تعزيز العلاقات مع روسيا في مجال لا يكلفك ذلك شيئا، فلا ضرر من القيام بذلك، ولا يمكن إلا أن يفيد الهند كونها جزءًا من تعاون أوثق في القطب الشمالي"، وأضافت أن الهند "تستفيد أيضا من معالجة النفط الخام الروسي، وهذا دخل إضافي جيد للهند لم يكن لديهم من قبل لذا فإن النهج الهندي هو: لماذا لا؟".